حزني كدو
زميلي المحاضر الجامعي التونسي دخل العقد الرابع من العمر ، تعرفت عليه بحكم العمل ، حقا كان رجلا دمث الأخلاق و مثقفا ,درس في ليبيا وعمان و السعودية ، تعرفنا على بعضنا البعض عن قرب بعد عدة نقاشات عالية المستوى على الصعيدين الاجتماعي و السياسي ، وذات يوم قال لي أبان أزمة كوباني و صمود الوحدات الكردية وتلاحم البشمركة معهم ضد داعش.كنت أعرف القليل عن الكرد ، قرأت عن شجاعة صلاح الدين و عطفه و رحمته تجاه العدو، قرأت لأبن تيمية ، قرأت عن البارزاني ونضاله و السنوات التي قضاها في الاتحاد السوفياتي ، قرات عن أوجلان والظلم و الغدر الذي لحق به ..ثم شهدت و العالم على وقوفكم دون الغير ضد داعش في العراق و في كوباني من الاعلام و من اصدقاء قربين من الأحداث ….مضيفا….
” حقيقة أحسدكم يا أحفاد صلاح الدين ، فقلت له حسدنا ياراجل(على قول فيصل القاسم ) على ماذا تحسدنا ؟ قال
احسدكم على إرادتكم الصلبة الجبارة و عنادكم وتحملكم
احسدكم على شجاعتكم وتفانيكم لوطنكم كردستان
احسدكم على نظافتكم في بيوتكم واولادكم و قلوبكم
احسدكم على صدقكم و اخلاصكم
احسدكم على قوة ايمانكم في اسلامكم بالرغم مما تعرضتم له من مظالم على مر التاريخ
احسدكم على شجاعة وقار نساءكم و هن في المعارك
وأخيرا و ليس أخرا أحسدكم على محبتكم لبعضكم البعض .
تلعثم ..ثم قال أريد برشا ….برشا ان اتزوج من فتاة كردستانية …فقلت له “ليس كل ما يلمع ذهبا ”
فقال ، حقا أتمنى أن اتزوج بكردية ، فقلت مازحا تعلم لغتنا اولا ، و قدم طلب انتساب للحصول على الجنسية الكردية ثانيا ، ثم سندرس طلبك ، فقال … انتم خذوا الجنسية من بشار أولا يا عمي … و دارت الأيام بسرعة ، وانتهى معها العام الدراسي و ألغي عقدي و عقد زميلي وسافر الى تونس ثم باريس و بعدها انقطعت أخباره …لكنه أتصل بي بالأمس مستفسرا وقائلا صديقي يا حفيد صلاح الدين …مالذي يجري في كردستان ؟ مالذي اصابكم ؟ هل نسيتم داعش والذين سبقوه ؟ الملالي و المالكي وتركيا ينتظرون الفرصة حتي ينقضوا عليكم ، اين كل الحب الذي كان بينكم ؟ هل تنتظرون الغزاة ؟ االعالم في الغرب ينظرون اليكم نظرة فخر و اعتزاز و سيغيرون خريطة العالم من أجلكم ،ولكنكم ترفسونها بحماقاتكم و عنادكم و تحرقون انفسكم وتدمرون كل الجمال فيكم…احبكم برشا …برشا …فقلت هي غنية لصابر الرباعي ….وكذلك حالنا أصبحت مثل الأغنية الحديثة ….ثم سألته هل لا زلت ترغب باالزواج من كردستانية ؟ قال نعم ولا …قلت و ضح ؟ قال لاحقا وعندما تعودون الى رشدكم سأخبرك ….احبكم برشا برشا و في أمان الرحمن
فكرت في كلام زميلي وصديقي التونسي ….قلبت الحوار في رأسي …..ثم تذكرت ذاك الكردي البسيط في السبعينات رحمه الله ، كيف كان ينقهر و يتصبب عرقا و يضع يد على قلبه خوفا على ولديه و هم يتقاتلون فيما بينهم على الطالباني و البارزاني ….عجبا حال الكرد ….تغير مزاجي ومر أمام ناظري شريط سينمائي عن صراع الكرد بين البارزاني و الطالباني في كردستان العراق و تأثيرها على كرد الأجزاء الأخرى ، و بين اليمين و اليسار في سوريا ..من كان صائبا و من كان باغيا …و اليوم التاريخ يعيد نفسه ، الحلم ، حلم الكرد جميعا على وشك أن يتحقق في كردستان العراق و في روشافا و بفضل دماء الشهداء و التحالف الغربي والعم سام..
أه و ألف أه لكل ما يحدث للكرد، … التاريخ لا يغفر لمن كان سبب كل تلك و هذه الانشقاقات و السبب في فشل الثورات الكردية ، و لكن التاريخ يضيف اضافات قد يقول قائل بأن كل الشعوب مروا بتجارب و حروب مريرة و قاسية مثل الكرد .والجواب انظروا الى العالم من حولكم و من خلفكم …هل هناك في المعمورة كلها شعب بهذا الحجم و هذه التضحيات و بدون دولة ؟ ماالحل ؟
الحل و العلاج يكمنان في دولة كردية مستقلة ، و هناك جزء جاهز لكننا( صم بكم عم .) لاننا بكل بساطة لم نتذوق طعم الحرية ، خلقنا وأبانا و نحن تابعين ، لم نعرف ان نكون أحرارا ، لم نتذوق طعم الدولة المستقلة ….خلقنا تابعين …تابعين …
دمت بخير يا زميلي وصديقي التونسي
أحبك برشا وأحب تونس الخضراء برشتان