هذه أميركا الشعْب لا الأشخاص

 إبراهيم محمود
يدخل الكرد عبْر من يُعتَبرون سياسيّيهم وأغلب من يُعتَبرون مثقفين، ومَن أصيبوا بعدواهم، في سجَال محموم، حول ما سيكون عليه عهد الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن. ويا لبؤسهم! إنهم يرسمون صورة له بالسلب أو بالإيجاب، كما تلقَّنوا من تحزبياتهم، ولقَّنوا أتباعهم، كما لو أن أميركا هي خاتم جو بايدين، وليس كما يجري ” عندنا ” عن سكرتير حزبي إلى الأبد، زعيم حزبي إلى الأبد. يتجاهلون أن هناك قانوناً أميركياً، ربما يعطي مجالاً للرئيس ببعض المناورات، إنما ثمة حدود مرسومة،يستحيل عليه تخطّيها، عكْس ما هو معهود كردياً، فالزعيم، أو السكرتير الحزبي هو الحدود، وهو  الذي يضع نقاط تفتيشها، أو يسمّي معابرها أو يلغيها.
يساجل بعضهم بعضاً عما ستكون عليه أميركا في عهده، مسقطين عليه أفكارهم المقاطعاتية، والمؤطرة،ويصعب عليهم، كما يظهر، من خلال ما يصرّحون به هنا وهناك، استيعاب ما معنى أن يُنتخَب رئيس، ويخضع للقانون، ويخلص للدولة واضعة القانون، ولهذا، يدخل باسم الرئيس، ويخرج بعدها، حين تنتهي فترة رئاسته، ليباشر أعماله اليومية الأخرى، دون أن يخسر رأسه، كما نشهد ذلك كثيراً في مناطقنا، وليس في مقدوره أن يبادر إلى تعيين من يريد، إلا بقرار رسمي، وليس باسم حزبه، أو من هو قريب لرمز حزبه، كما هو المعهود في ” لابلادنا “.
الظهور بمظهر المؤيد، أو المعارض، أو المتحفظ، خلاصة الذهنية الكردية في أسودها أو أبيضها ” يا اسود، يا ابيض ” التي ما اعتادت أن تراعي الجهات الأربع، وأن تراعي تنوع الفصول والأحوال والمتغيرات، وحكْم المستجدات، وتتعلم منها، ولهذا، تعرّف بنفسها من خلال ما تقول أو تفعل، أنها أقرب ما تكون في الحد الأقصى من الإيجاب ” قناة ” أرضية يتيمة، وبالأبيض والأسود، لأنها عاشت منذ زمن طويل، ويقدَّر أنها ستعيش هكذا إلى إشعار آخر، كما هي، لأنها لا تلتقط إشارات تغيير فعلية من الخارج، إنما من داخلها حصراً.
نعم، يمكن لها أن تكون مستهلِكة لكل شيء، إلا ما كان شعاراتياً، حيث يعاد إنتاجه، ويجري تجديده، كما تربَّت هكذا، وكما ربَّت وقولبت مريديها ووسطها هكذا، وبالتالي، كيف يُطلَب من ذهنية بأن ترى ما حولها وهو بألوان كثيرة، وليس في بنية ذهنيتها إلا  ” أبيض أو أسود “؟
يقولون في التحليل النفسي، عن أن الذي يتغذى بالأوهام، يعتقد أنه قادر على الحديث في أي شيء. مؤكَّد أن هذا يرجع، إلى مدى تراكم الأوهام في نفسه، ومن خلالها يرى العالم، لينتقل من هزيمة إلى أخرى، وكل هزيمة تُفسَّر بوجود خطأ، أو فاعل غيبي مسئول عن ذلك ….
ونعلن للعالم أجمع، أننا سنبني دولتنا، وسندشن مؤسساتنا المختلفة، وتحت إمرة هذه الذهنية!؟
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…