سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي الموقَّر رئيس جمهورية مصر العربية.
بمزيد من التقدير و الاحترام أتقدم إليكم ناقلاً لكم تحية و احترام ما يقرب من مليون كردية و كردي هم سكان عفرين و ريفها المبتلية باحتلال تركي بغيض، منذ ما يزيد على سنتين و نيِّف، الذي نشر فيها مرتزقته من ميليشيات الائتلاف الإخواني الفاشي، الذين يرتكبون مع جيش الاحتلال التركي أفظع الجرائم في عفرين و ريفها.
سيادة الرئيس.
في صبيحة اليوم العشرين من يناير من عام 2018، رددت عشرات الآلاف من المساجد في تركيا سورة “الفتح”، دعماً و تشجيعاً للسلطان العثماني الجديد و حليف داعش رجب طيب أردوغان و جيشه و مخابراته لـ”فتح منطقة عفرين”الكردية السورية، لكأنه يوجِّه جيشه إلى غزو بلد كافر، يريد فتحه و نشر الإسلام في ربوعه و بين ناسه. لقد ثبُتت علاقة أردوغان بداعش من خلال مظاهرة لمرتزقة الائتلاف السوري الإخواني الذين يُسمُّون الجيش الوطني السوري، و جنود الاحتلال التركي تنديداً بالرئيس الفرنسي و تأييداً لأردوغان، يوم أمس الموافق 25. 10. 2020 في مدينة رأس العين الكردية السورية المحتلة، حيث رفعوا في المظاهرة علم داعش و صورة أردوغان جنباً إلى جنب. .
لقد اجتاح الجيش التركي منطقة عفرين في صبيحة ذك اليوم، وشنَّ حربه الظاالمة حتى الثامن عشر من مارس من العام نفسه، فاحتلت قواته مدينة عفرين بعد أن استولت على (366) قرية و ستِّ نواح إدارية هي: بلبل و خربة شرّان و المعبطلي و راجو و جنديرس و شيخ الحديد، ليبدأ بعد ذلك سلسلة من جرائم القتل و التدمير و الحرق و السبي والخطف و الابتزاز و الاغتصاب.
و قد أدّى ذلك إلى نزوح أكثر من ثلاثمائة ألف من سكان المدينة و ريفها، جُلُّهم عجائز و نساء و أطفال، مشردين في العراء، في مخيمات تفتقر إلى أدنى المعايير الإنسانية، يفترشون الأرض و يلتحفون السماء. أما مليشيات ما يسمّى بالجيش السوري الحرالتابع للائتلاف الإخواني السوري الفاشي و جنود الاحتلال التركي البغيض، فقد انتشروا في القرى و النواحي و مدينة عفرين يكفِّرون الناس و يمنعون النازحين من العودة إلى قراهم و بيوتهم، و مَن غامر منهم في العودة إلى قريته خلسة أو بدفع مئات آلاف الليرات السورية لأولئك المرتزقة، يمنعونه من الدخول إلى بيته الذي أسكنوا فيه المستوطنين الذين استقدموهم من القلمون و غوطة دمشق وحمص و حماة و أدلب و دير الزُّور و غيرها من المناطق السورية، و معظمهم من التركمان، و ذلك في عملية تغيير ديموغرافي ممنهج، حتى تناقصت نسبة الكرد في المنطقة إلى (30%) بعد أن كانت (97%). و لم تكتف تلك الميلشيات بذلك فحسب، بل منذ اليوم الأول لدخولهم إلى القرى، بدأوا في النهب و سرقة ممتلكات الناس، حتى الدجاج لم يسلم منهم.
كان يوجد في عفرين المدينة و الريف 250 معصرة لعصر الزيتون و استخراج الزيت، نهبوا منها 60 معصرة بعد أم فكَّكوا آلاتها، و أدخلوها إلى تركيا، و لم يبق منها سوى البناء الذي لم يسلم منهم أيضاً، لأنهم أعملوا فيه التخريب و التدمير.و كان في المدينة 18 مصنعاً لاستخراج زيت الصابون من البيرين (مخلَّفات الزيتون بعد عصره) ، طالت يد النهب و التدمير سبع مصانع منها، و كان فيها 12 مصنعاً لصناعة الصابون، طالتها جميعاً يد النهب من قِبَل تلك الميليشيات و جيش الاحتلال التركي.
أضف إلى ذلك جرائمهم المستمرة منذ اليوم الأول للاحتلال و الاستيلاء دون توقف، وهي جرائم القتل و السرقة و الخطف والابتزاز و السبي و الاغتصاب، و إجبار المتبقين من العفرينيين في قراهم على تزويج بناتهم منهم، حتى إن كانت الفتاة مخطوبة، فيجبرونها و أهلها و خطيبها على فسخ الخطوبة، و من يرفض، يتعرض للقتل.
يقوم أفراد تلك المليشيات باختطاف الناس رجالاً و نساءً، ثم يطالبون ذويهم بدفع الفدية عشرات الآلاف من الدولارات الأمريكية أو ملايين من الليرات السورية. و اليوم نحن في موسم قطاف الزيتون، يمنع أفراد تلك الميليشيات الناس من جنْي محصولهم مما تبقَّى من أشجار الزيتون، بعد أن قطعوا الآلاف منها للتدفئة و بيع الحطب، و يَجْنون المحصول لأنفسهم، يشترك معهم جيش الاحتلال التركي الذي ينقل الزيت الكردي العفريني إلى تركيا لبيعه و تصديره تحت مسمى (الزيت التركي) إلى أوربا، التي تحدثت صحافتها في السنة الماضية عن مبلغ 120 مليون يورو هو قيمة الزيت العفريني الذي صدَّرته تركيا إلى أوربا.
