على هامش احداث 12 أذار حوار مع صديق مختلف **

إبراهيم اليوسف 
التقيته بعد أن عادت الحياة والحركة –نسبياً- الى شوارع المدينة عقب أحداث 12 اذار-الرهيبة، وبعد السؤال من قبل كلّ منا عن صحة الاخر، واحواله، عرض علي الجلوس في مكتبه القريب، فكان ذلك، كي تنهال علي هناك أسئلته وكأنها معدة مسبقاً:
-كنت أحسّ ان لك قناعات معينة- غير التي عبرت عنها في مقالاتك الأخيرة- وأنك وستظل مخلصاً لها ما حييت….!!؟
-أية قناعات؟
-أو لم تكن ماركسياً لينينياً؟
-وهل لاحظت أنني قد غيرت هذه القناعات قيد انملة؟
-ألم تكتب عن أحداث 12-أذار-ككردي…!
-لقد حاولت- قدر الامكان-أن أترجم قناعاتي و في منتهى الموضوعية ! 
– و لكن صوتك كاد يتماهى مع الصوت الكردي ….تماماً …؟
-من قال لك يا صاحبي أن الماركسية الحقة تعني نسف الخصوصية، لا سيما إزاء حالة شبه استثنائية – هي حالة الكردي؟ – من قال لك أن أكون أممياً يعني أن أقفز من فوق قضايا أبناء جلدتي، و أدير لها الظهر متنكراً لكل آلام ذويَ، كي أبدو أممياً من الطراز الأول، صدقني لن أكون أممياً حقاً …ما لم أكن وطنياً حقاً …بل و قومياً حقاً …إن من ينكر خصوصية الجزء – ينكر هيبة الكل – بكل تأكيد ..!
– لكن لم لم تكتب عن(…………………..)
-أو لم تجد يا أخي أنني كنت أحد هؤلاء الذين رغم حقدهم الذي لا يوصف على – الدكتاتور صدام حسين – أدنا قتل أبرياء العراق – و استنكرنا تهديد بلدنا سورية عشية سقوط صدام حسين و في ( 4 نيسان ) و كان الأمر يكان آنذاك –على بيادر سوريا  ––  و كان الكثير من المثقفين الذين – يزاودون – علنياً الآن ، لائذين بالصمت ، و كأنهم يقبلون بالأمر الواقع ….!
أو لم تجد أننا كتبنا عن فلسطين – و عن انتفاضتها – و حتى محمد الدرة، لقد بكينا الشهيد محمد باقر الحكيم وشهيدة مجلس الحكم …….- وكلاهما غير كردي،كما بكينا شهداء اربيل – في 1 شباط – و بالطريقة نفسها تألمت لمن شواهم ارهابيو الفلوجة في أقذر وأبشع لقطة رأتها عيناي على الإطلاق ، لأبكي بالتالي ( أبرياءها ) الذين قضوا نخبهم بسبب هؤلاء المجرمين !
-لكنك بدوت في كتاباتك منحازاً ……
– أجل كنت منحازاً الى الحقيقة ..وحدها …..
– كيف …..؟ 
– لقد كتبت ما شاهدته بأم عيني، كانت هناك (كذبة كبيرة )كما قيل 
و كان ينبغي (( فضحها )) لقد قلت في أول يوم و في أول تصريح على الإطلاق و عبر الأثير –عقب أمر محافظ الحسكة إطلاق النار على المواطنين: يبدو أن بعضهم يريد أن يحول الصراع – و كأنه عربي كردي – الأمر ليس كذلك ،لقدأسهمت منذاللحظة الاول –من جهتي كإعلامي وطني -لخلق نواة رأي جمعي وطني في هذا المضمار،من خلال التأكيد أن العربي ، والكردي ،والسرياني ،والأرمني ،والآشوري ،والشركسي، والجاجاني –كلهم درايا بشرية في مرمى القناصة-وان كان الكردي هو المطلوب كما ستدل على ذلك الوقائع لاحقاً- رغم سقوط شهيدين عربيين ،ايضاً ،في اليوم الأول، قضوا برصاص الشرط – أجل لقد قلت وبصوت عال على مسامع العالم عبر إحدى الفضائيات :لو أن ماتم من فظائع ارتكب بحق عرب او سريان ، او ارمن او اشور في القامشلي _ لكنت منحازاً الى هؤلاء –وبهذه الطريقة ، أنا كصحفي – ادعي – واقولها بتحد للجميع – ان قلمي شريف غير مباع – لا أنحاز إلا الى الحقيقة – والى المظلوم في وجه الظالم…
– ألا تعتقد أن الجريمة كان مخططاً لها؟
– ربما ……..
