الملعب السوري.. بين صراع الأجندة وآلام الشعب

عزالدين ملا
يشهد هذا العام تطورات وتغييرات أكثر تعقيداً وخاصة في ما يتعلق بالعلاقات والتحالفات الدولية، والأرض السورية التي اصبحت ساحة صراع وتنافس كـ “ملعب” لمباراة رياضية، والقوى المتنافسة لا تعد ولا تحصى، حيث تختفي قوى وتظهر أخرى وحكما المباراة هم أمريكا وروسيا، وكما نعلم ان وظيفة الحكم في أي مباراة رياضية، هو الاشراف على فعالياتها والسلطة في اتخاذ القرارات وتطبيق القوانين وإعلان النتيجة من وجهة نظر محايدة. بحيث تقام المنافسة في إطار قواعد وقوانين اللعبة الرياضية، وقد يتخذ قرارات من شأنها أن تغير مجرى أحداثها.
وهذا ما يحدث داخل الأرض السورية، ولكن دون وجهات نظر محايدة من قبل الحكام الرئيسيين أمريكا وحلفائها الأوروبيين وروسيا، بالاضافة إلى الحكام الفرعيين تركيا وايران والدول الخليجية. وما هو معلوم ان النظام والمعارضة هما الفريقين المتنافسين داخل الملعب السوري، ولكن ما هو الخفي، ان أدوات وأجندات الدولتين أمريكا وروسيا هم اللاعبين المتصارعين لصالح مرؤوسيهم، أما الجمهور هم على جهتين، من جهة الشعب السوري المتهالك من جميع النواحي من تشتت وتشرد وضياع، والغير قادر على إقرار مصيره، منهم من بقيّ في الداخل ومغلوبون على أمرهم، لا يريدون سوى قوت يومهم والعيش بكرامة، ومنهم لاجئين في مختلف أصقاع الأرض يترقبون والمرارة تعتصر قلوبهم للعودة إلى وطنهم. ومن جهة أخرى منظمة الأمم المتحدة والدول القابعة تحت مظلتها الغير فاعلة سوى إصدار قرارات الغير قابلة للتنفيذ.
رغم كل هذا العدد الهائل من الدول المتداخلة والمتفاعلة في الشأن السوري، وما زال مصير شعبه ومستقبله مجهولاً، وكما بدأنا، بأن مهمة الحكم هو إدارة المباراة بكل شفافية ونزاهة وبموجب قرارات وقوانين رياضية، وبما أن الدولتان أمريكا وروسيا جعلا من أنفسهما شرطيان وحكمان على العالم، وما يفعلانها في سوريا يناقض كل المواثيق والعهود الدولية. روسيا التي تستخدم أعنف آلة عسكرية منذ الحرب العالمية الثانية، تحت مسمى محاربة الإرهاب، وما يجري على الأرض يناقض ما تعلنه، فقط الضحايا هم المدنيون العزل، ودمار مدن وبلدات عن بكرة أبيها، دون ان يلحق الأذى بأي إرهابي، بالرغم من إعلانهم ان المنطقة بؤرة إرهابية. وكذلك أمريكا التي تراقب عن كثب ولا يهمها سوى سيطرتها على منابع النفط، غير آبهة لكل ما جرى ويجري، أما تركيا التي تحاول بشتى الوسائل للسيطرة على المناطق الشمالية لسوريا، وحجتها المألوفة محاربة الإرهاب، ولكن ما تخفيه هو الحصول على حصتها من الكعكة السورية، وتوسيع نفوذها العسكري والاقتصادي في المنطقة.
يلاحظ المتتبع للشأن السياسي ان الملعب السوري أصبح مركزاً عالمياً لتصفية الحسابات وعقد مقايضات، التي يتم من خلالها حسم خلافاتهم في كثير من المناطق في العالم، كما في ليبيا والعراق وايران وحتى في أوروبا وأمريكا اللاتينية.
مباراة اللاعبين على الأرض السورية مباراة حاسمة ليس للشعب السوري بل لأمريكا وروسيا، فمن الأرض السورية يتم تحديد قوة أي طرف على حساب الطرف الآخر، أما الأدوات والأذرع هم الخاسرين إمَّا بالفناء أو بنقلهم إلى مناطق أخرى خارج الأرض السورية واستخدامهم كـ “مرتزقة”، وما الخاسر الأكبر هم الشعب السوري، الذي خسر كل شيء، لم يبقى له سوى الانتظار على أمل ان ينتهي هذه الحسابات والصراعات فوق أرض وطنهم، ويتركوا شأنهم، ويعود الأمن والسلام إلى ربوع بلدهم سوريا، فقط يتمنون ان لا يطول هذا الانتظار.   

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين

الان ولنا كلمة بعد انقضاء امد الدعاية الانتخابية او حلول الصمت الانتخابي ….

من الواضح ان الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان العراق : الحزب الديمقراطي الكردستاني ، والاتحاد الوطني الكردستاني قد دخلا مبكرا معترك الدعاية الانتخابية البرلمانية بكل قواهما البشرية ، والاعلامية ، حتى موعد اجرائها في العشرين من الشهر الجاري ، وقد وصلت نشاطات…

دلدار بدرخان

-مسعود البارزاني هذا الاسم الذي يتردد صداه في جبال كوردستان وسهولها ليس مجرد قائد سياسي عابر بل هو الزعيم والمرجع الكوردي الذي توارثته الأجيال واستودعته آمالها وتطلعاتها، و هو امتداد لتاريخ مجيد من النضال والتضحية، و حامل راية الكورد في كل معاركهم نحو الحرية والكرامة، و كما كان أسلافه العظام يقف البارزاني شامخاً صلباً…

أكد الرئيس مسعود بارزاني ، أن إقليم كوردستان قد حقق فخرا كبيرا بوصوله إلى مرحلة انتخاب نظام حكمه، معتبرا ذلك انتصارا ومنجزا عظيمين.

وقال بارزاني في كلمة له خلال مهرجان انتخابي ضخم في مدينة أربيل اليوم الثلاثاء ، إلى أن الانتخابات كانت مقررة قبل عامين، إلا أن بعض الأطراف وضعت عراقيل أمام العملية، مما أدى إلى…

شوان زنكَنة

قدّم حزبُ العدالة والتنمية مشروعَ قانون من 12 مادة، يتضمن تعديلاتٍ في قانون أصول الضرائب، تهدف إلى رفع حجم واردات صندوق الصناعات العسكرية، وبموجب هذه التعديلات، تمَّ فرضُ ضرائب على بطاقات الائتمان، ومعاملات كُتّاب العدل، ومعاملات الطابو، وكافة ضرائب الختم، وتهدف الحكومةُ من هذه التعديلات استحصالَ ضرائب مقدارها حوالي 80 مليار ليرة سنويا.. وسيتمّ العملُ بهذه…