محمد مندلاوي
عزيزي القارئ الكريم، ثبت عندي أن كل الكورد الذين توضع أسمائهم في مربع المثقفين والسياسيين، عدى عامة الشعب، الذين يتبنون ويرددون تلك المصطلحات.. التي يبتكرها المثقف والسياسي الكوردي وينشرها أو يذيعها في وسائل الإعلام المتعددة وتلحق الأذى والضرر البالغ بالكورد كشعب وكوردستان كوطن. سنأتي عليها في سياق المقال.
بالأمس شاهدت لقاءً تلفزيونياً في إحدى قنوات التلفزة الكوردية مع مطرب كوردي مثقف ومشهور في عموم كوردستان، لقد بلغ من العمر عتيا، إلا أنه لا زال بكامل قوته وحيويته، ودار حديثاً مطولاً خلال ذلك اللقاء.. بينه وبين المحاور الذي استضافه في برنامجه، وأثناء الحديث سأله المحاور سؤالاً استفزازياً عن أغانيه التي فيها شيء من الإباحية، رد عليه ضيفه المطرب بكلام ما معناه، أن هذا ديدن الأغنية الكوردية فهي بخلاف الشعوب المحيطة بنا، عند شعبنا الكوردي لا ينظر إليها بمعناها الإباحي المهين للمرأة، بقدر ما هي وصف بريء لجسم الإنسان هذا الكائن الحي المفكر.
وفي جانب آخر من البرنامج سأله محدثه عن حياته.. التي قضى غالبيتها خارج كوردستان في أوروبا وأمريكا، لكن السؤال كان في ثناياه شيء من الخبث الصحفي. لا شك أن جانباً كبيراً من الحديث دار بينهما عن علاقات الضيف النسائية أيام الشباب، وعلى وجه الخصوص علاقاته الغرامية.. مع فتيات أوروبا الجميلات ذوات الشعر الأشقر الذهبي وزرق العيون. لكن كل هذا الكلام العام عن الجمال والإباحية والليالي الحمراء لا يساوي عندي شيئا، وليس ضمن اهتماماتي. أنا الذي يهمني في هذه الانعطافة التاريخية الهامة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط هو الشعب الكوردي وكوردستان، كيف سيكون وضعهما بين شعوب هذه المنطقة بعد انتهاء هذه المرحلة الخطيرة، التي سيقرر فيها مصير شعوبها وبلدانها على الخارطة السياسية التي ستثبت رسمها وستبقى دون تغيير إلى فترة زمنية طويلة، لا يكون فيها كاتب هذه السطور ولا الذين من جيله على ظهر الأرض؟.
من الأسئلة التي أحرجت الضيف المطرب المثقف: سمعنا أن الراحل جلال طالباني أهدى لك أرضاً واسعة بمساحة سبع دونمات – بحجم ملعب كرة قدم – رد الضيف على المحاور: لا ليس سبع دونمات هي ست دونمات!!. يا ترى إذا العملية كلها غير سليمة ما الفرق بين السبعة والستة؟؟. وبعد أن عرف أن المحاور لا يتركه أن تمر هذه الجزئية بسلام اعترف الضيف قائلاً: وبنى لي بيت في هذه الأرض؟، واشترى لي سيارة أيضاً؟. طبعاً فوق هذا وظفه طالباني كمستشار له في رئاسة الجمهورية العراقية، والآن يقبض كل شهر راتب تقاعدي كبير. بعد كل هذا، يقول الضيف: أنا غير منتمي لحزب جلال طالباني؟!. حقاً “وهب جلال ما لا يملك” عجبي، أن جلال هذا يشتري بيت لبرهم صالح في أمريكا بكذا مبلغ بالعملة الصعبة، كشفه ملا بختيار في لقاء تلفزيوني. وقبل أن يقوم بسخائه الحاتمي مع برهم اشترى بيت آخر في أمريكا لسياسي فاشل من شرق كوردستان متهم بانتمائه لجهاز مخابرات الشاه سيئة الصيت”ساواك”طبعاً لا نعلم ماذا فعل جلال بأموال الشعب الكوردي الجريح، ما خفي كان أعظم. بينما نحن الذين صرفنا مبالغ من جيوبنا لحزب جلال طالباني في النهاية طلعنا من المولد بلا حمص، أرجو أن لا يحسب علي هذا أقوله كمثل ليس إلا، لأني لا أبيع تاريخ نضالي من أجل خلاص شعبي بثمن، لأن النضال الحقيقي لا يباع في سوق المزايدات السياسية.
