يعجز القلم بالكتابة عن رحيل الأستاذ أكرم الملا ، ولكن شاءت الأقدار ان يخطف ذاك الانسان الخلوق والإعلامي اللامع في يوم العلم الكوردي، هذا اليوم الذي يفتخر به كل كوردي شريف، فكان اختيار القدر لهذه المناضل في هذا اليوم الميمون، تميزا لا يناله إلا القلة القليلة، فقد ربط اسم أكرم الملا بيوم العلم الكوردي، ليُعطر ذكراه على مر التاريخ.
هو ذاك المناضل والسياسي الصامت الذي سخر قلمه في خدمة شعبه ووطنه، ولم يبخل يوما لتقديم كل ما لديه لخدمة قضيته الكوردية العادلة، كان حازما ضد الانتهازيين ورحيما ورؤوفا مع من يخدم وطنه وشعبه بشرف واخلاص، وأحبه كل من عرفه.
- من هو أكرم الملا بالنسبة لك؟
- كيف كان شخصية اكرم الملا كـ إنسان أولا، ومن ثم كـ إعلامي ثانيا؟
- أمام كل ما جرى ويجري، أين كنت تجد مكان أكرم الملا كـ سياسي؟
- ماذا تقول للجيل الشباب عن أكرم الملا؟
عبدالرحمن عبطان عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني-سوريا: «الفقيد اكرم الملا ابن العائلة الوطنية الذي تربى منذ صغره على نهج الكوردايتي، نهج البارزاني الخالد، واكمل دراسته الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدارس بلدته الدرباسية، وتابع دراسته الجامعية في كلية الآداب قسم اللغة الإنكليزية بجامعة حلب. وكان عضواً نشيطاً في فرع الطلبة لحزبه الديموقراطي الكوردي في سوريا (البارتي)، ولكن حبه لدراسة علم الصحافة والإعلام جعله يسافر الى روسيا ليكمل دراسته في جامعة موسكو، قسم الاعلام والصحافة، وحصل على شهادة الماجستير وبعدها عاد للوطن وانتخب عضوا في اللجنة المركزية للحزب، وقام بتحرير جريدة الحزب، وبعد المؤتمر التوحيدي عام 2014، عمل الفقيد في الهيئة الاستشارية ومديرا لمكتب الاعلام المركزي، وأشرف على العديد من الدورات الإعلامية في المكتب المركزي وتأهيلهم للقيام بواجباتهم».
تابع عبطان: «يعجز القلم بالكتابة عن رحيل القيادي المناضل اكرم الملا، ولكن شاءت الأقدار ان يخطف ذاك الأنسان الخلوق، والشخصية المتوازنة الصريحة، والكاتب الموضوعي والإعلامي صاحب «قهوة الصباح» الذي ترك بصمة واضحة خلفه في عالم الاعلام والسياسة. الأخ والصديق السياسي والأعلامي الصامت الهادئ بكل معنى الكلمة الذي سخر قلمه في خدمة شعبه ووطنه لم يبخل يوماً لتقديم كل ما لديه لخدمة قضيته الكردية العادلة».
اضاف عبطان: «كان انساناً طيباً رؤوفاً، بالكلام لا يسعني ان أُعبِرَ عن شخصيته الراقية المتأنية، كل من عرفه كان يحبه لحسن معاشرته ولشخصيته الهادئة العطوفة المتوازنة الحازمة ضد الانتهازيين والاستغلاليين، كان سياسياً وطنياً غيوراً مثقفاً جريئاً وصريحاً شفافاً، متسماً باللباقة والتحضر، وكادراً متقدماً ومتميزاً في حزبنا الديموقراطي الكوردستاني-سوريا».
ختم عبطان: «ان رحيل هذا الكاتب الجسور في هذه المرحلة الحساسة والأوقات العصيبة التي تمر بها سوريا عامة والمناطق الكوردية خاصة خسارة، واقول وبكل حزم للجيل الجديد ان يأخذوا من الفقيد شخصيته وأخلاقه الطيبة مثالاً ليحتذوا بها، خسارته كبيرة، ولكنني ارى في كل شاب وشابة ان يأخذوا من اخلاقه نهجا يتمسكون به، فالقيادي الجسور أكرم الملا لم يكن شخصا عاديا ابدا، تغمد الله الفقيد بواسع رحمته واسكنه فسيح جناته».
