غرب كوردستان: «الإدارة» والإمعان في تجويع الشعب

شمس عنتر
الجوع كافر.. هذه حقيقة لا كلام الإنشاء، فحتى الشعوب الجبانة عندما تجوع تهاجم جلاديها ولا ترحمهم، فكيف بالشعب الكردي الجبار الذي اختبر كل انواع الظلم والصهر والقهر والسحق لكنه بقي يبعث حيا من تحت الرماد في كل مرة، وحتماً سيهبُّ للذود عن كرامته في الوقت المناسب ضد من يحاولون تركيعه  وتجويعه.
اليوم، ألعاب اطفالنا المفضلة هي الأسلحة، صحيح انه  كسر الكثير من الحواجز، ويتم تلقينهم بأنهم حرروا نصف البشرية لكنهم هم انفسهم أسرى، فقد جرى تعطيل التحليل المنطقي والحسي والنقدي لديهم. 
  كل الالهاءات اصبحت مكشوفة وستنتهي قريبا، افتعال المشاكل والضغوطات الاقتصادية حتى يتنازل الشعب عن حقوقه الاجتماعية والتوجه له باعتباره قاصراً، وأن السلطة مسؤولة عنه وهي من تقرر عنه، هذا التلاعب الدائم بعواطفه وإخراجه في مسيرات في أسوأ ظروف جوية ضد الفزاعة اردوغان، وسد الطريق أمام العامة وتعطيل الحياة أكثر مما هي معطلة. 
لن تجدي كل هذه المحاولات لنسيان ما يجري على الأرض، تحوير العملية التعليمية، ونشر الجهل المبطن تحت اقدس الشعارات. فتح كل طرق التجهيل وتسريبه عبر الشباب ونشر لهجة ومصطلحات وطريقة لباس  على أنها من التراث الكردي.  
كلما خرجت شخصية بمقال تنويري هاجمته مجندو الفيس بوك الخاص بهذه السلطة حتى يلبسونه ثوب الخيانة ويتم شتمه والتشهير به ليكون عبرة لكل من يفكر أن ينور طريق الشعب.
وبذلك تزداد مساحة العتمة وتختفي ملامح الوعي ليخرج ممثل عنهم فيمارس دوره المرسوم له على الإعلام فيقوم بتخدير الشعب لإتاحة المزيد من الوقت لهذه السلطة لكسب اكبر قدر من نقاط أهدافه. 
معلوم أن الحرب الاقتصادية اقسى من الحرب العسكرية، وهذا ما يجري على الشعب الذي أصبح تأمين احتياجاته اليومية من اقصى أحلامه، فحالات كثيرة من الانتحار والأمراض النفسية كانت نتيجة هذه الممارسات خلال السنوات الأربع الماضية.
رغم حداثة سلطة هذه الإدارة إلا أن التعفن والفساد غزاها بوقت قياسي. وكانت النتيجة افقار اكبر شريحة من الناس وخلق عدد من الحيتان قادرة على ابتلاع بلدان كاملة. 
الخوف من رفاهية الشعب تؤرقهم لأنهم يعلمون انها ستخلق رفاهية في الوعي ورفاهية بالفكر واكتشاف مدى حرمانه من ابسط حقوقه. ورغم انفتاح فضاءات الشعوب لكن هذه  السلطة ما تزال تعامل الشعب بتلك الثقافة البائدة، وتستهزئ بالمهتمين بالعولمة، وتعمل على توجيه إلى تقديس السلاح ورفع شعارات المقاومة التي باتت فارغة من مضمون لها. 
وسائل الإعلام فاقدة لأي مصداقية حتى عندما تعلن عن مصابين بكورونا يضحك الناس في سرهم…انها السياسة لابد أن لهم أهداف معينة.!!
الإدارة مشغولة بإصدار قوانين عن أموال الغائب، وكأنها أمنت الحياة المرفهة والكريمة لكل الحاضرين ضمن سلطتها. غلب الموالين لها يتبرؤون منها سرا كل ما يربطهم بها ذلك الراتب الذي لولاه لماتوا جوعا،  فالإدارة تفننت في ربط هؤلاء بعجلتها الدائرة كل مرة على طريق محدد حتى أفراد تلك السلطة لا يعلمون ملامح ذلك الطريق المجهول الا العدد قليل جدا منهم. 
لتتأكد هذه السلطة أن تجويع الشعب لن يجعله يتبعها بل سينهشها، وذرة من الحق لو صمدت أمام جبل من الباطل لهزمته. 
وحده التقارب الكردي اصبح يشكل كوة تنفيس تحت هذا الركام، إن اغلقت اختنق الشعب ولا نعلم توقيت انبعاثه مرة أخرى.
——– 
جريدة كوردستان – العدد / 638    

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…