– كيف …. يبدو أنك ستتفق معي أخيراً؟
– ولكن على طريقة معلنها رسمياً …. او بعض الابرياء الذين انطلى عليهم الاًمر .
– ماذا تعني بهذا الكلام ؟
– اعني ان الكردي – كمادلت الوقائع لم يكن مهيئاً لكل ماتم البتة ، فلم تضبط الجهات المعنية أية حالة – تسليح لديه – هب ان محافظ الحسكة لو فرق الجمهور المذعور حول الملعب ، بالحسنى ، وواجههم برش المياه ، او الغازات المسيلة للدموع ، بدلاً عما قام به ووعد وبمعاقبة من افتعل الفتنة – اياً كان – لماحد ث كل ماحدث ولظل اسمه محفوراً في ذاكرة أبناء المحافظة كما هو الان موقفهم من السيد صبحي حرب- وهو شخص لم التقه ، وكتبت كثيراً مما كان لايعجبه … البتة طوال وجوده في محافظتنا.بل ولا أتصور أن أحدهم كتب عنه –بحدة –كما فعلت ،وباسمي الشخصي . 
– اولم يرفع احدهم في اليوم الثاني من الاحداث علم امريكا ؟
– الكردي في سوريا – لايمكن أن يفكرإلا : ان علم سوريا علمه – واذا كانت هناك حالة ردة فعل غير مسؤولة ، فهي لا تمثل الضمير الكردي في سوريا ، ان بعض المهرة في صناعة التهمة، صوروا الامور وكأن موكب التشييع، برمته، سار تحت ظل العلم الامريكي ( أونال من علم بلده ……وسوى ذلك من الاتهامات ذات معيار الثقيل للتغطية على الجريمة ، بغرض تمريرها ، وصرف الانتباه عنها ، وهو ما يستمر للأسف … حتى هذه اللحظة ..فيا للمهزلة !
– -ماذا تعني بهذا الكلام-؟
– أوجدت احداً ما تحدث- رسمياً-عن تلك الكوكبة من الابرياء الذين استشهدوا؟ – فلو أن حوالي أربعين قطاً قتل –وبأي صورة لكان الحديث عن مأساتها على الألسن – أم انهم كانوا يحكمون على النتائج – نتائج ردود الفعل وحدها ، وعلى الرغم من ان اعمال التخريب مدانة ، وينبغي معرفة فاعليها الحقيقيين ، إلا ان مسبب هيجان الناس بعد ايقاظ الفتنة على اصوات الرصاص الحي الموجه الى صدور المواطنين ، هو الذي يتحمل مسؤولية ذلك ؟ 
– لقد اشرت الى السيد المحافظ – في اكثر من حديث او مقال لك منشور ….؟ 
– اجل ، لقد وجهت رسالة الى د.بشار الاسد – رئيس الجمهورية ، حدثته –وباختصار عن وجهة نظري ، لانني موقن ان هناك من يريد ايصال الصورة مشوهة الى اصحاب القرار، رغم وجود أصحاب ضمائر وطنية يقظة في المقابل، ياصديقي – أولا يتم – عملياً- عزل مدير أية مزرعة، او مبقرة اذا تسبب في خسارة في بلده بمليون ليرة سورية !
– اجل !
– ولكن ، ماذا تقول في من يتسبب بخسارة بلده – كوكبة من الشباب وخراب المؤسسات ناهيك عمن انحرف اثر – تبعات المجزرة – في نفوسهم عميقاً ، ممن عذبوا بعد ان القي القبض عليهم دون ذنب اقترفوه ، ومورس بحقهم أبشع انواع التعذيب اللاإنساني ، هؤلاء الشباب هم أغلى من المليارات ، وانهم قادرون على جلب وصنع المليارات ، ، لكن المليارت لن تعيد هؤلاء الشهداء الى الحياة لممارسة دورهم الوطني والإنساني …!هذا اكبر ضرر بسوريا- داخلياً – عايشته وتابعت مجرياته عن قرب….تماماً …..للأسف. 