جندي محارب على الخطوط الأولى من الحروب الاعلامية والسياسية
بيوار ابراهيم- كاتبة وشاعرة: «من الصعب جداً أن يصف المرء علاقة ما بنيت على الثقة والتفاهم وتقبل الرأي مهما كان ذلك الرأي معاكساً من وجهات النظر واختلافاته. معرفتي بأخي وصديقي أكرم الملا معرفة متوسطة العمر ليست بالطويلة ولا بالقصيرة, لكن في كل نقاش دار بيننا كانت الثقافة وأغوار الكتب سيد الكلام ونقاشنا عن كل كتاب كان بمثابة عمر كامل من المعرفة بيننا.
الموت خطف منا أخي الكبير، وكان في أوج شبابه، ومؤخراً أخذ منا والدي، لكن القدر كان رحيماً بعض الشيء حيث ترك لنا قلاعاً بصفة إخوة وأصدقاء، وكان الأستاذ أكرم أحدهم, لم يبخل علينا يوماً بالنصح والنور والمساندة المعنوية. على مدى سنين معرفتي به تحمل ثوراتي وسلاطة لساني وجموح أفكاري وأهوال ردود أفعالي, تقبل كل هذه التلال البركانية برحابة صدر صحراوية وإبتسامة قلَّ ما فارقت ثغره, صفاتي هذه لم تجعله يرمي أخوتنا وصداقتنا عرض الحائط وخاصة قولي الحقيقة في وجوه أصحابها والتي تجعل الكثيرين ينكرون معرفتهم بي لأنهم لا يتحملون رؤية أنفسهم في مرايا الحقائق عبر آراء الآخرين في زمن بات أسهم سوق المجاملة والتزييف وكثرة الأقنعة مرتفعاً ومتداولاً بكثرة في كافة الحقول والمجالات في حياتنا اليومية. صمته كان فكراً وحديثه كان نوراً يضيء ظلام الدروب. كان ذلك الإنسان الصادق الصديق الذي يعرف صديقه لأبعد الحدود، ويعرف عنه أشياء كثيرة ما يكفي لكرهه لكنه يأبى الكره ويبقى على حبه ولا يكره».
تابعت إبراهيم: «عن أكرم الإنسان, كان حالة مميزة وسيعض زمننا القادم روحه كثيراً لفقدانه إنسان مثله غادرنا مبكراً. أكره ظرف “كان” تحديداً مع الذين يخدمون الجمع وينكرون الذات مع الحفاظ على القليل… القليل من خصوصية تلك الذات. قلت الزمان القادم سيعض روحه وليس صفة هم أو هو أو هي لأن الظروف أجبرت الأغلبية على عبادة الذات والأنانية التي دفعت بأصحابها نحو هاوية الواقعية القذرة التي مزقت ستائر الحياء عن وجه التعامل وعلاقة الإنسان بالإنسان ولبدت السماء بغيوم الحقد والضغينة وإلغاء الآخر أمام تفشي الغرور وسلطة الذات العمياء, غيوماً تمطر على أرض بور لا ينبت فيها سوى أعشاب الشر وزواحف الانتقام من أبرياء كل حلمهم العيش في سكينة وطمأنينة.
وأما عن أكرم الإنسان, لقد غطى بضميره ما تبقى له من تراب كي يبعد عنها أمطار السوء وبمجرد تبددها يبدأ بزراعة الوعي والفكر والتنوير قدر استطاعته في تلك المساحة التي حماها بضميره. لم يقف عاجزاً في حياته أمام الأخطاء ولا الخطايا, الممرات الطويلة والمعتمة لم تحوله إلى مجرد أعمى البصر والبصيرة. عندما يخطأ كان لديه ما يكفي من القوة لجلد الذات وقدرة الاستماع الى انتقادات الآخرين له في كافة المجالات الاجتماعية والسياسية والإعلامية.
أما أكرم الإعلامي, كان صدقه مع نفسه أولاً ومع الآخرين ثانياً جعله علماً وليس إعلامياً. بصدقه وجهده أستطاع معرفة الأسئلة الأساسية التي تطارد الأخبار المعنية في مجال الإعلام وهي الأسئلة المعروفة في هذا الحقل التي تبدأ ب ( من, ماذا, أين, متى, لماذا, كيف) لم يغفل عن التفكير بكيفية وصول الخبر الى القارئ وتشجيعه على قراءة ذلك الخبر. لن أزيد شيء على ما تركه لنا من إرث غني عندما قال: (ما نحتاجه اليوم هو إعلام صادق وصحافة شفافة لأننا نعيش في زمن ملبد بالحقائق غير المكتملة والملوثة. فبدون التخلص من جرعات المبالغة السياسية والإعلامية الزائدة يصعب الوصول إلى صورة دقيقة وواضحة. فنصف ما تقدمه السياسة ويطرحه الإعلام الكوردي مليء بالمبالغة أما النصف الآخر فيحتاج إلى مزيد من التحري والتدقيق”. ما نحتاجه اليوم هو تأسيس الشخصية الصحافية الكوردية من خلال التأهيل والتدريب على الأخلاقيات المهنية، ما يخول الصحافي والإعلامي تقدير متى يجب أن يعطي الخبر أو متى يحجبه».
