مناوشات الأداة نُذُر شرٍ

 تجمع الملاحظين: كاوار خضر
ما يجري الآن من مناوشات بين الإقليم والأداة ليست مستبعدة أن تكون صورة تقريبية لما جرى في قره باغ. فالأداة ما هي إلا صناعة مقتسمينا يستخدمونها متى دعت حاجتهم إليها. منذ البداية وإلى اللحظة، لم تفد الكرد سوى إفراغ كردستان من كردها وخسّرتها أراضيها وأَقْتَلَت أبناءها لأجندات الغير مقابل حفنة من الدولار لجيوب المُنْتَدَبِيْن.
لم يكن هذا ليحدث لولا طيبة قيادة الإقليم حيال الأخوة الكردية. هذه القيادة التي تطغى عليها رحابة الصدر والتسامح خسرت الكثير وخسّر الأجزاء الأخرى أيضا.
 لقد تسامحت مع الأداة عندما ناصفتها المقاعد مع المجلس الوطني الكردي في غرب كردستان، وكذلك لم تستغل الهامش الديمقراطي في تركيا، ولم تتساهل مع الحزب الديمقراطي الكردستاني التركي الشقيق لحزب الكاك مسعود، مثلما تساهل مع الأداة، ولم ينل الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني ذاك الاهتمام الذي نالته الأداة من الإقليم. هكذا أضاع الإقليم، لتسامحه الزائد، عناصر قوة كانت ستعصمه من أطماع الطامعين. وليس هذا فحسب، فلم يحتاط الحذر من الحكومات العراقية بالقدر الكافي، كي يكون في مأمن لأي طارئ في المستقبل. يبدو إن خبرة الإقليم تفتقر إلى معرفة الألاعيب السياسية الخبيثة، فوقعت ضحية التصويت على إلغاء المادة 140، التي كانت الساسة العراقيون يؤجلونها لتحين الفرصة لحين الانقضاض عليها، وهذا ما تم.
فقوة أجزاء كردستان الأخرى هي حصانة مؤكدة للإقليم، وليست خطرا عليه أو منافسة له. لقد أضاع الإقليم عندما كان ممكنا أن تكون لغرب كردستان إدارة من وطنييها، لتجعل المعارضة السورية تعير الاهتمام بهولير كما تعيره لإسطنبول، فالإقليم شريك في سوريا، في حين تركيا تفتقر إلى هذه الشراكة. لقد تمنت إدارة بوش الابن بشكل خفي أن يساعد بالإقليم جزأي كردستان: إيران وسوريا -وهذا مؤكد بالأدلة- غير إن الإقليم كان متخوفا من ذلك. وحسب رأينا كان الإقليم متأثرا، وقتها، بأجواء ما قبل دخول أميركا العراق. واليوم ألغيت تلك المادة، وغدا بمناوشات الأداة سيتحول الإقليم (لا قدّر الله) إلى محافظات كأي محافظة عراقية. والدليل إن أذربيجان كانت مستعدة لإعطاء إقليم قره باغ حكما ذاتيا، والآن، تعتبره محافظة كأي محافظة آذرية.
نأمل أن يتدارك الإقليم ما فاته، ويبذل الجهود لتقوية الأجزاء، وهذا ممكن، رغم تأخر الوقت. إن فوت ما تبقى من الوقت، حينها لن تفيد أي جهود أخرى وإن بُذلت. ما يزيد من ضبابية الإقليم في استشفاف المستقبل، هو إن مثقفينا، في الغالب، لا يتطرقون إلى ما يخبئه المستقبل، فيكيلون المديح للإنجازات، بمعزل عن الملمات المستقبلية.
rawendkurd3@gmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…