– كنت اريدك أكبر من أن تتنازل للكتابة عماتم وبعكس التيار …….
– انا صحفي، الكتابة هي مهنتي، وإن عدم الكتابة خيانة عظمى ، لقد كتبت لمدة ربع قرن لنصرة المستضعف، اياً كان ، لم يكن بتصوري – انبل وأعظم وألذ ّ من تلك اللحظةالتي انفرد خلالها لقول الحقيقة، انني اشعر بمتعة رائعة حين اتبنى الحقيقة، ولتعلم يا اخي – اننا معاشر الذين سبحوا عكس التيار، كما يخيل إليك، واستطعنا أن نحرر شرفا ء الكتاب من مزاعم بعض المضللين ، لقد كان ماتم امتحاناً كبيراً لمعرفة : الزائف من المخلص – مؤكد انك كنت تريدني ان أكون مع التيار الرسمي – اعلامياً- او ألوذ بالصمت … دافئاً رأسي – كالنعامة –في الرمال … حتى ترضى عني !
– لقد انزعجت منك بصراحة 
– أنا يهمني التاريخ … لئلا يلعنني ابنائي غداً – قائلين : لقد كان شيطاناً اخرس – حسبي انني قلت( كلمة حق) ، ربما في غير موعدها ، لكن ياصديقي هب أن – محافظ الحسكة تغير بموجب مرسوم جمهوري، وصدر ـ قرار رسمي ـ من أعلى السلطات في سوريا ، بأن السيد المحافظ يتحمل وزر ما تم ، ألن تأتي وسواك ، لتردد ما قلته أنا ، وعدد من كتابنا- العرب والأكراد والسريان والاشوريين، والارمن، والجاجان، والشركس – ممن استطاعوا ، التحرر من الرؤى الضيقة ، وكانوا إنسانيين نظيفين حقاً ، لم يتلوثوا- ولم يتخندقوا في دائرة حسابات تكتكية، شائنه!! ، ودون أن يخشوا في الحق لومة …لائم
أولا تعتقد أن هناك يداً خارجية في أحداث 12آذار ؟
ــ تقصد أن صدام حسين أرسل من أرسل ليرفعوا صورته في ملعب قامشلي ..
ــ لا ، إنني أقصد ان الأكراد نفذوا مخططاً خارجياً .
ــ عموماً ، المخطط الخارجي ــ موضوع ــ حتى ولو أعلن الأكراد برمتهم انهم: ضده …،.وهومايتم..الآن .
ــ ألم تقرأ أن كثيرين حتى ممن كانوا مع الكرد، أشاروا إلى أن أمريكا لا تهدأ، دون أن تخلق العراقيل ضد سوريا …؟ 
ــ إن أية إشارة إلى معاناة ــ أكراد سوريا ــ وإعلان التضامن معهم ، لا سيما إزاء محنتهم الأخيرة،مع مجرد ذكر،أوايماء للتهديد الخارجي ، – مع أنني أجزم من جهتي ان التهديد لقائم – إلا أن إيراد ذكر التهديد ، أثناء الحديث عن واقع الأكراد السوريين، إنما يتم لأحد سببين : 
1-التغطية النهازة على التضامن مع الاكراد من قبل من يبصرون الحقيقة، ولايجرؤون على قولها كاملة كما يقال، بغرض –ايجاد خط رجعة –كما يقال ،وهو موقف أقل ما يمكن أن ينعت به أنه غيرمبدئي .
2-الوقوع في فخ اتهام الكردي بتيعية الاجنبي وهوموقف رخيص يتعكز 
على مجرد خيط واه مجرد من الموضوعية، مع انني- الى جانب- ان تكتب ملايين المقالات عن مثل هذا الخطر- يومياً- ولكن، خارج مثل هذا الربط – المجحف ،حقاً.
-إذاً ،ماذا تريدأن تقول هنا ؟
– اذا كان التهديد- قائماً- كما أشرت، فان هذا الكلام ينبغي ان يوجه للسلطةالسيا سية لحل
كافة قضايا المواطنة العا لقة، ومن بينها قضية الكردي- كممثل لثاني قومية في سورية –
له خصوصيته. 
