تجنيد القاصرين لمصلحة من ولماذا ؟

 خالد بهلوي

عندما تمتد النزاعات المسلحة بين الأطراف المختلفة
لسنوات يخسر الجميع الكثير من الشباب المقاتلين في ساحات المعارك , فيصبح صعباً
تأمين عناصر بديلة لغياب التجنيد الالزامي وامتناع الشباب عن التطوع.
لكل هذا تحتاج الأطراف المتنازعة عدا القوات
النظامية إلى تجنيد الأطفال القاصرين لاستخدامهم كوقود في معاركهم ولحماية العناصر
المدربة المقاتلة لديهم من الموت.
فظاهرة تجنيد الأطفال واستغلالهم في المعارك قديمة
, وللأسف مستمرة حتى الآن, وبعد ظهور التنظيمات والفصائل المسلحة بتسميات وأهداف
مختلفة انتقل ملف تجنيد القاصرين من السرية إلى العلنية. وللأسف
يساق القاصر أو الشاب إلى ساحات المعارك دون تدريب كاف لفنون القتال , ودون النظر
إلى طاقاته وقدراته العقلية والجسدية.
وهذا يؤكد عدم اهتمام وحرص هذه التنظيمات على أرواح القاصرين والشباب , لأن من يحرص على أرواح مقاتليه لا يلقيه في المعارك دون دورات تدريبية مكثفة وكافية واستعداد قتالي منظم. 
للحقيقة يبدأ ترويض الطفل بقتل حيوان أو انسان دون أن يكون له ذنب, فلأول مرة يتملكه شعور غريب من الخوف والتوتر , لكن بعد تكراره للقتل مع استمرار التلقين وحشو دماغه يبقى أسير تعليمات الجهلة , و تصبح لديه مناعة ضد الخوف وتتشكل لديه قناعة بأن القتال هو  الصح لدحر العدو ولو كان وهمياً.
تلجأ جميع أطراف الصراعات المسلحة إلى تجنيد القاصرين لأن قابلية تعليمهم أشياء جديدة أكثر من البالغين، وتكلفة إعدادهم قليلة مقارنة بالأكبر منهم سنًا , وهم أكثر انضباطا ويسهل توجيههم ويتمتعون بخفة في الحركة والانتقال من مكان إلى آخر ودخول مناطق لا يستطيع الكبار دخولها , و لا يثيرون الشكوك ويكسبون تعاطف عامة الناس , ولديهم روح الحماس وحب الشعور بالقوة أمام الآخرين . الأطفال المشردين فريسة سهلة في أيدي المافيات المسلحة أياً كانت مسمياتها وأهدافها المعلنة , فمن السهل غسل فكر الطفل المشرد وزرع أفكار متطرفة وإقناعه بأن تلك الأفكار المتطرفة هي الصح وأن الآخر سبب تشرده ومعاناته ولا يستحق الحياة. 
يوافق الطفل على الالتحاق بالتجنيد بسبب سوء المعيشة وحاجته إلى مصدر رزق يعيش منه وقد يعيل أسرته بعد فقدانه الأب. 
البعض يدخل ساحة المعارك بدافع الانتقام لأحد أفراد العائلة، وقسم نصرة للأفكار التي فرضها عليه المأجورين والمنفذين لأوامر أسيادهم ” تجار الحروب والأزمات ” , وقسم تحت تأثير الألعاب الالكترونية الحربية على اليوتيوب والتلفاز .
كل هذه العوامل تسهل على المافيات سوقهم للجندية , أياً كانت المبررات والوسائل المتبعة في تجنيد القاصرين يعتبر جريمة بحق الإنسانية وبحق الطفولة المقدسة وبحق كل شاب في مقتبل العمر يحلم بمستقبل وحياة سعيدة، لا الموت في ساحات تجار الحروب والأزمات وتعتبر بحق افة اجتماعية خطيرة تهدد امن وسلامة المجتمعات الإنسانية . لان تاثيرها  النفسي تمتد لسنوات على القاصر لمشاهدته  صور القتلى والجرحى والمصابين والمعاقين والمشوهين 
كل هذا يتم في ظل عجز المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية المكلفين حكماً بحماية ورعاية الطفولة وحماية القاصرين وابعادهم عن ساحات المعارك بحسب البروتكول الإضافي لسنة 1977 لمعاهدة جنيف ولاحقا حسب قانون المحكمة الجنائية الدولية  والمتضمن تجنيد القاصرين تعتبر جريمة حرب , فمن يسلم من القصف الوحشي قد يستشهد في ساحات المعارك التي يديرها ويستفيد منها الآخرين.
أعلى النموذج

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…