كل هذا يحدث بدعوى أن هؤلاء الكُرد كُفَّار، و أموالهم غنائم حلال لهم، و نساءهم سبايا، و ذلك بعلم من السلطان العثماني الجديد رجب طيب أردوغان نفسه.
يُضاف إلى هذه الجرائم، أن المحتل التركي عمل منذ اليوم الأول للاحتلال على تتريك المنطقة، فمنع اللغة الكردية و رفع علمه التركي على المباني الحكومية، وفرض اللغة التركية على المدارس و ألغى البطاقة الشخصية السورية، و أصدر بدلاً عنها بطاقة أخرى تابعة للائتلاف السوري، الذي يهيمن عليه تنظيم الإخوان المسلمين. و النظام السوري بقي و مازال صامتاً، لم يتقدم بأية شكوى إلى الأمم المتحدة أو مجلس الأمن.
إنهم يفترون على الله و على رسوله الكريم، ينهبون و يخطفون و يقتلون و يَسْبون و يغنمون باسم الإسلام، و تحت مسمًى (مجاهدون). و ينسَوْن أن الإسلام حرَّم القتل من غير حق في قوله تعالى ” مَنْ قَتَلَ نَفْسَاً بِغَيْرِ نَفْسٍ أوْ فّسَادٍ في الأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَميعَاً ” (المائدة 32).
لا أطيل عليكم، سيادة الرئيس، في سرد جرائمهم، فهي كثيرة و متنوِّعة ما بين السلب و خطف الناس و تعذيبهم، و قتل من لا يدفع أهله الفدية و سبي النساء و اغتصابهن بدعوى هن نساء الكُفَّار، و قد أحلَّ الإسلام للمجاهدين سبيهن، مع العلم أن أغلب سكان المنطقة (حوالي 97%) كرد مسلمون معتدلون في إسلامهم، يؤدون الفرائض من صلاة و صوم وزكاة و حج إلى بيت الله.
سيادة الرئيس.
لقد تناسى أردوغان و رهطه من الائتلاف السوري الإخواني الفاشي المدجَّن تركياً و مرتزقتهما ، أن لولا الجهود العظيمة التي بذلها الشعب الكُردي في الدفاع عن الشرق الإسلامي على امتداد القرون الماضية، لكانت الصلبان تتأرجح اليوم في أعناق الكثيرين ممّن يحتلّون أرض الكُرد باسم الإسلام، ويستبيحون الدم الكُردي باسم الأخوّة الإسلامية، ويصابون بالجنون لمجرّد ذكر اسم الكُرد و كردستان.
و تناسى الاتئلاف السوري الإخواني المقاومة الكردية ضد الاستعمار الفرنسي دفاعاً عن الدولة السورية و جغرافيتها منذ اليوم الأول، تناسى أن أول رصاصة أُطلقت في الشمال السوري في وجه القوات الفرنسية الغازية كانت من بندقية ذلك الكردي النبيل ابن عفرين محو إيبو شاشو، وأن مَن تصدى للقوات الفرنسية الغازية في بطاح ميسلون بالقرب من دمشق هو ذلك الكردي النبيل وزير الدفاع السوري آنذاك يوسف العظمة، الذي كان يدرك أن قواته لا تستطيع ردَّ الغزاة، ولكنه أبى أن تدخل القوات الفرنسية دمشق من غير مقاومة، فسقط شهيداً، بينما غيره رفعوا سيارة القائد الفرنسي غورو على الأكتاف عند مشارف دمشق، و أن مَن أعلن الثورة على الاستعمار الفرنسي في جبل الزاوية بالقرب من مدينة ادلب هو ذلك الكردي النبيل إبراهيم هنانو، الذي رفض إغراءات الغزاة الفرنسيين بإقامة منطقة حكم كردي في الشمال السوري، و ضحَّى بكل ما يملك من عقارات و أراض في سبيل الوطن السوري، و أن أول مَن رفع العلم السوري على مبنى البرلمان السوري هو ذلك الكردي النبيل ابن عفرين أحمد بارافي، و أن جمجمة ذلك الكردي النبيل ابن قرية ” كوكان ” العفرينية سليمان كوكاني الكردي، الذي نسبوه إلى حلب زوراً، و الذي طعن الجنرال الفرنسي كليبر في القاهرة، مازالت معروضة في المتاحف الفرنسية.
سيادة الرئيس.
ما يقرب من مليون كردي مسلم في جبل الكرد / عفرين يستغيثون، فلا يجدون مغيثاً بين أكثر من مليار مسلم و سبع و خمسين دولة إسلامية في العالم. إنهم يستذكرون العلاقات التي ربطت بين الشعبين المصري و الكردي، التي دشنها أسلاف الكرد الميتانيون و فراعنة مصر في الألف الثانية قبل الميلاد، و يستذكرون القامات الأدبية و الفكرية المصرية من أصل كردي، يلجأون إليكم، يضعون أملهم فيكم، لتفعيل قضية الاحتلال التركي لعفرين و غيرها من المناطق السورية ادلب و جرابلس و الباب و تل أبيض و رأس العين في المحافل الاقليمية و الدولية، لطرد الاحتلال التركي مما يقرب من 30% من الأرض السورية. و تقبَّلوا فائق الاحترام و التقدير سيادة الرئيس.
حيدر عمر
رئيس لجنة جائزة الشاعر و السياسي الكردي عثمان صبري للصداقة بين الشعوب.
ألمانيا / مدينة هانوفر في 26. 10. 2020
Heyder Omer. Imhoffstr 1A. 30853 Langenhagen. Deutschland.
heyder52@hotmail.de Tel: 00491797535369
( أرفقت بالرسالة 18 صورة توثِّق جميع جرائم الاحتلال التركي و مرتزقة الائتلاف)