وماذا ـ يا دواعش ـ عن أصنام الأسد؟

نوري بريمو 

أثار الفيديو الذي نشره إرهابيو الدولة
الإسلامية “داعش” والذي تضمّن قيام بعض الدواعش بالإعتداء على بعض المعالم
والمقدسات المسيحية تحت يافطة القيام بالجهاد ومحاربة الكفار وإقامة الحد الشرعي
الإسلامي عليهم وتحطيم الأصنام والأوثان!!!؟، بعد إحتلالهم لكنائس ومعابد
الكلدوآشوريين في الموصل وعبثهم بما كانت تحتوي من تماثيل ولوحات فسيفسائية تجسّد
تاريخ وحضارة هذه الأقوام الشرقية العريقة التي كانت وينبغي أن تبقى تحيا في مناطق
سكنى آبائها وأجدادها.
ولعلّ ما إقترفته الأيدي الآثمة لإرهابيي داعش في كنائس الموصل المحتلة، يضيف إلى
سجلهم الأسود وحاضرهم الدموي صفحة أخرى من الهمجية التي ما بعدها همجية، ويعيد إلى
ذاكرة الشعوب والأمم والأديان والمذاهب والأقوام (الكورد والكلدوآشوريين وغيرهم)
المبتلية بالعيش في هذه التخوم التي كانت ويبدو أنها ستبقى تشهد غزوات وحروب على
خلفيات عفنة وعفى عليها الزمن منذ زمن، فهاهم الدواعش يعيدون الكرّة ويغيرون ويغزون
ويذبحون ويحرقون الأسرى ويسبون النساء ويدمرون الديار والقلاع والمتاحف والكنائس
تماماً كما فعل أسلافهم بالحضارات الرومانة والبيزنطية والكوردية قبل الف وخمس مئة
سنة.
طبعاً…ليس بغريب أبداً على الدواعش أو أشباه البشر أو ديناصورات هذا
العصر كل ما يفعلونه في بلاد الشام والعراق، فهم يعطون الحق لأنفسهم ويدّعون بأنهم
يتيمّنون بأسلافهم وأنهم أمراء بل انهم خلفاء أو بالأحرى رسل الله على الأرض،
ويحللوا لأنفسهم كل ما يحرمونه على غيرهم ويستبيحوا بحرمات الآخرين ويقولون
مالايجوز أن يُقال ويفعلون ما لا يخطر لا على البال ولا على الخاطر!، ولا يخجلون
قيد أنمله مما يرتكبونه من مجازر وإنتهاكات لحقوق غيرهم في محاولة يائسة منهم
لإعادة عجلة التاريخ لآلاف الأعوام إلى الوراء.
في الحقيقة ليس كل ما تقوم به
هذه الجماعة الإرهابية وأخواتها من جرائم مشينة، هي مدانة فحسب بل هي نفسها ككيان
مافياوي موضع إدانة وإستهجان، لأنها بحد ذاتها حالة نشاذ ولا تشبه على الإطلاق أية
مليشيا أو عصابة فهم وحوش بل كلاب مسعورة تتقمص أشكال البشر زوراً وبهتاناً ويندى
لها جبين البشرية، مما يفرض على المجتمع الدولي الإسراع لتوفير سبل التخلص منهم
ورميهم إلى مزبلة التاريخ بأقرب وقت ممكن عبر محاربتهم وتدمير بناهم التحتية
وحواضنهم الإجتماعية أينما وحيثما وجدوا.
ولكن السؤال الذي ينبغي أن يتم توجيهه
إلى داعش وأخواتها وأسيادها، هو: بعد أن حطمتم أصنام الموصل، ماذا عن أصنام الأسد
الأب المنتشرة في كل بقاع سوريا التي صارت بين مخالبكم يا أمراء داعش؟، ولماذا لم
تدمروا أي صنم للأسد حتى الأن رغم أنكم أحرقتم سوريا بأرضها وأهلها، وكوباني
الكوردستانية المنكوبة هي شاهده على همجيتكم وهولاكيتكم؟، أم أن وراء الأكمة ما
وراءها وأنكم الوجه الآخر للعملة الأسدية؟، وهل بإعتقادكم بأن الرأي العام المحلي
والعالمي لا يعرف سرّ عدم تدميركم لأي تمثال من تماثيل الأسد؟، ألا يوحي هذا أو ألم
يصبح واضحاً بأن الأسد الأبن هو الذي أتى بكم من كل حدب وصوب وهو الذي نسج لكم خيوط
تنظيماتكم في بلاد الشام والعراق لتحموا تماثيل الأسد الأب ولتدافعوا عن سلطة الأسد
الإبن الفاقد للشرعية؟، وهل تعتقدون بانكم والاسد باقون في حكم سوريا إلى الأبد كما
يتصور كلاكما؟، أم أن الوقت قد حان وأنّ أجلكم قد أضحى يدنو وستشهد الاشهر القادمة
إنقلاب الطاولة فوق رؤوسكم ورأس الأسد وأسياده الإقليميين والدوليين وأننا سنحيا
عهدا جديداً قد يكون عنوانه الخلاص من الأسد ومن لف
لفه.

27-2-2015

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…