الآن دعونا نذهب إلى بيت القصيد، إلى مضمون عنوان المقال كما نبغي. إن صاحبنا المطرب.. قال في ذلك اللقاء: أنه لم يدرس الموسيقى، بل أنه خريج علوم سياسية من إحدى الجامعات في إحدى الدول الأوروبية. قلت في نفسي هذا شيء جيد، مع صوته الشجي في الغناء يغرد في الساحة السياسية أيضاً وهذا يعني أنه يوزن كلامه جيداً ولا يطلق العنان للسانه يقول ما يشاء من كلمات غير مسئولة لا تخدم الشعب الكوردي وتضره أشد الضرر. لكني وجدته أنه كالآخرين في كوردستان لا يعير أي أهمية للكلام الذي يخرج من فمه حين ألغى في البرنامج المذكور جنوب وغرب وطنه كوردستان من الوجود ووضعهما داخل خارطة العالم العربي المبتكرة في أروقة مخابرات الأنظمة العربية التي سنمر عليها بعد قليل. عزيزي القارئ، كما أسلفت،أنه كبقية أولئك الذين أشرنا لهم أعلاه لا يحترمون ألسنتهم، ويتكلمون كأي أمي كوردي لا يجيد ألف باء السياسة، هو الآخر كما البقية في الإقليم الكوردستاني حين ذكر في سياق كلامه الشاعر السوري نزار قباني قال: أنه مشهور في العالم العربي. لا أدري أين هو هذا العالم العربي أو الوطن العربي؟ هل أن شمال إفريقيا جزء من العالم العربي!، هل أن مصر وسودان وسوريا والعراق ولبنان تشكل عالم عربي!. أيها الكوردي الذي تقول مثل هذا الكلام غير المسئول راجع كلماتك قليلا واحترم هذا الشعب الأبي الذي تلغي جنوب وغرب وطنه كوردستان بطرف لسانك الذي يعكس ما يدور في خلدك.. . إلا تعرف يا خريج علوم سياسية يوجد على كوكبنا عالم سياسي واحد فقط وهو العالم الغربي والتسمية ليست لها علاقة بأي عرق بشري مثل “العالم العربي” بل سمي باسم اتجاهه الجغرافي العالم الغربي. لكن يأتي السياسي أو الفنان أو الكاتب أو المثقف الكوردي الخ ويطلق العنان للسانه ويجتر كيفما يشاء ويمحوا الشعب الكوردي ووطنه كوردستان من الوجود دون أن يعي ماذا يخرج من فمه من كلام يجرح المشاعر الوطنية لدى المواطن الكوردي الكوردستاني؟؟!!. هناك شخص في حزب جلال طالباني اسمه الحركي “ملا بختيار” يعد نفسه “بليخانوف” السليمانية إلا أنه حين يتكلم لا يترك شيء من الكلمات التي تقض مضجع المواطن الكوردي الذي ليس له انتماء قومي وطني سوى للكورد وكوردستان، ويبدأ هذا الملا.. كلامه بذكر اسم برلمان بدل پەرلەمان، كأن اللغة الكوردية ليس فيها حرف الـ”پ = P” حتى يقول “پەرلەمان” كما يقول عموم الشعب الكوردي باستثناء مثقفيهم وسياسييهم الذين لا يجيدون اختيار مفردات صحيحة وسليمة في أحاديثهم أو في كتاباتهم!. ومن ثم يقول الملا: الوطن العربي، ويلحقه باسم ألعن من سابقه وهو العالم العربي الخ، هل حقاً أن هذا الـ”بليخانوف” سياسي؟هل نأمل من هذا.. أن يحرر لنا المناطق المستقطعة من براثن مجرمي العراق ويوحد لغتنا؟ ها هو يتنازل عن غرب وجنوب كوردستان من خلال كلامه.. ويضعهما داخل العالم العربي أو الوطني العربي دون أن يعرف الملا هذا، أنه كصاحبنا المطرب الذي درس العلوم السياسية في الغرب لقد محا غرب وجنوب كوردستان من الوجود دون أن يعني ماذا اجتر؟؟!!. أدناه خارطة العالم العربي التي تلغي وجود أي عرق آخر غير العرب وهذه هي التي تتبناها الكيانات العربية.. ترى فيها جنوب كوردستان جزءاً من الكيان العراقي، وغرب كوردستان جزءاً من الكيان السوري، هذا هو العالم العربي، الذي يتشدق بترديده دون حياء وخجل المثقف والسياسي الكوردي..؟؟!! :
عزيزي القارئ،هل رأيت بأم عينك كيف أن هذا العالم العربي يقضم غرب وجنوب كوردستان عن بكرة أبيهما من الوجود؟. عزيزي المتابع، هؤلاء هم تلامذة جلال الطالباني، الذي ترك خلفه جبالاً من المشاكل دون حل ورحل رحلته النهائية إلى العالم الآخر، لكنه غرس إبان حياته السياسية وعلى وجه الخصوص بعد عام 2003 سلسلة من المصطلحات العروبية غير الدستورية في رأس المواطن الكوردي، لقد سبق لنا ذكرناها مراراً كرارا في مقالاتنا السابقة إلا أنني لأهميتها أكررها هنا مرة أخرى ليدرك المواطن الكوردستاني مدى خطورتها عليه وعلى وطنه، كمصطلح كوردستان العراق، وكورد العراق، ونحن القومية الثانية، ونحن جزء من العراق، وأجزاء كوردستان الأربعة، والعالم العربي الخ، هنا نتساءل، من الذين يتبنون هذه الأسماء المسمومة ويرددونها، هل جاء شيء منها في دستور العراق الاتحادي؟؟. وتحدث الطالباني مراراً بتبجح عن كركوك قائلاً: “لا تكون كركوك إلا كما نحن نريد” لكنه طرح فيما بعد تقسيمه المعروف بـ32% لكل من الكورد والمستوطنون العرب والأقلية التركمانية.. التي جيء بها كجنود مرتزقة من آسيا الوسطى لحماية عروش الطغاة. الأستاذ كان يساوم على الأرض الكوردية كأنها ملك من خلفه. لكن تبين فيما بعد أنه قام بكل هذه الألاعيب البهلوانية من أجل رضا سيده القابع في طهران، وهذا الذي صار، لقد شاهد العالم بعد أن رحل الطالباني عن هذا العالم كيف نفذ نجليه ونجلي شقيقه الأكبر “جَنگى” وبقية أفراد الحاشية وصيته التي تركها خلفه بحذافيرها، وقاموا وفق تلك الوصية بتسليم كركوك إلى بغداد وطهران على طبق من ذهب، والشعب الكوردي المغلوب على أمره في جنوب كوردستان أعتقد بسجيته الصادقة الطيبة أن جلال الطالباني كان يعني بكلامه أنه سيعيد لهم كركوك إلى حضن الوطن الأم، كوردستان، ونفذ الذين استخلفهم وصيته.. التي لم تكن في صالح الكورد، ووضعوها في حضن حكام بغداد عملاء إيران، وهذا ما أراده الطالباني فعلاً حتى يحصل هو أو خلفاؤه في درس الوطنية على درجة جيد جداً من المعلم الجالس في “جمران” في أعالي طهران الذي لسان حاله يقول: حقاً أنهم خير خلف لخير سلف.
“هناك أناس سمعوا أن الوطن غالي فباعوه”
31 03 2019