تطويب الذهنيات المتقوقعة

 وليد حاج عبدالقادر – دبي
في حرب سقوط الطاغية صدام حسين وحتى آخر يوم من سقوطه كان وزير اعلامه الصحاف منسجما مع سايكولوجيته وكلماته بعلوجه ، وكان يصف المعارك وخطوط التماس التي تبعد عن بغداد عشرات الكيلومترات حسب زعمه حينما قاطعه صحافي قائلا : سعادة الوزير الدبابات الأمريكية في وسط بغداد وتعتلي الجسر الكبير فوق دجلة !! رد الصحاف قائلا : بالنسبة لك هي كذلك أما بالنسبة لي فهي كما أقول أنا !! وبالتاكيد كانت كل قنوات التلفزة العالمية تنقل اللقاء مباشرة وايضا صور تقدم الدبابات صوب بغداد و بعدها بقليل – أيصا – طريقة جرجرة تمثاله / صنمه ، والمقصد من كل هذا هو أن : الإنسان دائما سيبقى قبل المكان والمكان هي وسيلة للإنسان ، فما قيمة الحرية المزعومة بدون لقمة الخبز الكريمة ؟! وماهي ترجمة الحرية ان كانت الديمقراطية فعلا فريدة في إفراغها الممنهج من كل فحواها ؟! .. 
وما قيمة الوطن الذي يباع تحت غطاء مؤدلج عفا عنها الزمن وسلم .. وشخصيا ظننت بأننا تجاوزنا مرحلة الإنتساب الوطني استنادا على نتائج الحفريات بالفؤوس في تتبع إثر وأطلال جدودنا!  ولكن ! يبدو أن عبدالرحمن الكواكبي قد علل فينا الداء واختبر الدواء ايضا في مسند الطبع والتطبع والتقمص في روحانيات الإستبداد وهات ياملكيات مقدسة . إن ما نشره وينشره بعض من النزعويين القوميين ولايزالوا ! وإن كانت منشوراتهم الأخيرة امتازت – كلية – بصيغة لامعرفية – جدالية بقدر ما ارتكزت على منهجية مستمرة في التمييز العنصري بكل تجلياتها والتي مورست عمليا مع بدء الانقلابات العسكرية وتصقلت بشكل خاص منذ عام 1959 وما تلاها من برمجيات على شكل مخططات تتالت وكان الهدف دائما : سلوك منطق الدفع إلى قلع جذور الشعب الكوردي استئناسا بممارسات الصهيونية هناك في فلسطين والأدهى في كل هذا كان وبقي : الحنين الذي دفعهم إلى استيلاد تلك القرى والأسماء في مناطقنا ، فأوجدوا فيها ديرياسين ويافا وحيفا وووو .. وكان كما وبقي المخزي في هكذا توجهات : فقدانها لأية رؤية واقعية سوى ردائها العنصري ومتوالية الأسماء المعربة وذلك في تبرير جاهل على أن الفرنسي حينما سمى دمشق داماس وطرابلس تروبولي فإنما ارتكز أصلا على الأساس ! والغريب في الأمر ! أنهم يستكثرون علينا – على الإطلاق – فهم فحوى كتب الرحالة وواضعي المعاجم والخرائط من المسعودي الى ياقوت الحموي ! لابل وحتى الإستئناس بإبن خلدون في ملله ونحله ! وهذه ندرك مسبقا ماهيات التبرير الذي سيزحف بالسليقة الى محاولات النسف العصبوي من جديد وذلك في خلع العمامة عنهم ونعتهم بالشعوبيين ! هذا الامر الذي لو استند عليه غيرهم مجرد استئناس ! مثلما عملها الأمير البصري – من بصرى الشام – ومنحوتته على صخرة موجودة هناك وقد دون عليها – سنة أتى الميد – وهذه من الراحل د . طيب تيزيني طيب الله ثراه في مشروعه لرؤية جديدة للفكر العربي واظنه في الجزء السادس ان ما خانتني الذاكرة ، هذا الأمر الذي سيدفعنا وإن باختصار – مع وعد بالعودة تفصيلا لها – الى الزكارية – نسبة لطروحات د . سهيل زكار المدرس في قسم التاريخ جامعة دمشق –  والذي أفشلته بشكل ذريع كم الأثريات والوثائق الإرشيفية والتي عجزت حتى أشد المزيفين من تشويهها ونفيها ، وقد أعاد مؤرخون كثر مهتمون بتاريخ المنطقة صياغة الحقيقة التأريخية وفق تسلسل الشعوب ، وهنا ؟ أوليس من حقنا التساؤل عن الأسباب التي تدفع بعض من العصبويين وإصرارهم في الثبات على العقيدة القومية لبعثهم الخالد ! على حساب شعب وهو على أرضه التاريخية ! . هذا الأمر الذي تلقطه ايضا امثال مهند القاطع وفيصل الظفيري الذي ذكّرني بأمر ! والشيء بالشيء يذكر ـ بضم الياء ـ حينما كنّا معتقلين في سجن عدرا ـ 1992 – 1994 ـ وفي أحد أيام الزيارات ونحن نستعدّ لها ونجهّز بعضا من الهدايا والمشغولات اليدوية التي صنعناها داخل السجن ـ ميداليات ولوحات ـ وبعض المشغولات النحاسية ـ تفاجأنا بمداهمة الأمن لجماعيتنا ـ رقم 12 ـ وكنا جميعا من معتقلي الحركة القومية الكوردية ، حيث طلب منا – النقيب نعيم – رئيس قسم السجن السياسي بإظهار كل المشغولات التي بحوذتنا وطلب من العناصر جمعها جميعا حتى التي كانت معرّضة للتنشيف فقط امرهم بأن يتركوا كل ما هو ملوّن بالأسود أو البني  واعترضنا على ذلك ونحن نسأل الضابط عن السبب فقال وهو يحمل بيده ميدالية بأرضية سماوية تحاكي السماء وشمعة مضاءة في الوسط وعليها بالنحاس حرف  g  بالكوردية من اسم ابني الأصغر كوران وقال – ببالكم ما نعرف شو هي هذه الألوان .. مفكرين حالكم أذكياء ! وببالكم ما نعرف الوان الع … قاطعته قائلا ياسيادة النقيب / العلم الكردي ألوانه هي الأحمر والأبيض والأخضر ويتوسط الأبيض قرص الشمس بشعاعاته الواحدة والعشرين .. قال لا أعرف وإنما فقط احذّركم ممنوع عليكم الألوان سوى الأسود والبني !! فيا سيد فيصل الظفيري أنا أسأل شو قصتكم مع ألوان الربيع الزاهية … يقول السيد الظفيري في بوست له .. بعض المقتطفات .. / … . ابلعوا كل رواقمكم ومستحاثاتكم وآثاركم واوراقكم البيضاء والحمراء والصفراء وحتى صناديق اقتراعكم … / … نعم نحن سنبلعها تلكم الأوراق ولكن ك … زهورات لئلا تبحّ منّا الأصوات وزعيق لمن لا يستوعب التاريخ ونضالات الشعوب ، نعم ؟ لقد تعودنا على أنه اينما وجد التعثر ؟ علينا أن نبحث عن التبرير ونظرية المؤامرة ؟ وهنا – أعني – كورديا : حيث ثبت عجزنا حتى التصرّف الميكيافيللي في سياسة التبرير التي صارت بربرة تضرّنا ـ بنيويا ـ أكثر ما تفيدنا !! ولكنها بصراحة أوضح ثبت بأن هذه السياسة تفيد في تعليل مقولة الرائع أحمدي خاني ـ جم كي أم تم شقاقن بي تفاقن ـ وهذا الشقاق إذا أردتم الولوج فيها من دون ميكيافيللية !!! راجعوا الأوحد ودهانه بلونه الأسود الفاقع ؟ الذي سيبقى أسودا مهما زهاها بعضهم بألوان واهية لا زاهية .. وبالمختصر وبجمل قصيرة وعلى أرضية التحدي المعرفي : لا إحصاء حقيقي في سوريا لعدد الكرد سوى نتائج الإحصاء الشوڤيني العنصري والذي تم بموجبه تجريد حوالي ٤٠٠ ألف من الجنسية وبمسميات عديدة ! و يتناسى هؤلاء الإصطرلابيين في تجاهل متعمد خارطة – دولة – العثمانيين ومعرفات سكانها وفق منطق قوانين الجنسية ! .. وللموضوع اكثر من تتمة وعودة ..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…