في الاتفاق الداخلي الكوردي.. وانعكاسه على الاتفاق الخارجي

عزالدين ملا
الشعب الكوردي في كوردستان سوريا في ترقب مستمرّ لما ستؤول إليه الأحداث في المنطقة، فتراهم يبدون اهتماما بكل حدث على مستوى العالم متأملا حدوث أي تغيير لظروفه.
خلال الانتخابات الأمريكية، الشعب الكوردي كان يترقب التطورات الانتخابية الأميركية يحللون السياسة الأمريكية عند نجاح أي المرشحين، حتى وصل بهم الحال أن يتركوا أشغالهم وأعمالهم ليتابعوا آخرالتطورات في أمريكا، انتهت الانتخابات وفاز جو بايدن ليكون الرئيس 46 في أمريكا.
دون أن يعلموا أن الاستراتيجية الأمريكية في السياسة الخارجية مرسومة وفق خطط تم وضعه من قبل كبار خبراء السياسة في الإدارة الأميركية ولا يمكن لأي رئيس المساس بها، فقط لديه الصلاحية بطريقة وأسلوب تنفيذه.
الكورد يتركون التفكير في سياسته وخططه المستقبلية ويلتهون بعرض مناظراتهم وتحليلاتهم في مسائل لا تمتُّ الكورد لا من قريب ولا بعيد، نحن ومنذ القدم نترك أنفسنا ولا نبحث عن حلول تخلّفنا وتراجعنا عن شعوب المنطقة بل نعمل دائما على تحليل وتنظير سياسات الغير وكيفية معالجة مشاكل الغير وتقدمه.
لو قدّمنا وتعبنا على التفكير بأنفسنا وتقدم مجتمعنا مقارنةً مع لهفتنا لما سيحدث في مجتمعات الغير لَكنّا الآن أصحاب عزٍّ وقوة.
شعبنا شعبٌ حيوي وقابل للتجدد والتقدم لِما لديه من عنفوان وإرادة قد لا نجده عند معظم شعوب المنطقة، ولكن طريقة استغلال هذه الحيوية لا يخدم مصلحته.
إن ما نقوم به كـ شعب كوردي من تخوين بعضنا البعض يخدم العدو دون أن نعلم ودون أن يدّخر العدو الكثير من التعب والجهد. لذلك فالخلل الذي جعل من الكورد دون كيان موجود داخل الجسم الكوردي، في عقله وتفكيره وطباعه. 
الكورد معروف وحسب ما أكده معظم المستشرقين الذين زاروا المناطق الكوردية في الماضي، وما لمسه الدول الآن، أن الشعب الكوردي شعب يحمل في طياته التسامح والحب والرحمة، هذه الصفات لا يمكن إيجاده عند شعوب المنطقة من عرب وفرس وترك، ولكن ما لمسوه أن هذه الصفات لا يطبقونه سوى على الغريب، أي أنهم مع بني جلدتهم، وجدوا الحقد والحسد والأنانية، لذلك الدول الكبرى تتردد في التعامل مع الكورد، لأنهم يثقون بهم من حيث المبدأ، يمكن الاعتماد عليهم لفرض الهيمنة والاستقرار في المنطقة، ولكن خوف هذه الدول من أنانية الكورد على أخيه الكوردي قد يسبب له الكثير من المشاكل هم بغنى عنها.
وما على الكورد سوى أن يُدخِلوا الثقة والحب والتسامح فيما بينهم لكي يجعل الدول تنظر إليهم بعين الاعتماد، فهم أي الكورد الآن قاب قوسين أو أدنى لتحقيق حلمهم المنتظر في العيش ضمن كيانهم بدولة مستقلة إن عرفوا كيفية استغلال هذا الظرف لصالحهم.
إن لم تكن متفقا داخليا لن يكون لك اتفاق خارجيا، فمن المهم أن نبني البيت الكوردي من الداخل وبعدها مد اليد للجوار، فالكورد أمام فرصة لا يمكن تكرارها إلا كل مئة عام، وهذه الفرصة خسرناها قبل مئة عام ولهذا السبب، والمطلوب وواجب علينا كـ كورد أن لا نخسرها الآن.   

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…