المعارضة السورية- حل أم أزمة

مروان سليمان

إن العظماء بين الأمم
قلائل و يحتاج إلى الوقت الكافي لكي تنجب أمة عظيماً من عظمائها أو قادة من قوادها
لكي يقود ذلك العظيم الشعب إلى بر الأمان و كذلك الشعب الكردي هو جزء من هذا العالم
و له عظماء أمثال القاضي محمد و البارزاني الخالد الذي عرف العالم قضيته العادلة من
خلاله و ها نحن الكرد ندخل بعد مائة عام من التغيير في المنطقة و رسم خارطتها هل
يكون لنا عظيماً يقودنا إلى بر الأمان و يتخذ القرارات المناسبة لصالح القضية
الكردية و الشعب الكردي؟ أم أننا نفتقر إلى رجالات حقيقيين ممن يفكرون بالأوطان و
الشعوب بعد استبدالها بالقصور و الجيوب؟ و هل هذه القيادات هي من صدف التاريخ أم
أنها قيادات طارئة لمرحلة معينة بعد كل هذه الصراعات السياسية و الإنقلابات التي
تعصف بالمنطقة.
إن المواقف التي تتبناها الطبقة السياسية في المعارضة السورية تبنى على رغبات و
إسقاطات فكرية شخصية مرحلية و قد تكون انفعالية في بعض الأحيان بما يراه شخصياً
مناسباً و قد تبنى على مصالح شخصية أحياناً كثيرة لأنها لم تتأسس على قاعدة متينة
أو على قواعد ثابتة تأخذ على عاتقها النظر إلى القضية و الشعب و الوطن بدلاً من
الحزبية و المناطقية و جني الثمار على حساب الفقراء و المحتاجين و التلاعب بعواطفهم
دون أن يحل لهم مشاكلهم أو محاولة حلها و لن يكون من أولوياتهم بقدر الإهتمام
بالمصالح الشخصية ، و بناء أمجادهم على الكذب و الخداع حتى أصبحت الساحة تعج بما
تسمى الطبقة السياسية بكميات كبيرة و لكن المشكلة الأساسية في أغلبهم هو ندرة
المخلصين لشعبهم و وطنهم و هذا هو نتاج الحكم الاستبدادي البعثي الذي لا يزال
جاثماً على صدور الشعب السوري منذ عقود طويلة.
إن غياب الثقافة الوطنية الحقيقية
و غياب الحريات و التغييب القسري لقسم كبير من الشعب السوري بالإضافة إلى أسباب
تاريخية قديمة كالتعصب القومي و الفكري و الديني و العرقي كل هذا جعل الإنسان يسير
بدون هدف معين أو وجهة محدودة و لم يستطع جراء ذلك من فرز الصالح و السئ و لذلك ضاع
الوطني الشريف بين الآخرين المسيئين للوطنية و مفاهيمها الحقة.
السوريون يعيشون
في أزمة حقيقية جراء الصراعات السياسية بين الكتل و الأحزاب التي أفرزتها مرحلة ما
بعد ( الثورة السورية) و هذا الصراع يكمن في التناحر على المصالح الفئوية الضيقة أو
الشخصية حتى تثير الفتنة بين الشعب و يبقى هو بعيداً عن المحاسبة و لنهب و سلب
أموال الشعب أو حتى من المساعدات المقدمة إليه من دول تدعي صداقة الشعب السوري و كل
هذا على حساب دماء و حرمان المواطن من أبسط مستلزمات الحياة، حتى أصبح الشعب السوري
مشرداً في خيم لا تصلح للسكن و أزمة معيشية خانقة يفكر في رغيف الخبز لأولاده في
الغد، في حين المساعدات الإنسانية المهدورة تحت مسميات عديدة  توزع عل شكل منح و
رتب و رواتب على أصحاب المقامات و الإجلاء الذين يعيشون عصرهم الذهبي بعد خراب
الوطن على أيدي نظام لا يهمه سوى الحفاظ على بقائه في سدة الحكم و إرهاب يضرب
المنطقة بأكملها.
أصبح الشعب السوري ينظر إلى السماء لكي يبعث الله له معجزة
كونية و إلهية لكي يخرجه من هذا الوضع السئ الذي وصل إليه وسط الخلافات التي تعصف
بطبقته السياسية و العسكرية و حتى المثقفين، و وسط الإنتكاسات و الأزمات التي
يعانيها حتى أصبح محبطاً من جراء عدم تعاطي النظام الدولي بجدية لقضية السوريين
أولاً و قلة المخلصين الذين يعملون لصالح القضية الوطنية السورية فالكل مهدد اليوم
و الكل ينتظر الحلول و لكن لا توجد خيارات فإما الحرب و إما الحرب لأنها من مصلحة
جميع الأطراف  المتحاربة  و الخاسر الوحيد هو الشعب السوري.
08.03.2015

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…