عندما تكون السلطة الرابعة هي الضحية

ابراهيم محمود

” عن روداو وشقيقاتها الإعلاميات “

المعرفة تولد في الخزي، ولكنها لا تبقى فيه “
ريجيس دوبريه: محاضرات في علم
الإعلام العام ” الميديولوجيا “، ص 29 .
الأخوة الناطقون بالكُردية
أينما كنتم بلسانكم الكردي أو بأي لسان آخر،وأنتم في جوهركم كرد، أستميحكم عذراً إن
قلت: إن هذا اليوم بالنسبى إلي يوم حِداد في سلسلة الحِدادات الكردية، حداد على ”
روداو ” قناتكم ، قناتنا الكردية، مهما عبّرنا عن موقفنا منها، وأن أتكلم بالطريقة
هذه، فليس حباً بروداو، أو دفاعاً عن روداو فلها كما لغيرها من القنوات الإعلامية
ما يبقيها، إنما هو حبَّاً بحقيقة تتجاوز روداو ومسقط روداو، أبعد من ” باشوري
كُردستان “، مثلما هي ” روناهي ” وهي أبعد من تخوم “روجآفا “، مثلما هي أي قناة
كردية أخرى.
إنه حب للاختلاف وباسمه، لمن يريد أن يعلم، حتى وهو صادم، ولأنني كائن أتغذى على ما
هو إعلامي في الكثير مني، كغيره في هذا العالم، غير أن صرخة الكردية داخلي لها
مأسويتها، إن تأكدتم من ميزتها، وبالتالي، فإن كل القنوات الكردية هي مائدتي
الكبرى، ولا ضير أن يمتنع أحدهم ” أي كردي ” عن تناول صنف معين من الطعام، لأسباب
صحية أو نفسية، إنما ليس من حقه أن يأمر بإخفائه عن الأنظار، لأن الرائحة تعلّم
بمصدره .
نعم، يمكن أن أقاطع أياً كان، لكن بأي حق أزعم، أو أدعي أنه في الإمكان
إبعاده عن نظري، والادعاء بأنه لم يعد له من وجود، وأنا أغمض عيني أو أسد أذني ؟
أهكذا تريدون أن نتعلم أن الحقيقة حيث يؤتى بها من جهة واحدة، وليس من جهات ست:
أضيفوا : الأعلى والأسفل ؟
إنني أجهر بكامل صوتي، بأن هذا الإجراء الروجآفاوي
انحراف خطير في مسلك الاستبداد بالآخر، وتذكير لكل كردي ومن الكردي النافي للتنوع
الإعلامي، بأن ذلك سيكون إحداث جرح غائر في الوجدان الكردي، ويا لكثرة جراحاتنا
الكردية- الكردية!أما ما حدث اليوم” في 3 حزيران 2015 “، فهو إعلام لكل من يريد أن
يعلم، بأن عليه ألا يعلم إلا متى أجيز له ذلك، وهو وسط ضخ هائل من الإعلاميات
المتعددة اللغات والتوجهات، كما أنه إعلام معاكس من قبل الذين أرادوا تأكيد الكردية
إعلامياً أن حب الكردية، كما هو تبنيّها،كما العمل بموجبها، كما النظر فيها، يكون
من جهات شتى، وأن تسقُّط الأخبار لم يعد من حدود، أي حدود بقادرة على الحيلولة دون
انتشارها، فالامبراطوريات الإعلامية تقوم على قاعدة ذهبية وهي مقدرتها في إيصال ما
يمثّلها، أما عن منع ماتراه على الضد من سياساتها فهذا يعرّي خاصتها تلك
.
الإعلام، ثم الإعلام، ثم الإعلام،لا شيء يحول دون تقدمه، انتشاره، ولا شيء
يعرّي دين المتصرف به، أو أخلاقيته في التعامل مع الإعلام، أو حقيقة ما يحركه، وما
يؤمن، وما يتخوف منه، مثل الإعلام، ولا شيء أكثر انتقاماً وأسرع في فعل الانتقام من
الإعلام نفسه، كما لو أن إعلام المحرّر لما يمثله بالصوت والصورة وضمن مقاسات
مؤطرة، هو ذاته من يتمرد على مسمّيه، لأن الإعلام من حيث الأصل حالة تنوع.
نعم،
المعرفة تولد في الخزي، ولكنها لا تبقى فيه، بتعبير دوبريه، ولا شيء، لا شيء، لا
شيء، يمارس نشر الفضيحة بطابعها الإعلامي، مثل من يحاول سد الطريق أمام جهة إعلامية
والقيام بما يعبّر عن توجهاتها، لا شيء يجعل المرء مواطناً في مدينة، والمدينة
منتمية إلى دولة فعلية، والدولة الفعلية إلى حياة تقوم على التنوع، مثل شهادة
الإعلام.
أن أكتب باسم روداو، وكما قلت، ليس حباً بها، إنما بالإعلام، والتنوع
الإعلامي، ولا أخفي أنني حين أسمع يوماً ما، بأن جهة ما، قد حظَّرت نشاط قناة
إعلامية معينة من خلال موقف لا يبقى هو الاخر ثابتاً، أكانت ” روناهي ” أو غيرها،
فسوف أكون أول الناقمين على ذلك.
أيها اللاعبون بمصيرنا، من بوابة الإعلام، بئس
صنيعكم، عودوا إلى رشدكم، تكسبوا ثواباً، تكسبوا كرديتكم التي تكونونها بنسبة ما
كغيركم: رودوا وروناهي ودنيا وكردستان TV ونوروز…الخ، أم تريدون أن أذكركم بقول
القائل: إذا أردت أن تعرف وضع بلد ما فاسأل عن إعلامه، فكيف وأنتم لا زلتم في وضع
المتشوق إلى الحضور الفعلي في بلد فعلي ؟
دهوك

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…