في فك الارتباط العضوي بين pyd و pkk

شاهين أحمد
يشكل عملية فك الارتباط بين حزب العمال الكوردستاني pkk وحزب الاتحاد الديمقراطي pyd حلماً – ربما بعيد المنال – بالنسبة للكثيرين من أبناء شعبنا الكوردي في سوريا بشكل خاص وأبناء المكونات السورية الأخرى التي تعيش في كوردستان سوريا بصورة عامة ، وذلك لما لهذا الموضوع من ضرورة وأهمية لجهة التأسيس لمرحلة وضع نهاية للعنف وقطع الطريق على التدخلات المحلية والإقليمية في شؤون هذه المناطق وتجنيبها جولات جديدة من العنف والصراع الدموي والدمار، وخاصة في هذه المرحلة التي أعلن فيها التحالف الدولي المناهض للإرهاب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية إنتهاء العمليات العسكرية الرئيسية ضد ” داعش ” . 
المؤيدين والمعارضين لسياسات pyd وكذلك المستقلين ربما يملكون الشعور ذاته ،لجهة المخاوف التي يتوجسونها في حال دوام الارتباط العضوي بين العمال الكوردستاني والاتحاد الديمقراطي، كون المرحلة ستكون مختلفة إلى حدٍ بعيد عن ماسبق،ولن تكون مجرد حلقة عابرة من حلقات المسلسل الدموي في سوريا،وقد تكون مصيرية لجهة الوجود أولاً والحقوق ثانياً. ومن الأهمية بمكان الإشارة هنا إلى أن الأمر – إعلان فك الإرتباط بين pkk  و pyd – ليس بهذه البساطة أوالسهولة لأن مايجمعهما أكثر مما يفرقهما،ولكن بالمقابل طالما أن المفاضلة ستكون بين الوجود الكوردي في سوريا وبين دوام الارتباط ،أعتقد أن العقلاء في حزب الاتحاد الديمقراطي عليهم التحرك بدون تردد وتحمل المسؤولية الأخلاقية والقومية في احترام خصوصيتهم الكوردية السورية واختيار الحفاظ على الوجود القومي الكوردي في سوريا،والقيام بما يستوجب من خطوات جريئة وواضحة لجهة فك الارتباط عن مركز قرار العمال الكوردستاني .وبدون أدنى شك أن القيام بهكذا خطوة ستكون نتائجها ليست إيجابية بالنسبة إلى الكورد في سوريا فحسب، بل أيضاً على صعيد بقاء الحزب – pyd – ودوره الفعال والحفاظ على ثقله العسكري والسياسي والجماهيري .الحركة التحررية الكوردية في سوريا وكذلك الحركة الوطنية السورية سوف تشجع بدورها وتبارك هذه الخطوة – فك الارتباط – إذا تمت دون مواربة.لأن دوام الارتباط سيكون رغبة جامحة للعمال الكوردستاني بدون أدنى شك لأسباب لسنا بصدد شرحها في هذه العجالة.الظروف والمناخات المتوفرة اليوم قد لا تتكرر وعلى المعنيين أن يدركوا ذلك جيداً ولايجب التفريط بها،فالمسألة الزمنية تمتلك هنا أهمية فائقة والمرحلة تفرض ضروراتها علينا جميعاً،مسألة القبول أوالرفض في هذا الموضوع يقاس بمدى أهمية الحفاظ على ماتبقى من الوجود القومي الكوردي في الجزء الغربي من كوردستان ،وهي مسألة قرار أخلاقي وقومي ومسؤولية تاريخية تقع على عاتق النخب والكوادر الواعية في صفوف حزب الاتحاد الديمقراطي.وبالرغم من أن الواقع الميداني يعطي شيئًا من الحرية والإمكانية للفئة التي نقصدها في القيام بهذه الخطوة ” الضرورية “،إلا أن الموضوع يظل محكوماً تماماً  بجملة عوامل وعقد متشابكة مليئة بالتعقيد والنفعية التي لا تمت للمشروع القومي الكوردي وجوداً وحقوقاً بأية صلة. بعد أن شارفت العمليات العسكرية الرئيسية للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على الانتهاء، بدأت المبادرات تتزاحم، والأجندات تتصادم، واللاعبون المختلفون – المتفقون يتسابقون صوب تلك البقعة الجغرافية الهامة من كوردستان سوريا التي باتت تعرف إعلامياً بمنطقة شرق الفرات.