انانية القائد الحزبي الكوردي الكارثية

صالح جعفر
ان اهم ما يميز معظم الشخصيات الكاريزمية التي تولت القيادة في أحزابها عبر الفوز بالانتخابات او عبر الانقلاب على أمينه العام و تولي القيادة مكانه هي الانانية القاتلة التي دفعتهم الى نتائج كارثية على مسيرة الحزب الذي وجد أصلا كوسيلة لنيل حقوق شعبه المظلوم .
يبدا مسيرته الى دفع الحزب الى الامام عبر الآراء و الأفكار و المشاريع الجديدة و الجريئة التي تقضي على حالة الركود و الجمود الذي يعيشه الحزب او التنظيم او الحركة التي يقودها و قد يحقق في عهده نشاطاً و تطورا ملحوظا و تتسم المرحلة ببصماته و يزاع صيته و شهرته و يصبح قائدا للمرحلة .
و ما ان يثبت (القائد !) أقدامه حتى تبدأ المصيبة على رأس الرفاق و الحزب المسكين كما يقال في العامية ! لان الحزب الذي يتوسع جماهيريا و يحمل مهام المرحلة و يحقق النجاحات يترتب عليه استحقاقات و يتوجب علية مواكبة هذا التطور و هذا يعتمد على الطاقم القيادي المرافق لقائد الحزب و الذين يتحملون اعباء المرحلة و نتائجها عبر تضحياتهم الجبارة في الخطوط الأمامية و نتيجة نضالاتهم يحتاجون الى خطط جديدية لتواكب حجم و نوعية المرحلة التي تتنظر الحزب و من هنا يبدا هؤلاء بمناقشة القائد و طرح الأفكار عليه و انتقاده على خططه الغير مجدية احيانا بسبب بعده عن الخطوط و أفكاره النظرية التي لا تواكب ضرورة المرحلة نتيجة تطور الحزب القومي و الوطني او الإقليمي .
هنا تبدا الكارثة ! بدلا من ان يشجع هذا ألقائد طاقمه المناضل و المبدع و الجرئ و يتحاور معهم و يوضح لهم الحقائق و المصاعب و المؤامرات و استحقاق المرحلة ليصل معهم الى القرارات السليمة التي تحافظ على الحزب و تطوره و تقدمه و ملائمة المرحلة الجديدة يبدأ بالتوجس و التفكير بالتخلص منهم عبر شتى الوسائل ليستثمر هذه التضحيات لوحده، و الأبشع حين يبدا باستثمارها لمصلحته السخصية و يتحول الى أناني و دكتاتور و اداة مفترسة لابعاد و اكراه و بعثرة (وتصفيتهم احيانا ) و طرد رفاقه المناضلين و المخلصين الذي أوصلوه الى مرحلة الصيت و الشهرة .
و يبدا القائد ! باللجوء الى الضعفاء و الانتهازيين في الصفوف الخلفية للاعتماد عليهم للتصفيق له و تمجيده و تمديد فترات تشبثه بالكرسي و من ثم تثبيته قائدا أبديا .
و شيىا فشيىا يتحول الحزب الى كيان هزيل (طبعا هنا يستثنى الأحزاب التي تعتمد على تمويل خارجي او استخباراتي ) لا حول و لا قوة له بعد ان يتشذى و ينقسم و يفقد طاقاته المناضلة و تصيبه اليأس و الضعف و التراجع .
لكن القائد لا يأبه بذلك لان الانانية و الكرسي و الشهرة تعمي بصيرته بحيث لا يهتم و لا يرى تراجع الحزب و لا يأبه بفقدان رفاقه المناضلين بل و حتى ينكر تضحيات و نضالات المؤسسين الأوائل منهم فقط لانهم اختلفوا معه على ما كان يجب فعله للحفاظ مسيرة حزبهم النضالية .
القائد المناضل الحقيقي هو الذي يشجع و يساند و يحافظ على رفاقه الشجعان و الجريئين المخلصين و يقويهم لكي يتقوى بهم و يبقى قائدا لهم و بهم ليخلد التاريخ اسمه.
هذا مع الأسف ما افتقده قادة الأحزاب الكوردية التي لعبت دورا هاما في التاريخ الكوردي بل و حتى انتقلت هذه العدوى الى الأحزاب الضعيفة و الصغيرة منها ايضا
هؤلاء القادة ! بأفعالهم هذه أنتجوا يأسا و حسرة و الم و جرح عميق (ما عدا المادية و الاجتماعية ) لدى هؤلاء الكوادر و المناضلين و عوائلهم و عموم جماهير المحبة للكوردايتي لا يمكن شفائه أبدا و سيرافقهم الى ان يرحلوا تاركين ذكرى طيبة في وجدان وقلوب رفاقهم و جماهيرهم .
و رغم كل ذالك بقي هؤلاء متمسكين بذلك الكرسي الهزيل و لم يعترفوا بأخطائهم و لا بفشلهم و ضعفهم حتى نهايات حياتهم البائسة !
30-04-2020

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…