إنتخابات «حرة» وسط المعارك والدمار!!

بيار روباري


عجيب وغريب أمر الإخوة في حزب الإتحاد «الديمقراطي»، في وسط
المعارك التي تشهدها منطقة كوباني والجزيرة، والدمار والخراب الذي تعاني منه كوباني
والحصار المطبق على منطقة عفرين، وإحتفاظ النظام بقلب مدينة قامشلوا ومطارها، ووجود
حوالي مليون إنسان من أبناء شعبنا خارج إقليم غرب كردستان، يجري حزب الإتحاد
إنتخابات شكلية لوحده، كتلك الإنتخابات التي أجراها النظام السوري قبل أشهر، وأعلن
فيها عن فوز بشار الأسد بمنصب الرئاسة!!!
الإنتخابات في الأساس، تعني تكافؤ الفرص أمام جميع الأحزاب، في الدعاية والعمل بين
الجماهير بحرية والأفراد قبل إجرائها، وفق قانون إنتخابات متفق عليه مسبقآ، وتحديد
مصادر التمويل للأحزاب والمبلغ المسموح صرفه على الحملة الدعائية. فمن طرف يفرض (ب
ي د) أتاوات على جميع المواطنين الكرد دون وجه حق، ويسيطر على الإعلام والمباني
العامة والأمن والجيش، ويمنع الأحزاب الاخرى من العمل بحرية وعقد إجتماعاتهم،
ويعتقلون كل من ينتقدهم من كتاب وصحفيين وسياسيين، ومع ذلك يريدون من الأخرين
المشاركة في هذا السيرك والتهريج !!!
هل هذه هي الأجواء المناسبة لإجراء
إنتخابات حرة ونزيهة في غرب كردستان، في ظل هذا الواقع وسيطرة حزب واحد على الساحة
بقوة السلاح؟؟!! الجواب بالتأكيد لا.
وبمنتهى الصراحة
لا علاقة لهذه الإنتخابات ولا القائمين عليها بالديمقراطية لا من قريب ولا من بعيد،
وهي مسرحية سخيفة تسيئ للذين أصروا عليها ولم يستمعوا لنداء العقل والحكمة. ثم كيف
يمكن إجراء إنتخابات في منطقة دون المناطق الكردية الإخرى وكأن كل منطقة أصبحت دولة
مستقلة بحد ذاتها! وثم يتحدثون عن وحدة الشعب الكردي، كيف يستقيم هذا مع ذاك؟ هل
رأيتم الفلسطنيين يجرون إنتخابات في الضفة الغربية، من دون إجرائها في قطاع غزة؟ أو
إجراء إنتخابات في أمريكا من دون إجرائها في ألاسكا وجزر الهاوي معآ؟ هذا أمر غير
معقول على الإطلاق ومعيب.
والأمر الأخر ما قيمة هذه الإنتخابات على أرض الواقع،
إذا كان النظام السوري مازال هو الذي يدير أغلب الدوائر في المناطق الكردية من
مدارس وبلديات، ويدفع رواتب الموظفين فيها الى اليوم؟
ليس هكذا تبنى المجتمعات
الديمقراطية ومؤسساتها، ولا هكذا تكسب الشرعية أيها الإخوة، ففي إيران أيضآ تجرى
إنتخابات ذات لون واحد بين فترة وإخرى، فهل باتت إيران دولة ديمقراطية، تحكمها
المؤسسات والقانون؟ أبدآ لا. لا يمكن الحديث بتاتآ عن الديمقراطية في ظل عبادة
الفرد وحكم الحزب الواحد، كما كان الحال مع حبيب بورقيبة وحزبه في تونس، وحزب البعث
وحافظ الأسد بسوريا. وهذا ما يفعلونه بالضبط الإخوة في حزب الإتحاد الغير
الديمقراطي، في غرب كردستان.
 
برأي كان من المطلوب إرجاء هذه الإنتخابات،
إلى ما بعد تهيئة الأجواء المناسبة والإتفاق بين القوى الكردية على كافة الخطوات
وعدم الإنفراد بالأمر من قبل أي طرف لأن ذلك مضر بوحدة الشعب الكردي وقضيته. في
الحقيقة إن تصرفات ( ب ي د) هذه لا تفاجئني، لأنهم قد طمسوا قبل ذلك هوية الشعب
الكردي وإستبدلوها باسم «الامة الديمقراطية» وإمتنعوا عن إستخدام إسم كردستان في
إدراتهم الذاتية ورفع العلم الكردي فمن يمثلون في الحقيقة لا أدري. 
هذه
الإنتخابات ليست سوى عقبة اخرى في طريق توحيد الصف الكردي، وفي نظري كلا المجلسين
الكرديين أسوأ من بعضهما البعض، وكان الله في عون شعبنا الكردي، الذي إبتلى بمثل
هذه القيادات الشبه امية، التي تبحث فقط عن مصالحها الذاتية والسلطة والنفوذ. وكل
إنتخاب وهم فاشلون ومختلفون.
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…

شادي حاجي في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم. كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟ ورغم أن الدول هي التي تمنح…