-ألا ترى أن مجردإثارةأية قضية بالتزامن مع مثل هذه التهديدات 
يشكل تواطؤا مع الاجنبي، وخدمة مجا نية له ؟
-بل لماذا لاترى ان مجرد التباطؤ – في حل هذه الاشكالات العالقة –هو التواطؤ 
عينه ،ودعوة للاجنبي، لاستغلال مثل ها تيك الثغرات ….!،بل وخدمة مكشوفة له ..؟.
الاتعتقد ان حرق بعض مؤسسات الدولة تاكيد على لا وطنية الايدي التي ارتكبت 
هذا الشناعة. 
اولا: علينا ان نتأكد من هوية هؤلاء …! وثمة وثائق مهمة، موجودة في 
هذا المجال، اشرنا اليها في الصحافة، ومن مهمة السلطة متابعة الامر، بجدية ،وموضوعية، وثانياً: لماذا لانتحدث عن هذه الاعمال-كما أشرت في الحلقة الماضية –
كنتيجة للاحساس برخص الدم الوطني ،والاستهتاربالا رواح، و القا نون، والدستور، بحيث 
يختصر الآمر باطلاق النار – محكمة- من قاض، وشهود، وقرار في رأسه ،دون العودة الى احد….قائلاً :انا الكل…!..أنااااااااااااااا
حقاً، انني لاستغرب، كيف أن تناول المجزرة، يتم من حيث تناول جزء من النتيجة ،لاالأسباب، والنتيجة كاملةً ،و هو استهتار بالدماء التي سفكت هدراً.
اولاتجد ان السلطة بارة بابنائها؟.
كان يمكنني ان اقر بهذا لوتمت المحاسبة الفورية لكل من خطط لهذه الجريمة، وإنصاف الأكراد ، ممن تضرروبأرواحهم من خلال رفع قيود الغبن عنهم ، وانصاف أسر الشهداء الأكراد الذين قضوا برصاص الشرط، وإطلاق سراح كل الأبرياء ، أو كل من ادين، جوراً، وزوراً، تحت الضغظ البشع – وانهاء كافة مظاهر الرعب من اعتقالات كيفية ، وتوجيه البنادق صوب المارة – وابناء المدينة كانوا اوفياء بررة – وطنياً- لقد تجاوزوا الانجرار وراء الفتنة قبل ان يتم ممارسة سائر ضروب القمع بحقهم ،و هذا مؤشر وطني له دلالاته …. 
.-ألا تعلم ان هناك من مزق العلم السوري ؟
– لم اجد ذلك بعيني، ولا أعتقد شيئاً من هذا حدث على أرض الواقع 
فلو أنه حدث-فعلاً- لكان كثيرون دافعوا عن العلم – من الأكراد طبعاً .
-ولكن هذا يقال ؟
-هلا تذكرت الحالة ، الانفعالية لمن يقيل على الانتحار ، أنا لن أدافع عن أي خطأ لوحصل – وهو عموماً سلوك مرفوض، كردياً ، ومدان ، لأن هذا العلم – علم أي منا قبل أن يكون علم سواه!
بل لماذا لانقول: ان – من دبر للمؤامرة – لم ينس أن يكلف بعضهم للعب أدوار كهذه، كرفع علم أ جنبي (إن حدث – أو النيل من العلم الوطني ، وهذا السلوك غريب عن روح ابناء الجزيرة قاطبة، وفي مقدمهم (الأكرادوبامتياز) ثم ،ان من شأن – لصق عبارات استفزازية –على مراكب( بعض) مشجعي نادي الفتوة – قبل الدخول الى الملعب – وهتافهم باسم الدكتاتور البائس والأحمق : ابي عدي – خلق ردات فعل محدودة جداً، لدى ببعض أبناء المدينة ، من جمهور – قامشلي-للرد على هتافاتهم – وممارساتهم ، شفاهاً،.كما هو معتاد،وكردة فعل طبيعية ، فحسب. رغم أن بعضاً من جمهور دير الزور – نفسه- كما علمت من مصدر موثوق، كان قد تطوع للجم أبناء مدينتهم – ومن بينهم أجل – وهو مايقرّ به شهود عيان كما علمت …-بل وهو ما يقوله أبناء ديرالزور-الآن _ …. تحديداً …..
