السيد غير بيدرسون، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة؛
السادة الرئيسين المشتركين للجنة الدستورية؛
السيدات والسادة أعضاء اللجنة الدستورية؛
إن الجمهورية السورية الثالثة التي يتطلع معظم السوريون إلى الانتقال إليها هي دولة ديمقراطية حديثة، دولة مستقلة ذات سيادة: السيادة فيها للشعب، وهو مصدر كل السلطات، وتقوم على مبدأ المواطنة المتساوية وفصل السلطات، واستقلال القضاء والتداول السلمي للسلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة.
دولة عابرة للقوميات والأديان والطوائف، وليست حكرا لدين أو مذهب أو عرق أو إيديولوجيا أو حزب. دولة تكون محايدة اتجاه كل الأديان والعقائد مع التأكيد على احترام كافة الأديان والعقائد. وبهذا المعنى هي دولة كل المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم، هي دولة الحقوق والواجبات وسيادة القانون على الجميع.
إن تاريخ سوريا وحضارتها اختزنا كل أنواع التنوع، ولم تكن يوما ذات نوع واحد، لذلك ندعو أن يقر دستور سوريا الجديد لأن سوريا متعددة القوميات والثقافات، ويضمن دستورها الحقوق القومية لكافة المكونات من عرب وأكراد وسريان آشوريين وتركمان وغيرهم بثقافاتهم ولغاتهم على أنها لغات وثقافات وطنية تمثل خلاصة تاريخ سوريا وحضارتها. وذلك في إطار وحدة سوريا أرضا وشعبا. كما ندعو إلى المساواة التامة بين المرأة والرجل وإلغاء كافة أشكال التمييز والعنف ضد المرأة، وضمان تمثيلها تمثيلا عادلا في كل المؤسسات والسلطات. ونؤكد أيضا على مبدأ اللامركزية الإدارية.
إن الإطار الدستوري والقانوني هو الذي سوف يحدد مستوى وقابلية الاندماج في الدولة الوطنية؛ فإذا بني على أسس العدالة والمساواة والشراكة واحترام التنوع واحترام حقوق الإنسان، فإن هذا كفيل بتحقيق الاندماج الوطني وتعزيز الهوية الوطنية السورية الجامعة.
إن المنظمة الآثورية الديمقراطية في مقاربتها للمسألة الوطنية تستند إلى مبدأ سوريا أولا وأخيرا، وتنطلق من احترام الدولة السورية بحدودها الراهنة المعترف بها من الأمم المتحدة، بما في ذلك الجولان المحتل، باعتبارها وطنا نهائيا لكل السوريين. وهذا يقتضي من الجميع العمل على إعادة الاعتبار إلى الرابطة الوطنية السورية وتنميتها وتعزيزها. كما يتطلب تحويل حالة التنوع إلى عامل غنى وقوة بدلا من أن يكون عامل تمزيق للهوية السورية ومهدد لوحدة الوطن. وهذا يستدعي من الجميع رفض ونبذ كافة أنواع التعصب والتطرف والاستعلاء القومي أو الديني، والعمل على إشاعة وترسيخ ثقافة المواطنة والاعتدال والتسامح وقبول الآخر.
ختاما، وبعد تسع سنوات من المآسي والويلات التي كابدها الشعب السوري وحالة الدمار والخراب التي حاقت بوطننا، ينبغي علينا جميعا تركيز الجهود من أجل بناء دولة ديمقراطية حديثة قادرة على تحقيق الرفاه والازدهار لمواطنيها، وقادرة على التفاعل والتكامل مع محيطها العربي والإقليمي والدولي وفق سياقات عصرية متطورة، تستجيب لخير ومصالح الشعب السوري.
وشكرا للاستماع.
جنيف، الخميس ٣١ تشرين الأول ٢٠١٩