موسكو ( الفشل)

مروان سليمان
على نفس النهج الكلاسيكي القديم عادت موسكو لتبرز نفسها على أنها مكان الحلول للأزمات، مع العلم إننا لم نرى في موسكو سوى إنتاج الديكتاتوريات و تربيتهم و تقويتهم و دعمهم في البقاء على كراسيهم و السبب بسيط لأنهم ينتهجون نفس النهج في توزيع ادوار الحكومة و الرئاسة ما بين بوتينهم و مدفيديفهم، و اليوم إنتهت جلسة محادثات موسكو بين النظام والسوري و نظام السلطة السورية دون أن يكون هناك أية بوادر للإنفراج في الأزمة و الإتفاق، لأن الإجتماعات في الأصل هو كيف نحاور بعضنا من أجل الحوار و تعليم الجلوس بأدب وقبول الرأي المستبد بدون نقاش، برعاية موسكو عاصمة  الديكتاتورية العالمية من الحقبة السوفيتية.
كان الله في عون الشعب السوري الذي لم يستطع أن يحتمي حتى بما حوله و لو بالأماني و الأمنيات لا بل أصبح الكل ضده، فالقادة السياسيون ها هم من المعارضة المزعومة و النظام يلتقون في عاصمة الدببة هؤلاء القادة المتكلسين الذين بدأ ملامح الصدأ تظهر على وجوههم المرسومة بالإبتسامة المصطنعة، و هم ينتظرون وسائل إعلامية لكي يبرزوا أنفسهم و يتحفوننا بخطابهم من الستينات و بداية السبعينات من أيام الحرب الباردة بين القطبين وارسو و الأطلسي في محاولتهم للتغطية على فشلهم فيكذبون الحقائق و يعدون بوعود لا قيمة لها من أجل إملاء الفراغ و غيرها من الأساليب المعروفة.
ما تبقى من الشعب السوري لا يولي أية أهمية على هذه المحاولات اليائسة و الفاشلة و التي تعتبر مضيعة للوقت و الجهد و حرق الأعصاب و الجميع يعرف ان هذه الإجتماعات لن تفضي إلى أية نتيجة سوى مصالح المتحاورين على كيفية تلبية مصالحهم و لكن الشعب المسكين هو وسيلة لدى هؤلاء الفاشلين من أجل تحقيق تلك المصالح، و لذلك فإن الشعب السوري يائس و محبط و قد أتعبه ذلك حتى صار يؤمن بالتمنيات و الأمنيات التي يتخيلها في مخيلته الصغيرة لكي يشعر و لو سرابياً ببعض الذي يدور في فكره.
مجلس الشعب أصبح مكاناً للمدح و التباري على وصف القيادة و إلقاء الأشعار التي تمجد تلك القيادة،و الوزراء و لو أنهم مثل التماثيل التي تصنع من الوحل الأحمر و لكنهم متشبثون بالكراسي ، و المعارضة أصبحت شعاراتهم بالية و قديمة لا يستثيغها السامع، لذلك و من هنا نجد تراجعاً كبيراً في التعامل مع القضية السورية أو الضغط  على الأطراف من أجل وضع حلول للأزمة ، بل أصبحنا ندخل في خانات محاربة الإرهاب و كيفية التخلص منه و إقامة الأحلاف العسكرية و السياسية ضد الجماعات الإرهابية و كيفية الحد من تجنيد الشباب في صفوفهم، في حين أصبح الشعب السوري من المنسيين لا حول له و لا قوة، ينظر إلى السماء و يدعو إلى الخلاص من المحنة.
نحن أمام رغبة مشتركة للدول الكبرى و الأنظمة المستبدة و الإرهاب في عدم التحييد عن خيار الحرب و متابعتها لأنها السبيل الأقصر في تلبية رغبات تجار الحروب الذين يعيشون على دماء الشعوب، و لذلك لا يكلفون أنفسهم في المتابعة أو إتخاذ أي موقف حاسم و هي نفس الرغبة التي تتقاطع مع ما جرى في الأحياء الشامية  و حمص من جوع و قتل و تدمير و تشريد، فالإتجاه العام يميل إلى تمييع القضية السورية و إطالة عمرها و إتباع أطول الطرق من أجل الإبتعاد عن الحقيقة، حتى أصبح القتل في سوريا ممنهجاً ثابتاً طالما هناك تبرير على هذا القتل بمحاربة الإرهاب و لكن الكل يعتدي على حقوق المسكين الذي هو الشعب.
31.01.2015

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…

شادي حاجي في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم. كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟ ورغم أن الدول هي التي تمنح…

  نظام مير محمدي * شهد البرلمان الأوروبي يوم العاشر من ديسمبر/كانون الأول، الموافق لليوم العالمي لحقوق الإنسان، انعقاد مؤتمرين متتاليين رفيعي المستوى، تمحورا حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في إيران وضرورة محاسبة النظام الحاكم. وكانت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، المتحدث الرئيسي في كلا الاجتماعين. في الجلسة الثانية، التي أدارها السيد ستروآن ستيفنسون،…

المهندس باسل قس نصر الله بدأت قصة قانون قيصر عندما انشقّ المصوّر العسكري السوري “فريد المذهّان” عام 2013 — والذي عُرف لاحقاً باسم “قيصر” — ومعه المهندس المدني أسامة عثمان والمعروف بلقب “سامي”، حيث نفذ المذهان أضخم عملية تسريب للصور من أجهزة الأمن ومعتقلات نظام الأسد، شملت هذه الصور آلاف المعتقلين بعد قتلهم تحت التعذيب وتعاون الإثنان في عملية…