شريف علي
ها هي قامشلو المدينة الكوردستانية الثالثة بعد هولير ودهوك تحتضن جولة جديدة من اللقاءات بين طرفين سياسيين انقسمت بينهما الساحة السياسية في كوردستان الغربية بشرخ كبير لتبعثر هذا الجزء من المجتمع الكوردستاني على غرار الاجزاء الاخرى وتعطل بوصلة التوجه السليم لمسار النضال الجماهيري فيه ، فلكل منهما وجهة نظر متباينة عن الآخر فيما يتعلق بوضع الشعب الكوردي ومستقبله ومصيره في كوردستان عموما،و في الجزء الملحق بكوردستان سوريا على وجه التحديد، والذي يعتبر الاساس والمحور لهذه اللقاءات، وسابقاتها من اللقاءات، تلك التي دفعت بها الاتحاد الديمقراطي الى طرق مسدودة، او تنصل من مضامينها رغم رعايتها ومتابعتها من قبل الرئيس مسعود بارزاني، فاي مناخ تسير فيه لقاءات اليوم ؟
ما متطلبات نجاحها والسير بها الى نتائج تخدم القضية الكوردية في كوردستان الغربية ؟
اللقاءات وحتى تكون مثمرة لا بد ان تستوفي مستلزمات النوعية المحددة لها بمعنى تشخيص نوع اللقاء اولا وهل هو حوار ام مفاوضات ام مباحثات ام مناقشات ام غير ذلك و من،ثم توفير الشروط المساعدة على الخروج بها بنتائج ايجابية، وعدم الدوران في حلقة مفرغة.
المتتبع لسير عملية اللقاءات الجارية بين الطرفين والارضية التي انطلقت منها التي تمثلت بمبادرة مظلوم عبدي المعتبر من رجالات حزب العمال الكوردستاني ب ك ك واوكل اليه مهمة قيادة ما تسمى بقوات سوريا الديمقراطية /قسد التي تشكلت بقرار امريكي بالتزامن مع توسع دائرة النفوذ الامريكي في الشرق السوري وتجاوزها لحدود المناطق الكوردية . وهو ما كان السبب في دعم الادارة الامريكية لتلك المبادرة، رغم معرفتها بحقيقة PYD وشبكة علاقاته الاقليمية.والمشروع المكلف به في المنطقة.
انطلقت المبادرة رغم عدم تجانس الطرفين بمعيار التفاوض او الحوار او غير ذلك، على ضوء الحاجة الكوردية الملحة،ومتطلبات المرحلة من منظور التحالف الغربي، لكن سير اللقاءات لم يتخذ بعد طابعا مميزا،هل هي تفاوض. ام حوار؟ كون التحديد ضرورة حتمية لمعرفة وتحديد الية سيرها، ومن ثم مخرجاتها والا تبقى مكتنفة بالغموض، الذي غالبا ما يفضي الى نتائج عكسية. خاصة وان الحوار شئ، والتفاوض شئ آخر ، ولكل منه دواعيه و مقوماته ونتائجه، والخلط بينهما لا يخرج اللقاءات من اطار الكلام وتبديد الوقت والعبث بمشاعر الجمهور الذي ينتظر منها ما يلبي طموحاته ،في ظل تشتته بين طرفي اللقاء رغما عنه ،وهذه حال لقاءات القامشلي بين المجلس الوطني الكوردي وحزب الاتحاد الديمقراطي، ومن خلال معرفة الفرق بين التفاوض والحوار يتبين لنا أن ما يجري ليس بالحوار ولا تفاوض،
فالحوار هو أسلوب مكاشفة ومصارحة وليس بالضرورة التوصل إلى اتفاق مع الآخر ولا يرتبط بجدول زمني معين . و وفق هذا يندرج في هذا الاطار حتى كل ما يتم ابرامه من اتفاقات ويتم التنصل منها لاحقا.
اما التفاوض فيكون بمعرفة مسبقة بما يريد الآخر وفيه يكون مكاسب وتنازلات يتم الاتفاق عليها بين الطرفين او الاطراف، وملزما لجميعها كجهات اعتبارية، لكن ما هو ملاحظ ان الاتحاد الديمقراطي يسعى لاضفاء الطابع الحواري على اللقاءات بينما يسعى المجلس الوطني الى اعتبار ما يتم هي مفاوضات، وبين الحالتين تتراوح اللقاءات التي لم تتجاوز طابع تفاهمات مبدئية ،والآمال متعلقة ولا بد انها ترجح كفة التفاوض كونها التي تخرج باتفاق.وعلى ضوء هذا فان المرحلة القادمة تتطلب من الطرفين اتخاذ جملة من التدابير تعتبر كفيلة بالانتقال من مرحلة التفاهم الى اتفاق ضامن للحق الكوردي المشروع حاضرا ومستقبلا .ولعل في مقدمتها الاخذ بعين الاعتبار اهمية الاتفاق والمصالح العليا للشعب الكوردي في كوردستان الغربية المرتبطة بها ،وهذا بدوره يتطلب اختيار الشخصيات المؤهلة للتفاوض من الطرفين، من حيث الخبرة والمرونة والثقة، كونهم يعبرون عن راي الجماهير الكوردية عموما، وعلى عاتقهم تقع مسؤولية الاتفاق على المشكلة او المشاكل العالقة لانها نقطة البداية عند محاولة التوجه للوصول الى اي اتفاق مبدئي يؤسس لوحدة الصف الكوردي وقراره في ظل المرحلة الحساسة التي تمر بها المنطقة والقضية الكوردية على وجه التحديد التي باتت الانظمة الاقليمية تجدد تكالبها عليها وتحاول النيل من النواة المبلورة للكيان الكوردستاني في كوردستان الجنوبية، وقيادتها الامينة على الحق الكوردي والحريصة على المكتسبات القومية التي تحققت بفضل دماء عشرات الالاف من الشهداء،،والساعية بدأب على وحدة الشعب الكوردي وتوجيه نضاله بما يخدم المشروع القومي الكوردستاني.