مع من يتحاور الكورد (المعارضة أو النظام)

مروان سليمان

إن الأنظمة خلقت من أجل
خدمة الشعوب التي تحكمها تلك الأنظمة و بدون الناس لا يوجد نظام، و المعارضة وجدت
من أجل مراقبة الحكومات و تصحيح مسارات العملية الديمقراطية و تصحيح الأخطاء التي
تقع فيها الأنظمة و المشاركة في وضع القوانين و الأسس في سبيل بناء مجتمع يقوم على
العدل و المساواة و لذلك فإن المعارضة و النظام هما في خدمة الشعب و هما جزءان لا
ينفصلان في إدارة البلد لأنه من أسس الديمقراطية هو احترام الرأي الآخر الذي يكون
فيه مخالفاً لتوجهات و أفكار الرأي الأول و خاصة إذا كان هذا التوجه أو الرأي هو
مخالف من حيث الإسلوب و الطريقة و لمصلحة الشعب و البلد.
المشكلة الأساسية في الأنظمة الديكتاتورية ذوات الحكم الفردي المطلق تكمن في أنها
تتخوف من المعارضات بشكل عام بسبب الخلل السياسي في النظام و طريقة إدارته للبلد و
تمسك الحاكم بالسلطة  و السبب الأساسي هو الإستيلاء على مقدرات الوطن و وضعها في
الحساب الشخصي و العائلي  و الحاشية التي تحوم حول الحاكم و يتم إلغاء المساواة و
العدالة في توزيع فرص العمل و المناصب و كما الحال في الجوانب الخدمية بشكل عام
التي تفتقد إلى أبسط أنواع الرعاية الصحية و الخدمية و التجديد و لذلك فإن الأخطاء
و الخلل هي التي تصدر من إدارة الحكم الفردي و من أجل التنصل من المسؤوليات التي
تقع على عاتق تلك الأنظمة الديكتاتورية عمدت إلى تشكيل معارضات شكلية أو حتى وهمية
في الظل من أجل إدامة عمر التصفيق و المديح لشخص الحاكم في الداخل و إظهار حكمه على
أنه ديمقراطياً أو أقرب إلى الديمقراطية( الجبهة التقدمية في سوريا التي كانت ظل
حزب البعث تضم عدة أحزاب شيوعية و قومية و يسارية مثالاً) مع العلم أن حصر
المسؤوليات و المناصب تكون للحزب الحاكم و حاشيته حيث يتم إطلاق يد الأجهزة الأمنية
و ما أكثرها في كل شئ لقمع النفوس و الأشخاص التي تفكر (مجرد تفكير) بنقد الحاكم أو
طريقة حكمه و إدارة البلد و يتم توسيع المعتقلات السياسية و يتم إعتقال قادة
المعارضة بالإضافة إلى ذويهم و أقاربهم لإسكات تلك الأصوات إلى الأبد لأن الحاكم
ينظر إلى المعارضة بعين العدو اللدود له و المتربص به لينقض عليه و يستلم الحكم و
يزجه في السجون كما عملوا هم مع الذين سبقوهم ( النظام السوري مثالاً عندما انقلب
على الأتاسي و وضعه في السجن أو العراقي عندما قتل عبدالكريم قاسم)، و من شدة القمع
يبتعد قادة المعارضة نحو الخارج لأنهم لا يستطيعون التكيف مع الأجواء الظالمة و
الأمنية و التصفيات البدنية و لذلك فإن السلطة تمنح لنفسها الفرصة السانحة في
التحكم بالمجتمع كما تشاء بدون أن يكون هناك  حسيب أو رقيب أو صوت مخالف أو معارض
يقف في وجه السلطة و إيقاف مشاريعها التسلطية و التخريبية و المتمثل في تخريب
المجتمع من الداخل كما أن الأنظمة في المنطقة استطاعت أن تكسب الجماهير بالتهديد و
الإعتقالات أحياناً و بالمناصب و الهدايا أحياناً و في الكثير من الأحيان نتيجة
لنفاق شعوبنا التي تعلن الولاء و بكل بساطة للحاكم الذي يضع السكين على رقابهم و
يذلهم و يخنعهم بسبب سيكولوجية شعوب المنطقة التي تربت على الشعارات الفضفاضة
كالخيانة و العمالة من جهة و المقاومة و الصمود من جهة أخرى ( كما في العراق كان
الأخ يقتل أخاه و الأب يقتل إبنه بأمر من الحاكم تحت تلك الشعارات) و هكذا كانت
المعارضات تخدم الأنظمة باستمرار لأنها كانت في الحقيقة معارضات في العلن و لكنها
كانت جزءاً من مشروع السلطة الديكتاتورية الفاسدة و كانوا يعملون كمهرجين و مصفقين
لدى الحاكم في سبيل أن ينالوا بعض الفتات من الحاكم و حاشيته مثل الحزب الشيوعي
السوري بجناحيه البكداشي و الفيصلي أو في العراق من خلال العشائر و رجال
الدين.
أما المعارضة التي وصلت إلى سدة الحكم أو التي تنتظر لتصل إلى القمة و
استلام المنصب فإنها خرجت بأسوأ من الأنظمة بسبب أفكارها المتحجرة و تجاهل حقوق
الآخرين و الجهل بأصول الحوار و عدم إحترام الرأي الآخر و تكريس الإستبداد و
الطغيان و الفساد المستشري و الإستمرار في زرع ما يولد الكراهية و الحقد و الثأر
بين الناس على أساس مذهبي و طائفي و عرقي و إرتكاب المجازر بحق الآمنين ( المالكي
في العراق مثالاً بالإضافة إلى كيلو و اللبواني).
فمع أية أنظمة أو معارضة
نتحاور نحن الكرد؟ و بمن نثق من الحكام؟ و هل نحن مجبرون على حوار من لا يحترم
الحوار؟
14.07.2015

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…