مقالب بوتين ومضارب أردوغان

إبراهيم محمود
ثمة صور كثيرة تثير الضحك من ناحية، وتستدعي التفكير في خلفيتها، من خلال لقاءات أردوغان- بوتين، من ناحية أخرى.
طبعاً ، شتان ما بين رجل المخابرات الداهية، ونجم روسيا بلا منازع، كما تشهد له صولاته وجولاته في إدارة الدبلوماسية الروسية من النسَب الدبّي حقيقة، أي بوتين، ورجل التكيّة، والمتدرج في الزوابيق التحزبية والدينوية، وذي الخبرة المحدودة في التعاطي السياسي العصري، كما تشهد مكوكياته السياسية ، وبهلوانياته الكلامية ووشعبويتها .
وفي الوصل بين بوتين وأردوغان، لفْت للأنظار إلى التاريخ العريق والساخن بين كل من الإمبراطورية الروسية، والإمبراطورية العثمانية، والصراعات الحدودية، والحروب التي خاضتاها كثيراً.
لأكثر من مرة، كل أردوغان لعبة بوتين، من خلال مسعى الأول إلى تصفية الأجواء بين الدولتين، أبعد من حدود إسقاط الطائرة الروسية تركياً، حيث إن مشاهد فيويوية تري كيفية استخفاف رجل روسيا البيضاء برجل التكية التركي.
وليس مشهد سحب الكرسي من ” تحته”، سواء أكان فبركة أو واقعاً، إلا تعبيراً عن حقيقة موقع أردوغان في ميزان الصرف البوتيني، بوتين الذي يبتسم، ولكنه يوجه الضربة، ولا يتوانى عن تسديدها عند اللزوم.
وما يجري مؤخراً، بالنسبة لدخول الدب الروسي على الخط، في الساحة السورية، يعلِمنا ما ينتظر أردوغان، ولعل بوتين، في بعض مما يمكن توقعه أنه سيكون قابض روحه، أو السبب في إخراجه من التاريخ، بعورة فضائحية .
هذا يعيدنا إلى لعبة الدبلوماسية، لعبة من يضحك أولاً، ومن يضحك أخيراً.
ولا أدري، هل سيسترجع رجل التكية العثماني، التركي بصورة ما، بعضاً من وعيه، لتدارك نهاية، هي من نوع ” فضيحة بجلاجل ” أم أنه سيمضي كما تكون نهايته المرسومة، ويكون مقتله عبر الفخ الروسي، لا قيامة لها بعدها؟ 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…