اضافت إبراهيم: الأستاذ أكرم الملا, كان جندياً محارباً على الخطوط الأولى من الحروب السياسية. لم يختلس من تراب وطنه ولم يغمس كسرة خبزه بدماء شعبه ولأنه لم يعهد الكذب والنفاق والمراوغة لم يلجأ الى دهاليز الخبث السياسي المعهود هنا في الشرق الذي تم استيراده من الغرب, لذا أصبح هدفاً واضحاً لبواكير الرصاص من ألسنة كثيرة.
جسد رأيه بصدق عن السياسة والسياسيين عندما كتب: (الجهل السياسي هو أخطر أنواع الجهل، كونه يصيب صنّاع القرار، وهؤلاء مسؤولياتهم تتجاوز حدود الذات، فالسياسي يختلف عن عامة الناس، بل يختلف عن القادة في المجالات الاخرى، فالقائد أو المسؤول السياسي، يتحمل مسؤولية أمة ومصير شعب كامل، قد يتسبب بإلحاق الأذى والضرر به، أو العكس، وهذه النتيجة المحصورة بين النجاح والفشل، تعتمد على مدى تخلّص السياسي من الجهل. أن السياسي عندما يملأ فراغات الجهل بالثقافة والوعي، فإنه يعي مسؤوليته جيدا، ويفهم أن الثقافة السياسية تنتمي للثقافة بمفهومها العام، بمعنى أن الثقافة السياسية هي إحدى فروع الثقافة والمعرفة بشكل عام. في حديث ما إخلتفت معه بوجهة نظر سياسية بحتة ولأنه يعرف قدراتي السياسية المحدودة، إبتسم ابتسامته المعهدوة وقال: “يبدو أنك قرأت كتاب الأمير بروح أدبية؟! أعيدي قراءته مرة أخرى ولكن بعيون سياسية”. كان يعرفني, لا باع لي بالسياسة وأنني لا أجيد الإبحار بسفنها ولا الغوص في قاعها. لكنه ألزمني مطالعتها ومعرفة البعض من أسرارها. بعد أكثر من عامين على ذلك النقاش أبصمت له بالحق لوجهة نظره وأنني كنت في غفلة من أمري وأن الحس القومي غلب قوة الفكر لدي. أمثال أكرم الملا يملؤون أمكنة كثيرة وليس مكانا واحدا, أما عن مكانه كسياسي كان صادقاً مع نفسه قبل قضيته, حاول ويكفيه شرف المحاولة أن يطهر جسد السياسة الكوردية في سوريا بعض الشيء, بصدقه ونقاوته وعدم إلتفاته حول المسائل المستعصية. حاول تنوير سياسة الثقافة وسياسة الأدب وسياسة الفن وسياسة الفكر والفلسفة. لكن سياسة السياسة المضمحلة بأوحال الحرب كانت أقوى من مشاريعه التي كنا نسميها الحلم الكبير».
ختمت إبراهيم: «الحديث عن إنسان بمائة رجل صعب جداً, لأن الكلام لن يعبر عنه كما يعبر عنه أفعاله وأثره الذي ترك وراءه. كان هدفه الأول والأخير هو بناء الإنسان الكوردي من كافة النواحي العلمية والثقافية والسياسية والاجتماعية. لقد أخبرنا عبر كتاباته: (أننا نعيش في زمن ملبد بالحقائق غير المكتملة والملوثة. فبدون التخلص من جرعات المبالغة السياسية والإعلامية الزائدة يصعب الوصول إلى صورة دقيقة وواضحة. فنصف ما تقدمه السياسة ويطرحه الإعلام الكوردي مليء بالمبالغة أما النصف الآخر فيحتاج إلى مزيد من التحري والتدقيق”. ما نحتاجه اليوم هو تأسيس الشخصية الصحافية الكوردية من خلال التأهيل والتدريب على الأخلاقيات المهنية…).
