كلمة المنظمة الآثورية الديمقراطية في اجتماع اللجنة الدستورية في جنيف ألقاها السيد كبرئيل موشي كوريه

السيد غير بيدرسون، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة؛
السادة الرئيسين المشتركين للجنة الدستورية؛
السيدات والسادة أعضاء اللجنة الدستورية؛
إن الجمهورية السورية الثالثة التي يتطلع معظم السوريون إلى الانتقال إليها هي دولة ديمقراطية حديثة، دولة مستقلة ذات سيادة: السيادة فيها للشعب، وهو مصدر كل السلطات، وتقوم على مبدأ المواطنة المتساوية وفصل السلطات، واستقلال القضاء والتداول السلمي للسلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة.
دولة عابرة للقوميات والأديان والطوائف، وليست حكرا لدين أو مذهب أو عرق أو إيديولوجيا أو حزب. دولة تكون محايدة اتجاه كل الأديان والعقائد مع التأكيد على احترام كافة الأديان والعقائد. وبهذا المعنى هي دولة كل المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم، هي دولة الحقوق والواجبات وسيادة القانون على الجميع.
إن تاريخ سوريا وحضارتها اختزنا كل أنواع التنوع، ولم تكن يوما ذات نوع واحد، لذلك ندعو أن يقر دستور سوريا الجديد لأن سوريا متعددة القوميات والثقافات، ويضمن دستورها الحقوق القومية لكافة المكونات من عرب وأكراد وسريان آشوريين وتركمان وغيرهم بثقافاتهم ولغاتهم على أنها لغات وثقافات وطنية تمثل خلاصة تاريخ سوريا وحضارتها. وذلك في إطار وحدة سوريا أرضا وشعبا. كما ندعو إلى المساواة التامة بين المرأة والرجل وإلغاء كافة أشكال التمييز والعنف ضد المرأة، وضمان تمثيلها تمثيلا عادلا في كل المؤسسات والسلطات. ونؤكد أيضا على مبدأ اللامركزية الإدارية.
إن الإطار الدستوري والقانوني هو الذي سوف يحدد مستوى وقابلية الاندماج في الدولة الوطنية؛ فإذا بني على أسس العدالة والمساواة والشراكة واحترام التنوع واحترام حقوق الإنسان، فإن هذا كفيل بتحقيق الاندماج الوطني وتعزيز الهوية الوطنية السورية الجامعة.
إن المنظمة الآثورية الديمقراطية في مقاربتها للمسألة الوطنية تستند إلى مبدأ سوريا أولا وأخيرا، وتنطلق من احترام الدولة السورية بحدودها الراهنة المعترف بها من الأمم المتحدة، بما في ذلك الجولان المحتل، باعتبارها وطنا نهائيا لكل السوريين. وهذا يقتضي من الجميع العمل على إعادة الاعتبار إلى الرابطة الوطنية السورية وتنميتها وتعزيزها. كما يتطلب تحويل حالة التنوع إلى عامل غنى وقوة بدلا من أن يكون عامل تمزيق للهوية السورية ومهدد لوحدة الوطن. وهذا يستدعي من الجميع رفض ونبذ كافة أنواع التعصب والتطرف والاستعلاء القومي أو الديني، والعمل على إشاعة وترسيخ ثقافة المواطنة والاعتدال والتسامح وقبول الآخر.
ختاما، وبعد تسع سنوات من المآسي والويلات التي كابدها الشعب السوري وحالة الدمار والخراب التي حاقت بوطننا، ينبغي علينا جميعا تركيز الجهود من أجل بناء دولة ديمقراطية حديثة قادرة على تحقيق الرفاه والازدهار لمواطنيها، وقادرة على التفاعل والتكامل مع محيطها العربي والإقليمي والدولي وفق سياقات عصرية متطورة، تستجيب لخير ومصالح الشعب السوري.
وشكرا للاستماع.
جنيف، الخميس ٣١ تشرين الأول ٢٠١٩

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…