لازلنا نذوب بين مد النار وصقيعنا؟

إدريس بيران

 
تدخلت في الأزمة السورية, تضاديات العديد
من المنظمات الإقليمية والإرهابية عموما وبعض الدول الإقليمية بشكل مباشر أو غير
مباشر, كتركيا وحلفائها من العرب وإيران وحلفائها في الأزمة السورية والصراع
التناحري الدائر فيها ومن خلال الوكلاء المحلين والمنظمات الجهادية والإرهاب
القاعدي العالمي.  
الأمر الذي مهد أو جر ورائها تدخلا دوليا مباشرا ومن خلال
التحالف الدولي وطيرانه على وجه الخصوص وبقيادة الولايات المتحدة الأمريكية, لتجر
فيما بعد ولاحقا وبشكل علني مباشر أيضا, تدخلا دوليا رباعيا بقيادة روسيا الاتحادية
والمتشكلة عمليا, من روسيا, إيران, العراق والنظام سوري وتبعاته, حيث كلا التدخلين
الدوليين مرده تداعيات الإرهاب في ظاهره السطحي والعلني وكل بحسب مفهومه الخاص
حيالها.
ليس بخاف أن هذا التدخل الدولي يدخل ضمن سياق الصراع على النفوذ والمصالح في
المنطقة, بين القطبين العالمين التقليدين والمتبلورين مجددا أو ساعيين للتكافؤ فيما
بينهما وعلى الأقل من جانب روسيا, حيث أن هذا التصعيد بين الروس والأمريكيين, لا
يعد تهورا من جانب موسكو, كما لا يبدو أكثر من لعبة القط والفأر وبتبادل الأدوار
ولوفق تسلسل سياقات الأحداث في المنطقة وعلى تخوم روسيا وشرق أوربا والعالم.         
إلا أن سياقات الوضع السوري وبالتالي التدخل الدولي المباشر فيها, قد قصمت
ظهر البعير وأنهت عمليا ومن وراء الأحداث, كل المساعي وفرص التوصل إلى حل أو حلول
سورية سورية وكل ما بدى في هذا النحو من عقد اجتماعات ومشاورات ومبادرات مختلفة
وعلى مر السنوات للأزمة السورية, حيث بات الصراع الدولي على النفوذ وبتبعاته جليا
ومباشرا, من هنا ومن الناحية العملية, أن التعويل على أية مبادرات أو مساعي محلية
وإقليمية ودولية بهدف الحيلولة والتوصل إلى حل سوري سوري, بات ضربا من الوهم
المكشوف والاستهلاك السياسي ليس إلا, دون توصل الأقطاب الدولية إلى تفاهمات مباشرة
وعملية.   
أعتقد ومن خلال الحتمية أو المبدأ القائل: أن الإنسان أو القدرة, لا
يمكنها أن تقدم أكثر مما تمتلك, أي أنه لم يعد أمام السورين عموما وبشكل جلي
والويلات الحاصلة بحقه ووقف نزيف الدم الجاري على قدم وساق, سوى بتوصل تلك الأقطاب
الدولية على التفاهمات المنشودة وينبغي الدفع نحو ذلك وفي ظل الحقائق الواقعة
والمعاشة والقائمة. 
أما كرديا ومن جهة أخرى وفي ذات السياق الجلي, حيث لا نجد
الكرد وفي روجافي كردستان وعلى وجه الخصوص, سوى متفرجين ومكتوفين للأيدي دبلوماسيا
وكما يدل ظاهرهم على ذلك, في ظل التطورات الدولية الأخيرة والحاصلة والتي قد تضعهم
ومستقبلهم في الحرية والإعتاق على المحك, مكتفين ومنبهرين بالمجاملات المعسولة من
هنا وهناك, أو بعض التعاون والتقاربات العسكرية ومنها إثر مقاومة كوباني البطلة, أو
تلك التي جرت هنا وهناك وبهدف ردع الإرهاب الداعشي وتقدمه أو تغلغله في روجافي
كردستان, الأمر الذي كان يدخل في مهام ومصالح وحسابات, تلك القوى الدولية قبل أن
تكون خدمة للكرد والدفع قليلا بالإرهاب عن بعض مناطقهم, أعتقد ينبغي على الكرد أن
يكونوا في حركة دبلوماسية حثيثة ومستمرة, تثمر عن أي نوع أو سند فعلي نافذ يمكنهم
التعويل عليه لحماية مكتسباتهم ومساعيهم للحرية والإعتاق, فلا يخفى في الأفق
المنظور وظاهره, تباينات مناطق نفوذ القوى الدولية في سوريا والمنطقة عموما, كما لا
يعني مطلقا الصعود الروسي الظاهر في سوريا والمنطقة خفوتا أمريكيا فيها, بقدر ما
كانت القوى الدولية والمتمثلة بقطبيها الجليين, يديران من الخلف ويقفان على دفة
الأزمة السورية ومنذ بدايات انطلاق ثورتها الجريحة وقبل أن تخمد وتتحول, لكن يا
ترى.. هل يبدو أننا لازلنا على عهدنا السابق باقون ونذوب بين مد النار وصقيعنا. 
7/10/2015  

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…