الفنجان الأخير لقهوته الصباحية أبى إلا أن يفور ويلوح لنا من وراء زجاج نافذة كانت بعيدة عنا بما يكفي كي لا نودعه, تلك القهوة التي جعلت قُراءه ينتظرون شربها مع الكلمات فارت بعيدا عن مدينته وقريته، لكنه أبى إلا أن يعود الى حضنهما حتى لو كان ممدداً داخل نعش الرحيل الأخير. أعتقد أن الأجيال القادمة أذكياء بما فيه الكفاية، وهم لا يحتاجون الى أحد كي يحدثهم عن قامات الجبال الذين خدموا بلادهم بصمت وبدون مزاودة».
عقلٌ مُحنك من الصعب تعويضه
محمد خليل- ناشط حقوقي: «اكرم الملا ذلك الشخص ذو الهيئة الضخمة المهيبة والملامح الهادئة المتزنة والخلوقة قريبة إلى القلب، تشعرك وانت امامه بهيبة الجبال في وقت تحس معه بامان قلما تحس بذلك الشعور خلال حياتك. قد تكون هذه الكلمات ما شعرت بها اول مرة شاهدته فيها عندنا فتح باب الشعبة الثالثة الصف السابع في مدينة الدرباسية، كنت قد انتقلت للتو من الريف النائي هناك حيث نزور المدينة كل سنة او سنتين مرة واحدة لمراجعة طبيب او امر هام، لا زلت اتذكر كل ملامحه وملابسه تفصيل حديثه الأول خلال الساعة الدراسية، ليزداد اعجابي بشخصيته النادرة نتيجة احتكاكي اللاحق به في اكثر من محور حيث الرابطة الاجتماعية والسياسية والعائلية, ليزداد معها اعجابي بأفكاره وآرائه وطروحه الجريئة كان شخصياً يتقدم معاصريه بأشواط كبيرة كان طفرة في المحيط السياسي الذي كان يعيش به، وحين تقدم بنا العمر وتوضح وعيي السياسي والاجتماعي توضح لدي اكثر صورة اكرم الملا ذو الكاريزما المميزة والنادرة في الوسط السياسي الكوردي كان بحق رجل سياسة لم يحظى بالفرصة التي ترتقي به إلى قمة هرم العمل السياسي في مجمل سوريا والمحيط الكردستاني».
تابع خليل: «عاينت وعايشت اكرم الملا كـ انسان رائع نادر ما يصادفنا اثناء مسيرة حياتنا اشخاص بمزايا وخصال كالتي تميز بها اكرم الملا، يشعرك بقوة الإنسان والأمان، ويضعك في اجواء من الهدوء مهما كان التوتر الذي يخيم على المحيط هذه الميزة قلما تجدها او تحصل عليها في مكان ما، وفي ذاك السياق كان قلمه يعكس روحه وجوهره، ويخرج على سطح الورقة افكاره وقناعاته دون اية مواربة أو تحوير او تغير ما يشعر به ومقتنع به».
أضاف خليل: «الحقيقة ان اكرم الملا ورقة قلما نحظى بالحصول عليها، وعقل من الصعب تعويضه في المحفل السياسي على الأقل بما يخص الكورد السوريين وقضيتهم وحقوقهم العادلة، ولكن للأسف شاءت الأقدار انه لم يحظى بالفرصة التي يستطيع من خلالها تقديم كل ما لديه من قدرات وافكار يستطيع من خلالها خدمة قضيته وقضية الشعب الكوردي كما ينبغي على الأقل هذا ما كنت اتوقعها من اكرم الملا».
ختم خليل: «اكرم الملا كان قدوة لكل من عرفه عن قريب او بعيد كان مثال للرجل السياسي النبيل رغم الصورة النمطية السيئة لرجال السياسة بشكل عام إلا أن اكرم الملا استطاع تغيير هذه الصورة النمطية لرجل السياسة، واعطاء صورة مشرقة نبيلة لرجل السياسة، وبلورة صورة الرجل النبيل للشخصية الكوردية والتي كنا نشاهدها في افلام الأطفال ونحن صغار، انه كان مثال وصورة للرجل النبيل هكذا كانت صورة اكرم الملا النبيل في عيوننا وعيون وعقول كل من عرفه وعاصره وعايشه».
ذكرى من العطاء وبصمة مميزة
ماريا عباس- ناشطة إعلامية: «بداية الرحمة والسكينة لروحه، استاذ أكرم الملا السياسي الصحفي والمعلم، وبعيدا عن هذه الصفات أكرم الملا الانسان، أحبه كل من عمل معه. كانت من التجارب المميزة في محطات حياتي العمل معه في مكتب اعلام صحيفة «كوردستان» – مكتب قامشلو، ثلاث سنوات تقريبا من العمل كان معلماً رائعاً لم يبخل علينا في مساعدتنا لاكتساب مهارات العمل الصحفي والعمل بروح الفريق».
