أكثر من ثلاثة عشر عاماً مع موقع ولاتي مه: درب الأوجاع المشتركة

إبراهيم محمود 
رغم أنني ملتزِم بعبارة جان جاك روسو: أفضل عادة هو ألّا تمارس أي عادة ، وهو ما اَّتبعتُه في أغلب كتاباتي، دون أن أقيّمها، إلا أنني في جانب من علاقاتي، أجدّد هذه العادة. ولعل موقعنا “ولاتي مه” هو الشاهد الأكبر على عادتي هذه التي لم أجد لها مخرجاً، وأعتبرها داء، وهو داء صحّي، ومنشّط، خلاف محتواه. فما أذكره، هو أن أول مقال نشرته في هذا الموقع الأثير، كان “في ظل الجغرافيا المكتومة” بتاريخ 14 تموز 2007، ولا أستطيع إحصاء عدد المقالات التي نشرتها، إنما أعتبرها كثيرة “ألفية” وأكثر. ولو “قاضيتُ” الموقع، لكان لي تعويض كبير، من الصعب بمكان سدَاده، جرّاء هذه المتابعة، والكتابة في موضوعات مختلفة، وتعويضي ذاتي طبعاً، كما هو تعويض حرفة الكتابة المعنّاة بالنسبة إلى الزملاء الآخرين.
ما مناسبة هذه الكتابة؟ لا مناسبة، وثمة مناسبة. لا مناسبة، حيث ليس من جهة حفّزتني على كتابة مقال كهذا، وثمة مناسبة، لأن اليوم كما هو معلوم، يوم الصحافة الكردية، وسعي على الإسهام في هامش منه، وعلي أن أنوّه إلى أن ما كتبه الصديق إبراهيم يوسف ذكّرني بمقاله، بهذا الصدد، فكان هذا الحماس وهذا الدافع إلى تحرير مقال كهذا.
أعتبرني، من بين أكثر الذين نشروا في هذا الموقع، أكثر من أي موقع آخر، وهو بالكاد يُذكَر طبعاً. وهذا المتنفس المقدَّر، كما سمّاه الصديق يوسف، له دور يُشكَر عليه بالتأكيد. وهو يفتح أبوابه على مصراعيه لكتابات متنوعة، ولأجيال مختلفة. أحسب أن الذين تابعوا هذا الموقع، ولازالوا في صورة الحدث الطويل المدى، بالنسبة للذين نشروا باستمرار، والذين نشروا بشكل متقطع، والذين نشروا لبعض الوقت واختفوا، على الأقل، من خلال متابعة الأسماء .
بذلك، ترك الموقع أمر المتابعة والتقويم لقرائه، بعد أن ألغى صفحة التعليقات المباشرة، على ما كان يُنشَر، والتي أثارت ردود أفعال في غاية السلبية. طبعاً، ليس الموقع هو الذي يُلام، إنما طبيعة الذين لا يترددون في لسع أو لدغ هذا أو ذاك، من زوايا متطفلة على دائرة الكتابة الجادة تماماً. وهذا يضع موضوع الثقافة الكردية الفعلية على المحك.
ودون أن أنسى تعليقات معينة، على مقالات دون أخرى، وهو في غاية الإسفاف، مع أسماء مستعارة، وتعريفاً بالطبيعة النفسية المشوَّهة لهؤلاء، وهم لا يدَّخرون جهداً في السباب أو الإساءة الشخصية بالذات.
ودون أن أنسى أيضاً، تلك الطريقة المزاجية، وما لها من خلفية ثقافية بائسة في طريقة تقويم المقالات، أو حتى التعامل مع “عدّاد” المقالات، وما إذا كان الموقع لديه القدرة على معرفة “المتلاعبين” السيئين في هذا المضمار.
دون أن أنسى تلك التجربة التي استمرت لبعض الوقت، وهي تتعرض لسلسلة المقالات، باسم جماعي، ثم اختفت، أو تمت تنحيتها جانباً، وهو ما كان ينبغي، من وجهة نظري، إبقاء الباب مفتوحاً لها، والنظر في ما يمكن تحقيقه نقدياً تالياً.
وإذا كان لي أن أشير  إلى بعض النقاط، وبالنسبة للموقع، أي في حدود ما يمكن القيام به:
ممارسة ضبط أكثر لما يرد الموقع من مقالات أو كتابات، فلا أخفي أن هناك نوعية كتابات أو حتى ما يندرج في نطاق المقالات، دون المستوى المفترض توافره، ولست في وارد تسمية أي منها، لأن ذلك يتطلب متابعة ميدانية واسعة .
بالنسبة للموقع، لا يمكن اعتباره حيادياً إطلاقاً، وهذا ليس ذماً، إنما حقيقة ملموسة تاريخياً، ومقصدي من ذلك، هو أن من يشرف عليه، لديه حرية إبداء الرأي، بصورة دورية، ولو سنوياً، بالحديث عمن يتابعونه أو ينشرون فيه، وبالاسم، وما يترتب على ذلك من إظهار الذائقة الثقافية، أو حتى الرؤية الثقافية لمثل هذا التوجه .
وجل ما أتمناه، هو أن أرى في القريب العاجل، جدَّة أكثر، نشداناً للأفضل للموقع إخراجاً ونوعية موضوعات وعلاقة.
وقد بات الموقع إضافة نوعية إلى الثقافة الكردية وهو بحضوره النوعي. إن تخيل حجْب الموقع، صعبٌ تحمّله بما لا يقاس. وهذا ما لا نتمناه نحن : نزلاء الموقع !

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…

شادي حاجي في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم. كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟ ورغم أن الدول هي التي تمنح…