بيان مشترك «تشكيل السّلام معاً»

 يصادف اليوم الدولي للسلام، في ٢١ أيلول/سبتمبر من كل عام، حيث خصصت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا التاريخ لتعزيز المثل العليا للسلام في الأمم والشعوب وفي ما بينها. واعتمدت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة (١٧) هدفاً للتنمية المستدامة في عام ٢٠١٥، لما أدركته من أن بناء عالم ينعم بالسلام يتطلب اتخاذ خطوات لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لجميع شعوب الأرض في كل مكان، ولضمان حماية حقوقها.  
موضوع اليوم الدولي للسلام لعام ٢٠٢٠، هو “تشكيل السلام معا”، للاحتفال بهذا اليوم من خلال نشر التعاطف والرحمة والأمل في مواجهة وباء كورونا ومحاولات استخدام الفيروس ترويجاً للتمييز أوالكراهية، حيث حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في مراسم الاحتفال بهذه المناسبة في الحديقة اليابانية بمقر الأمم المتحدة، من المخاطر التي يشكلها جائحة  كوفيد-١٩ على السّلام في كل مكان، قائلا: “أنها تسلط الضوء على أشكال عدم المساواة بجميع أنواعها، وتستغلها، وتضع المجتمعات والبلدان في مواجهة بعضهم البعض”. 
تمر مناسبة اليوم الدولي للسلام على الشعب السوري هذا العام، وهو مايزال يعاني من غياب السلام والأمان والاستقرار والطمأنينة، بسبب استمرار الأزمة السورية المتفاقمة منذ عام ٢٠١١، والتي أدت إلى وقوع آلاف الضحايا القتلى والجرحى والمفقودين والمختفين قسرياً والمعتقلين والمشردين والمهجرين واللاجئين داخل البلاد وخارجها، إضافة إلى الدمار والخراب والأضرار البيئية والمناخية في كل الجغرافيا السورية، لخّصها تقرير لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا، الصادر في ١٦ أيلول/سبتمبر الجاري، والمستند إلى التحقيقات التي أجريت في الفترة الممتدة بين ١١ كانون الثاني/ديسمبر من العام الحالي ولغاية الأول من تموز/يوليو الماضي، تحت عنوان (لا أيدي نظيفة – خلف الجبهات الأمامية والعناوين الرئيسية، استمرار تعرض المدنيين لانتهاكات مروعة ومستهدفة بشكل متزايد من قبل الجهات المسلحة). 
ونحن نحتفل باليوم الدولي للسلام، لا يمكن لنا أبداً أنْ نتجاهل الآثار السلبية لغياب الحريات الديمقراطية وعدم الاعتراف بواقع التعددية القومية والسياسية والدينية والمذهبية في سوريا خلال العقود الماضية، ولا أنْ نقبل بالنظم الديكتاتورية والقوموية والاستبدادية فيها، التي شكَّلت خطراً على قضية السلام، حيث أدى ذلك؛ إضافة إلى قمع الحريات ومصادرة حقوق الإنسان، واللجوء إلى سياسة الظلم والاضطهاد الناجمة عن التمييز وعدم المساواة بين المواطنين، وتطبيق المشاريع العنصرية بحق الشعب الكردي في سوريا، وتأليب المكونات السورية ضد بعضها البعض؛ إلى خلق بيئة عرضت الأمن والسلم الأهلي والتعايش المشترك والتماسك الاجتماعي فيها لمخاطر جدية، ظهرت بوضوح وجلاء في الكثير من المواقف التي مرت بها البلاد، ونحصد آثارها وتداعياتها السلبية بأبشع صورها وأشكالها في الوقت الحالي.  
إن هذا الواقع المفزع جداً الذي يعانيه المجتمع السوري ومن تداعياته وآثاره السلبية المختلفة على قضية السلام فيه، يفرض على جميع المؤسسات المدنية والسياسية، التعامل معه بحذر وحرص شديدين، والعمل على توفير العوامل التي تؤدي إلى تحقيق الأمان والاستقرار وصيانة السلام والعيش المشترك والتماسك الاجتماعي فيه، وتساهم في تطوره ونموه وازدهاره. 
إننا, في المراكز والهيئات والمنظمات الحقوقية والمدنية, الموقعين على هذا البيان، نناشد بهذه المناسبة كافة أبناء المجتمع السوري، الدفاع عن السلم الأهلي والوقوف ضد الحرب والعنف وثقافة الكراهية والتمييز بكافة أشكالها، ودعم مبادرات السلام وترسيخ مفاهيم المحبة والتآخي وأسس الشراكة الحقيقية في الوطن.  
ونرى في هذه المناسبة فرصة جيدة لجميع شعوب العالم للانفتاح على بعضها البعض، والتلاقي فيما بينها، حول الأفكار التي تمهد لعودة السلام الغائب عن عدد كبير من بلدان العالم، من بينها بلدنا سوريا. كما وأننا, ومن أجل “تشكيل السّلام معاً” ندعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه الأزمة السورية، من خلال ممارسته الضغط على جميع أطراف الصراع فيها، لإيقاف العمليات القتالية، والبدء بالحل السياسي المستند للقرارات الدولية ذات الصلة، ووقف انتهاكات حقوق الإنسان، ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وإطلاق سراح كافة المعتقلين على خلفية آرائهم ونشاطاتهم السياسية والجماهيرية المدنية والحقوقية، والكشف عن مصير المختطفين والمفقودين والمختفين قسرياً، ورفع الحصار المفروض على المدنيين في المدن والبلدات السورية، وإطلاق الحريات الديمقراطية، وحل قضية الشعب الكردي، على أساس الاعتراف بحقوقه وفق القوانين والعهود والمواثيق الدولية. 
أيلول/سبتمبر ٢٠٢٠
المنظمات الموقعة:
1-مركز عدل لحقوق الإنسان
2-مركز ليكولين للدراسات والأبحاث القانونية . ألمانيا
3-منظمة المرأة الكردية الحرة
4-منظمة حقوق الإنسان في سوريا – ماف
5-التحالف النسوي السوري (يضم 87 هيئة حقوقية ومدافعة عن حقوق المرأة)
6-الهيئة القانونية الكردية
7-شبكة قائدات السلام
8-مؤسسة ايزدينا الإعلامية والحقوقية
9-اللجنة الكردية لحقوق الإنسان – راصد
10-الاتحاد النسائي الكوردي – رودوز
11-مؤسسة التآخي لحقوق الإنسان
12-مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا
13-المنظمة الكردية لحقوق الإنسان في سوريا ( DAD  )
14-مجلس ايزيديي سوريا
15-جمعية شاويشكا للمرأة
16-قوى المجتمع المدني الكوردستاني
17-جمعية كومكار الكوردية في ألمانيا
18-اتحاد نساء كوردستان سوريا
19-منظمة ستير للتنمية
20-المؤسسة السورية لرعاية الأرامل والأيتام 
21-جمعية آفرين للمرأة الكوردية
22-منظمة كه زي لتطوير وتنمية المرأة
23-الاتحاد النسائي الكردي في سوريا
24-منظمة سارا لمناهضة العنف ضد المرأة
25-مجلس المرأة السورية
26-المنظمة المدنية السورية (رؤية)
27-منظمة آشنا للتنمية
28-منظمة بلدنا للمجتمع المدني
29-مركز ميتان لإحياء المجتمع المدني
30-المنظمة الدولية لرعاية ضحايا الحروب والكوارث
31-مركز آسو للاستشارات والدراسات الاستراتيجية

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…