تابعت عباس: «روحه المرحة، تواضعه وكرمه وتشجيعه كان دوماً يطفي على المكان أجواء مريحة للعمل والتفاؤل. الصحفي أكرم الملا كان الرجل المناسب في المكان المناسب أكاديمي له من الوعي القدرة على تحليل الأحداث السياسية على ارض الواقع، وامتلك بُعداً للنظر في المسائل وابتعد عن السطحية. لم يكن يهتم بالظهور في أي مشهد اعلامي، واكتفى بالعمل في مجاله بهدوء وتفاني وتقديم المشورة. واعتقد أنه من القلة الذين كان رأيهم يُؤخذ بعين الاعتبار بالرغم من أنه لم يهتم يوماً بالمناصب الحزبية أو الدخول في أجواء التناحرات والمنافسات الحزبية».
اضافت عباس: «عمل بصمت واتزان ورقي ورحل بهدوء تاركاً خلفه سنوات طويلة في خدمة القضية الكوردية بقلمه ومحبته وايمانه لها، وترك ذكرى من العطاء وبصمة مميزة، وإرثاً من المحبة في قلوب كل الذين عرفوه. وكم اتمنى أن يعلم الكثيرون بأن الحياة لا تكون أفضل بمنصب وظيفي او حزبي بل هي عطاء وايمان وثقة بالنفس والاكتفاء بنوعية وجودة ما نقدمه لقضيتنا. باختصار الأستاذ أكرم الملا من الشخصيات التي لا تتكرر وتستحق التكريم والرحمة لروحه».
منبر اعلامي وسياسي لا يُستهان به
ريبر سيدا المدير العام لموقع المجلس الوطني الكوردي في سوريا: «كان لي الشرف ان اكون من أحد تلامذته في كل ورشة، وكنت احشر نفسي في جميعها، لأنه كان لديه طاقة على اعطاء الافضل في كل مرة، وحبه الزائد للنشطاء الذين يعملون تجاه قضايا امته، جعل سُبل تطوير العلاقة بينه وبين تلاميذه الجادين كـ “علاقة الأخ الاكبر” لأخوته الصغار، وكنا نبادله ذلك الشعور، فجعل من نفسه سند لمن لا سند له، وشمعة أنار طريقنا حتى آخر لحظة من حياته، كان رحيله كالصاعقة على كل من عرفه وهو في قمة عطائه».
أكد سيدا: «بأنه كان منبرا اعلاميا سياسيا لا يستهان به، ولا يمكن تجاهل وجوده، فعندما كان يتحدث، الجميع يتجنبون الحديث بشكل مختلف لأدراكهم بأن الاستاذ أكرم الملا لا يتكلم بشكل عبثي وإنما على اسس وحقائق، وكل من تعامل معه لامس صدقه في العمل دون ملل لدرجة انه تخرج من مدرسته مئات الكوادر الاعلامية، الذين هم اليوم يرفدون معظم المؤسسات الاعلامية الكوردستانية في مختلف اجزاء كوردستان».
أضاف سيدا: «أكرم الملا الانسان كان يتباهى بطول سنوات نشاطه داخل الحركة الكوردية، ويشعر بمسؤولية كبيرة يقع على عاتقه كوفاء منه لأمته الكوردية ولتلك السنوات الطويلة، وقد كتب على صفحته قبل رحيله بأيام، “دف القلب لا يأتي بلمسة يد إنما بلمسة روح”، لذلك أجد إنه حقق هدفه كسياسي وسكن قلوب كل من عرفه».
ختم سيدا: «أقول للجيل الشباب أن أكرم الملا درس في ارقى الجامعات، وحصل على أعلى الشهادات، وكسب خبرات عديدة، وجمعهم لأجل أن يعود لبلاده الذي يحتاج أمثاله، وتحمَّل عناء البقاء بكل تواضع وابتسامة، رفض كل العروض المطروحة عليه للعمل خارج البلاد، واختار القلم سلاحه الأول في ايقاظ الناس والعمل ضد نبذ العنف واحلال السلام، بالمختصر كان منبع العطاء لكل ما هو خير على محيطه، لكل ما هو خير على شعبه الكوردستاني».
في النهاية:
رحل الاستاذ أكرم الملا عن عالمنا جسداً، ولكن روحه ما زال بيننا وذكراه في قلوبنا، سنبقى أوفياء لقضيته الذي ناضل في سبيلها قُرابة 50 عاماً، فالتهنأ روحك بسلام، عشت مخلصاً ووفياً، ورحلت عظيماً.