مروان سليمان
كثر في الآونة الأخيرة الكثير من الألقاب التي يستعملها الفيسبوكيين كالناشط و السياسي و المعارض و المناضل و برفقتهم الكثير من الذين تهربوا من تلك الساحات و وقفوا في طابور الذين استنفذت سنوات سقوطهم و رسوبهم في الحياة السياسية و الإجتماعية دون أن يوضحوا و لو لمرة واحدة بأنهم فشلوا في كل تجاربهم و معاركهم و نضالاتهم الوهمية التي خاضوها أو مازالوا يخوضونها، إنهم لم يعودوا يصلحوا لأنهم تجاوزوا سنوات الرسوب المسموح بها و لا بد من وضع النقاط على الحروف بأن الحياة السياسية فشلت فشلاً ذريعاً طيلة المدة الماضية و يجب إغلاق الملفات و الأبواب أمام الذين نصبوا أنفسهم رموزاً و مناضلين و يمارسون النفاق السياسي في كل القضايا السياسية التي خاضوها على مر السنين و في مقدمة هذا الفشل كسب ثقة الناس و إحترامهم،
إذ لا يمكنك من ممارسة هذه الحالة بدون دعم من قطاعات واسعة من الشعب الذين يؤمنون بإخلاصك و وفائك و وجهة نظرك السياسية ، و كان العكس هو صحيحاً إذ تم الإعتماد على الدعم الخارجي المادي فقط و لذلك فشل الحزبيون و الناشطون و المعارضون لأنهم إلتهوا بجمع الأرصدة و سحبها و الإعتماد على الإيرادات و بذلك هدموا جدار الثقة بينهم و بين جموع المساكين المغشوشين من الشعب.
في الثورات و منذ اللحظة الأولى يبحث الشارع عن حزب أو حركة سياسية يخدم المواطنين لكي يدفعهم إلى الإلتفاف حوله أو حتى شخصة قوية يستطيع أن يجمع الناس و يبني بذور الثقة بينهم و لديه ممارسة سياسية و منهج و رؤية و لكنهم حتى الآن لم يجلبوا سوى خيبات الأمل و اليأس و دفعات من الأموال و جروا خلف مصالحم الشخصية و خلف الحسابات البنكية و حتى أحياناً لصالح تيارات أخرى و طبعاً كل ذلك تحقق لهم على حساب الوطن، و بنفس المنطق و الطريقة أصبح الناس يكرهون كلمة الديمقراطية و الحرية عندما جعلوها سلاحاً غداراً لطعن الشعب و ليس من أجل الدفاع عنه، و من كان يمشي على هواهم و مزاجيتهم فهم عظماء و فطاحل أما إذا كانوا في الطرف المقابل فإنهم جموع الرقص و التصفيق حتى أن الناس أدركوا لعبتهم التي هي مربوطة بمصالح أناس بعيدون عن الوطن و الوطنية.
لم يتعظوا من التجارب الماضية و لا من الفشل السياسي الذي مروا فيه و لم يستفادوا على الأقل من تجارب غيرهم بل التاريخ يكرر نفسه مرة تلوى الأخرى بالعودة مجدداً إلى ذلك الفشل و بنفس المنطق و الأسلوب و كأنهم أدمنوا على الفشل و تعودوا عليه أو أنهم لا يعرفون إلا نفس المنهج الفاشل، فهم يتعاملون مع ما هو مطلوب في هذه المرحلة من تضحيات جسيمة مثل التغييرات التي طرأت على العالم خلال الفترة الأخيرة و لكنهم يأبوا إلا أن يتعاملوا معها بنفس منطق فشلهم في جميع المحطات السياسية التي خاضوها في جميع المراحل منذ التأسيس إلى هذه المرحلة من اليأس الذي وصلنا إليه بل زادت عليها الوصايات و الرفض و التخوين و المقاطعات قبل أن يعرفوا حقيقة الوضع أو شرح تلك الحقيقة للناس على أساس أنهم يمارسون الديمقرطية التي طالما يتغنوا بها رافعين شعاراتها للحوارات و المشاركات الوهمية.
لقد أفسد البعض كل شئ من الأحزاب و الحركات السياسية و عملوا على إضاعة كل الفرص التي أتيحت لهم و لكنهم أكملوا عليها بحرق الأرض و إتلاف كل الأساليب الممكنة لتحقيق الأهداف المرجوة و قطعوا بذلك كل جسور التواصل و فقدان الثقة و عملوا على طرق الأبواب من أجل الدخول السريع إلى فكر و عقول الناس و مع الأسف أساؤوا استغلال الأدوات المتوفرة حتى أن البعض أصبح إعتراضهم مجرد إعتراض مشككاً بالنوايا و جعلوا من أنفسهم مكاناً للسخرية.
و للتغطية على الفشل السياسي يلجأ إلى اللعب على الأوتار القبلية و المذهبية و العصبية و الولاء و الآن تدخلت المناطقية في ذلك مما زاد على الخلافات خلافاً و هذا يعني بأننا على أعتاب الإنغماس التدريجي في الطائفية الذي توظف جميع الطاقات الدينية و المذهبية و المناطقية و الحزبية فيها و قد لا يكون الغرض من هذه الصفات القيام بتحقيقها على أرض الواقع و إنما من أجل تغليب المصالح الذاتية و تحقيقها عن طريق طرح مثل هذه الشعارات أو التهرب من المواجهة و المسائلة القانونية أو من أجل إسقاط المنافسين لهم في معارك قيادة الدفة و لكنهم يتجاهلون الإنكماش الجماهيري و زرع بذور التخلف الإجتماعي و تربص الأعداء.
مروان سليمان
السلك التربوي-المانيا
13.12.2020