إقليم كردستان العراق وواجب حق الضيافة على الأقل

 إبراهيم محمود
أتحدث كما أكتب هنا كإنسان، وليس ككردي، حين أشير إلى حق المكان في ذمة ساكنه، وواجب الدفاع عنه وحمايته، لأجله، لأجل حياته وحياة أهله ومن له صلة به. أما حين يكون الكلام أو الكتابة باسم الكردي، فحق المكان مضاعف، وواجب حمايته مضاعف بالمقابل.
ليس للكردي إلا الكردي إذاً، حين يحدق به خطر، أن يوجَّه إليه شرر!
أقول ذلك، وأنا ، كغيري من المقيمين في إقليم كردستان العراق، كرداً، أو مهما كان نوع إقامتهم، فهم لائذون به، من حرب ما زالت مشتعلة سورياً، أتابع ما يجري منذ أيام في محيط محافظة السليمانية، من أحداث ومخاوف أن يتسع حريقها أكثر فأكثر، وهذا ما يتمناه كل من يفكّر في حماية مكان إقامته حباً بأهله، وتقديراً لمنت آوه، وهناك من ينسى قاعدة الضيافة وأخلاقيتها، وما ينبغي على الضيف من حق احترام المضيف، وحمايته، لأنه يحمي نفسه بذلك.
نعم، من حق أي كان أن ينتقد، أن يعبّر عن موقفه ضد خطأ هنا أو هناك، ضد فساد هنا أو هناك، أن يرفع صوته ضد من يمارس فساداً. إنما هناك خط لا أعتقد أن أي غيور على مصلحته، قبل كل شيء، وليس مصلحة أهل المكان، بمختلف مستوياتهم ومراتبهم، براض ٍ، أن يتعرض لخطر لا يعرَف ما هي حدوده وكِلَفه، سوى أن الجاري في محيطنا يعلِمنا أنه قد يكون مهلكاً، لأن الذي يجري يتهدد أمناً، للكردي المقيم، كما هو للكردي من أهل المكان، له نصيب منه، وتلك بداهة البداهات. من هنا يكون التزام اليقظة، ومواجهة كل من يهدده في أمنه، وأمن الذين آووه وحموه ووفّروا له الأمان، وما يتدبر به أمره، واجباً أخلاقياً. 
وكل ما استفحل خطر، أو استشرس شرر، من واجب الكردي أن يشد في أزر كرديه، ليس كراهية للآخرين، إنما دفعاً للآخرين ممن يبيّتون عداء للكردي، وتأكيد حب الكردي للكردي.
في إقليم كردستان، حيث يقيم مئات الألوف من الكرد من خارجه، ومنذ سنوات، لعلهم ليسوا في حاجة مني، أو من أي كان، ليعلّموهم درس الكردية، أو حماية بيته الكردي، الذي يقع في محيطه الجغرافي الكردي، هنا يكون الكل مسمَّى، والجزء منضو ٍ فيه.
نعم، أنا في منتهى اليقظة، ولهذا أشدد على كلمتي، كإنسان وككردي، يقدّر حق الضيافة، رغم أن ذلك لم يفرَض علي هذا الحق، لكنه مقدَّر، وعلي أن أعززه في نفسي، وشخصي وقولي.
إقليم كردستان العراق في وضعه الحرج ليس وطن أصلانييه في الحالة المذكورة، إنما وطن كل المقيمين فيه، بيتهم المشترك، وخندقهم المشترك رداً لأي خطر يتهدده من أي جهة كانت !

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…

شادي حاجي في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم. كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟ ورغم أن الدول هي التي تمنح…

  نظام مير محمدي * شهد البرلمان الأوروبي يوم العاشر من ديسمبر/كانون الأول، الموافق لليوم العالمي لحقوق الإنسان، انعقاد مؤتمرين متتاليين رفيعي المستوى، تمحورا حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في إيران وضرورة محاسبة النظام الحاكم. وكانت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، المتحدث الرئيسي في كلا الاجتماعين. في الجلسة الثانية، التي أدارها السيد ستروآن ستيفنسون،…

المهندس باسل قس نصر الله بدأت قصة قانون قيصر عندما انشقّ المصوّر العسكري السوري “فريد المذهّان” عام 2013 — والذي عُرف لاحقاً باسم “قيصر” — ومعه المهندس المدني أسامة عثمان والمعروف بلقب “سامي”، حيث نفذ المذهان أضخم عملية تسريب للصور من أجهزة الأمن ومعتقلات نظام الأسد، شملت هذه الصور آلاف المعتقلين بعد قتلهم تحت التعذيب وتعاون الإثنان في عملية…