صالح جانكو
الى كل من راهن أو مازال يراهن على ما كانت تسمى بالمعارضة السورية بكافة رموزها من تنظيمات أو هيئات سياسية أو شخصيات اعتبارية اجتماعية، وثقافية واكاديمية و فنية.
فقد تكشف ذلك الغطاء الشفاف عنهم وسقطت ورقة التوت التي كانوا يتوهمون بأنها كانت تخفي عوراتهم المكشوفة أصلاً، وتبين مدى حقدهم وكراهيتهم للكرد كشريك تاريخي تقاسمَ معهم مرارة الظلم. وفي الكثير من الأحيان دفع عنهم ضريبة مقاومة الاستبداد و النضال ضده، والذين يشكلون ثاني قوميةٍ في البلاد.
فها هم فرسان هذه (المعارضة) بكافة أشكالهم ،ولأول مرة يجتمعون على رأي واحد رغم خلافاتهم واختلافاتهم المذهبية والفكرية حيث لا جامع بينهم سوى حقدهم وكراهيتهم للكرد و رفض اية بادرةٍ قد توحي بأي اتفاق كردي – كردي، شأنهم في ذلك شأن كافة الأنظمة الغاصبة لكردستان (تركيا، ايران، العراق، سوريا) على الرغم من العداء التاريخي بينهم عقائدياً و مذهبياً، إلا انهم جميعا كانوا يجتمعون على طاولة واحدة وبشكل دوري و يتفقون للتآمر على الكرد والتنسيق الامني فيما بينهم و وضع الخطط وتبادل المعلومات بالمقايضة كل حسب مصالحه .
وقد مارس الجميع كل أنواع القهر والتهجير و في بعض حالاتها وصلت الى حد ممارسة الإبادة الجماعية بحقهم وحرق القرى وقتل وتهجير سكانها .
هذه (المعارضة) نراها وقد تماهت بممارسات هذه الأنظمة التي لازالت تعادي طموحات الشعب السوري بكل فئاته وشرائحه في الحرية والعيش المشترك.
هذه (المعارضة )التي تشكلت من يتامى البعث و مخلفات الشوفينية العربية و الأيديولوجيات الشمولية بكافة أشكالها، والتي مهما ادعت و تلونت وحاولت خداع وإقناع الآخر بعمق خطابها التنظيري النظري وإظهرت نفسها بمظهر المعارض لقيم القهر و التسلط. إلّا ان جميع أقنعتها تتساقط حينما تعيش وهم السلطة و تصبح وجهاً لوجه امام استحقاقات ذلك الخطاب النظري الادّعائي بقيم الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية و حقوق الآخر المختلف عنه والذي يمثل (الكرد) في حالتنا هذه. لذلك نلاحظ عمق الهوة بين التنظير و الممارسة الفعلية لهذه القيم والأفكار، مجسدة بذلك عمق المأساة التي أصبحت تلاحق انسان هذه المجتمعات و الفئات الاجتماعية التي تدّعي هذه (المعارضةُ )تمثيلها و الدفاع عن حقوقها. هذه الفئات التي كانت ولازالت تعاني من مصادرة انسانيتها و هدر قيمتها الوجودية كبشر لهم الحق في الحياة.
هذه (المعارضةُ )بكافة رموزها لم ولن تتمكن من التخلص من شعورها بالدونية و عدم قدرتها في التعبير عن نفسها ككيانٍ ذو ملامح و منهجية واضحةٍ نابعةٍ من مصلحة الفئات التي تدّعي تمثيلها، لذلك أصبحت سلعةً رخيصةً في سوق العمالة للدول الإقليمية و أصحاب الأجندات و المصالح و المنتفعة من تدمير سوريا. لذلك وجدنا ما تسمى بالمعارضة السورية (كيانات و أفراد) قد ارتهنت و أرهنت ذاتها لأعداء سوريا مقابل أثمانٍ ماديةٍ بخسة.
كما أسلفنا بأن هذه المعارضة هي سليلة حالة القهر و التخلف و العنف، لذلك فإن تجاوز هذه الحالة ليس بالأمر السهل عليها، نظراً لرسوخ آثارها في الأغوار السحيقة لنفوس المتعرضين لها.
فالخطابات الاستعراضية و الممارسات الشكلية للديمقراطية و ادّعاء احترام الآخر لاتكفي. لذلك وجدنا بأن كل الرموز و النخب الثقافية و الاجتماعية لهذه (المعارضة) لم تتمكن من تجاوز التشوهات النفسية في ذواتهم والتي تجسدت في سلوكياتهم وخطاباتهم التي كانت تعجُّ بالحقد و الكراهية و رفض الآخر. وكان هذا البيان أفضل تجسيد للحالة المأزقية التي يعيشونها على كل الأصعدة. لذلك نجدها مشتتة متأرجحة متخبطة في تحالفاتها و علاقاتها. فتارةً نجدها تبرر العنف و تدعم الإرهاب ، و تارً أخرى تتغاضى عن العدوان على الأرض السورية من قِبل تركيا و المغتصبة تاريخياً لجزءٍ من سوريا (لواء اسكندرون ) و وصل بها الحد الى تبرير احتلال تركيا للمدن السورية
(عفرين، رأس العين ( سري كانييه)، تل أبيض ( كري سبي) … !!! ، بل كانت شريكاً أساسيا في في قتل وتهجير سكان هذه المدن .
و حينما عجزت هذه (المعارضة) وتلك الشخصيات عن إيصال صوتها و اثبات وجودها – فضلاً عن عقم خطابها في اقناع الآخر بالاعتراف بكيانها – لجأت الى ممارسة العنف بكافة اشكاله المقَنَّعة و الصريحة و تبريره من خلال شَيْطنَة الآخر وتبخيس قيمته و اظهاره بمظهر المهدد لوجوده ، مقدماً الفتوى للاعتداء عليه، وتجسّد كل ما سبق في اصدار ذلك البيان المخزي…
من هنا يتوجب علينا نحن الكرد أن نستنتج بأننا اذا اقدمنا على أيّة خطوة في ايّ اتجاه كان و وجدنا الرفض من أعدائنا فلنعلم بأننا نسير في الاتجاه الصحيح، وخير ردٍّ على كل الحاقدين هو انجاز التقارب الكردي الكردي، و الوصول به الى الغاية المرجوة منه . فبِه وحده سيصبح صوتنا مسموعاً و لن نبقى على هوامش الحلول.
٩/٨/٢٠٢٠