ولاننسى هنا بأنه ومنذ اللحظة التي نشر فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتاريخ 19 كانون الأول 2018″ تغريدته الإشكالية اللامسؤولة ” بخصوص سحب قوات بلاده من سوريا،حدث في المنطقة مايشبه الزلزال،وكانت ردود الفعل متباينة وفقاً وطبقاً لمصالح الجهات المختلفة والمعنية بمستقبل تلك المنطقة،وظهر سباق محموم من قبل أكثر من جهة بغرض السيطرة على تلك المساحة الجغرافية الهامة ،وكشف الجميع عن نواياه تجاه هذه المنطقة ومكوناتها. وعلى الفئة التي نقصدها في قيادة حزب الاتحاد الديمقراطي أن تعي تماماً حجم المخاطر المحدقة بالمساحة التي تقع تحت سيطرة الحزب اليوم،حيث هناك أكثر من جهة محلية وإقليمية ودولية تتقاتل وتتفاوض على مصير هذه المنطقة ومستقبلها .
فمن جهة هناك تركيا التي تتذرع دائماً بأن حزب الاتحاد الديمقراطي ومسلحيه عبارة عن امتداد لحزب العمال الكوردستاني وأجنداته ،وخاصةً إذا أخذنا بعين الاعتبار الصراع الدموي المرير بين العمال الكوردستاني وتركيا ومنذ أكثر من أربعة عقود والذي خلف عشرات الآلاف من الضحايا جلهم من المدنيين،ومايشكل دوام هذا الارتباط  حجة قوية بيد تركيا في الاستمرار بالتهديد بالاجتياح العسكري على ماتبقى من كوردستان سوريا بعد عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون في الجزء الواقع غرب الفرات من كوردستان سوريا،وبالتالي مايفرض هذا الواقع على الواعين في قيادة pyd بضرورة التحرك وإبعاد ماتبقى من كوردستان سوريا من دائرة الصراع بين تركيا و pkk ،وعليهم أن يدركوا جيداً بأن التحالف الدولي وفي مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية يشاطر تركيا في ما يتعلق بتصنيف pkk كمنظمة إرهابية يستوجب محاربتها، لذلك يجب التحرك لقطع الطريق على هذا الصراع الذي يجري في ساحتنا، وهذه المعركة التي يجب أن تبقى في ملعبها وليس في كوردستان سوريا.وهنا لاننسى الفصائل العسكرية العربية السنية التي يغلب عليها الإسلام السياسي الراديكالي، والتي شاركت في عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون والتي تحشد هي الأخرى وتتجهز لدخول هذه المنطقة ( شرق الفرات ) والتي ستؤيد وستشارك تركيا في أية عملية عسكرية قادمة، مما يعني وضع المنطقة أوجزء منها أمام حالة من الصراع المفتوح بين ماتسمى بقوات سوريا الديمقراطية من جهة،وتركيا والفصائل العسكرية السورية الموالية لها من جهة أخرى.وبالتالي إعادة خلط الاوراق من جديد وحدوث موجات جديدة من نزوح المدنيين . ومن جهة ثانية هناك نظام البعث الذي يحاول استعادة هذه المنطقة بحجة السيادة الوطنية ! ووحدة وسلامة الأراضي ….الخ من هذه الشعارات الكاذبة، ويسانده في ذلك إيران وميليشياتها الشيعية ، وربما روسيا أيضاً إلى درجة معينة.