بقلم المحامي عماد الدين شيخ حسن
انطلقت اليوم في جنيف و كما تعلمون أجتماعات و أعمال اللجنة الدستورية السورية و التي كان قد جرى تشكيلها و تسمية أعضائها في فترة سابقة بواقعٍ أساسه و زعمه أنّ خمسون إسماً يمثلون النظام و مثلهم يمثلون ما تسمى بالمعارضة السورية و خمسون آخرون ممثلين فيها عن المجتمع المدني . علماً بأن المساعي في هذا الصدد و الاتجاه تجري بإشراف و متابعة من الأمم المتحدة و مبعوثها الى سوريا غير بيدرسون .
و بهذه المناسبة رأيت من واجبي كمعنيٍ بهذا الموضوع ، سواءً كسوريّ أو كقانونيّ أو ككورديٍ من الكورد السوريين الذين هم جزءٌ من شعبٍ أصيلٍ على أرضهم التاريخية داخل الحدود السياسية الدولية لهذه الدولة التي يتم الإعداد والتحضير لدستورٍ جديد لها ، من كل تلك الاعتبارات رأيت من واجبي و حقي إبداء آرائي و قناعاتي حول المسألة .
سنداً لجملة كبيرة من العوامل و الإعتبارات أرى بأنّه من المحالّ أن يرى أيّ دستورٍ سوري النور وفق الكيفية و الأسلوب اللذان يتم التعامل بهما مع هذا الاستحقاق الهام و الهام جداً كأساس و مدخل للحل النهائي و الشامل للوضع و المأساة السورية ، و لا تغرنّكم التصريحات و البشائر التي تسمعونها و التي تبني و تعلق الآمال و الطموحات على لجنةٍ كهذه في خروجها بنتائج ايجابية و بدستورٍ يتوافقون عليه أو يلبي أدنى الطموحات .
القانون علمنا أيها الأخوة و أيتها الأخوات و كذلك التاريخ و الواقع و المنطق أيضاً بأن فاقد الشيء لا يعطيه و بالتالي فأعضاء هذه اللجنة برمتهم و دون استثناء هم عيّنة حقيقية من قوام جماعةٍ أو مجموعةٍ بشرية سلبت إرادة السوريين و يدّعون تمثليهم زوراً و بهتاناً و آخر همها سوريا و السوريين ، و في ذات الوقت لا سبيل لإقصائهم جانباً أو تنحيتهم و لو في الوقت الحاضر على أقل تقدير .
و هذه النماذج أثبتت سواءً طوال السنوات التسع الأخيرة من الصراع و الاقتتال و التناحر أو العقود التي سبقتها و تفاصيلها بأنها مجموعة غير مؤهلة و لا تمتلك أدنى مقومات الوعي و المسؤولية لأن تجعل أو تصل بالسوريين لأن يتعايشوا مع بعضهم ضمن كيان دولة تجمعهم و تحقق لهم و لو قدراً مقبولاً من المساواة في الحقوق و الواجبات و الالتزامات و المسؤوليات و قيم العدالة و العدل و الديمقراطية و مثيلاتها .
أجل …هذه هي الحقيفة المؤلمة و الصادمة و للأسف و التي أعلم بأنها قاسية و مهينة لنا جميعاً و لكن يجب أن نعيها و آن لنا ذلك ، و أي قولٍ خلافه هو وهمٌ و خداعٌ لنا قبل أي أحدٍ آخر و هو أيضاً هروب من المسؤولية و غرقٌ في البلاء أكثر فأكثر .
و بناءّ عليه ….فنحن شئنا أم أبينا أما حلين لا ثالث لهما و هما :
إما الإنفصال و تقسيم الدولة السورية الى أجزاءٍ و دويلات حسب الآلية التي توفر إمكانية التعايش المقبولة ، رغم علمي و يقيني بأن هذا الطرح سيجلب لي وابلاً من النقد و الاستنكار و الاتهامات ، و لا سيما بأن التهمة تجاه الكورد أو كوردي مثلي دائماً جاهزة بأنهم قومٌ إنفصاليون و خونة و ما الى ذلك ما أن ينطق أحدهم بأبسط حقوقه .
الحل الآخر هو أنه و من منطلق أننا و كما أسلفت و أشرت أمام قومٍ استولوا على زمام أمورنا و سلبونا الإرادة و فرضوا أنفسهم فرضاً علينا دون ان تكون لنا طاقةٌ في إقصائهم ، و هم في الوقت ذاته ليسوا أهلاً بالمطلق لجلب الحلول و الخلاص لنا و بالتالي فنحن عملياً و نتيجةً أناسٌ فاقدي الأهلية أو على الأقلّ ناقصيها و هذا يستتبع بأننا و بالضرورة و الحتمية نحتاج الى وصيّ أو أوصياء علينا يديرون شؤوننا و يوجهون قراراتنا و تصرفاتنا و يتحكمون بنا و ما الى ذلك . و بالتالي نحن بحاجةٍ و أولاً الى وصيّ خارجي و من غير السوريين يسنّ لنا دستوراً جاهزاً يفرضه علينا فرضاً و بالاكراه و يلزمنا به ، و أيضاً و بناءً على تفاصيله يرسم و يتابع كافة الخطوات و الاجراءات التي تلي الدستور و تتمخض عنه و يرغمنا على التقيد بكل ذلك ، ليتحقق و نتيجةً قدرٌ من الأمن و السلام في سوريا و لو مزيّفاً ، و بالتأكيد لن يكون عمل الوصي أو الأوصياء مجاناً أو حسنةً لوجه الله كما يقال ، بل سيقبض كامل أجره و مستحقاته من خيراتنا ، و أقصى ما بمقدورنا هو الإمتنان له إن رأف بحالنا قليلاً . و أيّا فعل ذاك الوصي فلن يكون ظالماً لأننا نستحقّ و بجدارة كل ما يجري لنا و علينا .
اكتفي بهذا القدر منهياً حديثي و مستبقاً الأحداث بالقول بأنً اللجنة الدستورية السورية ستفشل فشلاً ذريعاً و لن تصل الى أي توافق و إتفاق يكون أساساً لبناء و إقرار دستورٍ للبلاد .
مع الإشارة الى احتمال توافقهم و اتفاقهم على جزئيةٍ وحيدة فقط و هي النيل من حقوق الكورد في سوريا ، لأن إنكار حقوق الكورد دائماً سواء في سوريا أو خارجها هو السرّ الغريب و السحري الوحيد الذي يتفق عليه ألدّ الأعداء عندما يجتمعون .
أما لمن يظنّ بأنّ للكورد ممثلون في هذه اللجنة فأقول …ربما أقبل بدابةٍ تمثلني على أن أقبل بأحدهم .
دمتم في رعايته و حفظه
المانيا ٣٠/١٠/٢٠١٩