ولن يكون حال pyd في حال وقوع هذا السيناريو أفضل كون النظام سيلجأ إلى قمعه وتحجيمه . لذلك على هؤلاء – المعنيين في قيادة pyd – أن يستفيدوا من وجود التحالف الدولي المناهض للإرهاب بقيادة أمريكا ، ويبادروا إلى اتخاذ تلك الخطوة الضرورية – فك الارتباط – والتأكيد على خصوصيتهم القومية الكوردية والوطنية السورية. وبعد الإعلان عن فك الارتباط لابد لـ pyd العمل على إخراج كافة الكوادرالعسكرية والسياسية والإدارية لـ حزب العمال الكوردستاني والتي تنحدراصولها من أجزاء كوردستان الأخرى من كوردستان سوريا ،والقيام ببعض الخطوات التي تعزز الثقة وتمهد للحوار والاتفاق ومنها :إطلاق سراح كافة المختطفين والكشف عن مصير جميع المفقودين ، والإقرار بأن القضية الكوردية في سوريا هي قضية ” أرض وشعب ” وفتح كافة المقرات العائدة لأحزاب المجلس الوطني الكوردي ،والدخول في مفاوضات جدية مع المجلس الوطني الكوردي في سوريا ENKS للوصول إلى اتفاق واضح وشامل لكافة الجوانب العسكرية والأمنية والإدارية والسياسية،وفسح المجال أمام عودة قوات بشمركة كوردستان سوريا المعروفة بـ ” لشكري روج ” لتشكيل قوات عسكرية مشتركة تتولى الدفاع عن المنطقة ومكوناتها،وتحافظ على السلم الأهلي فيها،وبمشاركة كافة الفعاليات الأخرى التي مازالت خارج إطاري ” TEV – DEM و ENKS “،ومن ثم التحضير لعقد مؤتمر جامع لممثلي جميع مكونات المنطقة لتشكيل مرجعية تتولى تشكيل إدارات توافقية مؤقتة لتهيئة الظروف لإجراء انتخابات حرة وبإشراف أممي لتشكيل المجالس على قاعدة التوافق لفسح المجال أمام مشاركة جميع المكونات لإدارة شؤون المنطقة،والمشاركة في المفاوضات التي تهدف لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية وفق بيان “جنيف1 ” لعام 2012 والقرارات الدولية ذات الصلة وخاصة القرار 2254 لعام 2015 وعلى قاعدة اللامركزية السياسية ( الفدرالية ). وجدير ذكره بأن الحوار بين المجلس الوطني الكوردي ENKS وحزب الاتحاد الديمقراطي pyd يجب أن يتم برعاية المرجع القومي الرئيس ” مسعود البارزاني ” وبوجود الضامن الأمريكي وضمن جدول زمني محدد،من أجل الوصول إلى اتفاق شامل يتضمن رؤية واضحة بخصوص سوريا مابعد حقبة البعث وكذلك مستقبل إقليم كوردستان سوريا .وفي الختام هناك جملة أسئلة تشغل بال المهتمين في هذا الموضوع ومنها :
هل هذه الشريحة ( النخبة الواعية ) التي نقصدها من المنخرطين في حزب الاتحاد الديمقراطي  تمتلك حقاً إرادة حرة في اتخاذ مثل هذه الخطوة التي تعتبر حاجة ماسة للحفاظ على ماتبقى من الوجود القومي لشعبنا في كوردستان سوريا ؟. هل البنية التنظيمية لحزب الاتحاد الديمقراطي تسمح ببروز مثل هذا التوجه حتى يقدم أصحابه على مثل هذه الخطوة ؟ . وهل هناك من بدائل قد تبدو متاحة أمام pyd ليختار منها مايحافظ عليه كحزب وعلى مصالحه ، وتبقي في نفس الوقت على العلاقة بينه وبين مالك قراره ؟. وعلى الضفة الأخرى ماالمطلوب من المجلس الوطني الكوردي ENKS القيام به لتوفير الأرضية المناسبة ، والمناخات المشجعة لدفع هذه الشريحة وتشجيعها على القيام بهذه الخطوة ؟.  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…