– ها انت تركز على ماتم في الملعب !!
– كان ذلك الشرارة الاولى ، لكنها كانت قابلة للانطفاء تماماً ، ومن هنا – فانني لاعد ماتم خارج الملعب ، بعد الرصاصة الاولى ، هو ما يمكن تناوله بمسؤولية، تامة ، لقد أشدت عبر مداخلة لي – عقب مجزرة – قامشلي – بمدينة دير الزور – فليس أبناؤها كما بعض سفهائها البتة، ولنا رفاق درب و أصدقاء ،وزملاء أعزاء ،رائعون، هناك …. نعتزبهم، ولقد قلت في إحدى مداخلاتي التلفزيونية وفي اليوم الثاني من الحدث : ان فرنسا ابان احتلالها سوريا نفت جدي الشيخ إبراهيم اليوسف مع رجل الدين الشيخ أحمد الخزنوي إلى دير الزور – لقد ذكرت هذا الموقف رغم انهما نفيا  إلى الحسكة – ايضاً و قبل ذلك- وكنت اعي بذلك ما اقول ….لقد باءت أية محاولةلاستجرارالصراع إالى –ما بين :عرب وأكراد-لأسباب ،وحسابات خاطئة،لم تكن في بال مدبريها ،رغم استجابة بعض ضيقي الأفق لها……..في البداية….وبأسف،وهنا ،تماماً،يكمن مأزق صناع الفتنة.
– برأيك أولم يتشكل حقد كردي على سواه بعد هذه الأحداث ؟ 
– كيف لا يحقد الضحية على جلاده ؟ – و هنا أتحدث عن الجلاد – و من صفق له و من آزره ، و من دفعه ، و لا أتحدث عن صراع عربي كردي ، العرب و الأكراد – و على الرغم من الأسفين الذي يدق منذ عقود للتفرقة بينهم ، إلاأن بين كلا الطرفين عقولاً – و وشائج – و تأريخ أكبر من أية دسيسة .
هذا الحقد، ثمة مسؤولية شخصية تجاه تكوينه ، هذه المسؤولية تتحملها السلطة – بكل تأكيد – و هي مطالبة – على الفور – بازالة دواعيه ، من خلال نشر مناخ الديمقراطية ، و الاجابة عن أسئلة الكردي الأكثر الحاحاً ، و التي لم يعد هناك المجال البتة للالتفاف عليها ، تحت شعار : كلنا عرب …! لأن تعزيز خصوصية أي طرف أثني، ضمن الحالة الوطنية هو تحصين لسوريا – بعامة – في وجه أية محاولة للنيل منها ، و ليس العكس طبعاً 
– برأيك لماذا أطلق الرصاص على الكردي-تحديداً ؟ 
– إنه يدفع ثمن فاتورة وفائه على أكثر من صعيد . 
– لم أفهم ما قلت ؟
– على سبيل المثال : وقوفه مع بلده ضد فظائع صدام حسين … و الأمثلة تكثر …. للأسف …..
– كيف يقدم شاب على حرق مؤسسته ؟
أعرف إنك ستستفز عندما نشير إلى الكردي !
– من قال أن الكردي نفسه خارج دائرة الانفعال، والهيجان ، و لكن لدينا أمثلة أن غير الكردي هو: المتهم ، بغرض التأليب عليه ، أو لا تسأل من الذي انحدر بهذا المواطن إلى الدرك الذي لا يحس خلاله بالقطيعة بينه و المؤسسة التي يحرقها . ثمة تخريب لروح الانسان – أياً كان – قد تم … قبل تخريب المؤسسة – علينا أن نعود و نسأل عن الأسباب .
كامتداد لأحد مقالاتك :
– ما الذي فهمه الكردي من هذا الدرس ؟
– الآن ثمة قراءة – و لكن ما استخلصه على هامش هذه القراءة، انه سيستمر في التصاقه، بوطنه ، و استبساله في الدفاع عنه ، و تعلم كيف سيميز بين الخيطين: الأبيض و الأسود، على ضوء مواقف سواه ، كي يسعى لتجسير أية هوة بينهما ، يبدو و أنه كان مخطئاً في عاطفته الجياشة ، و عليه الاحتكام إلى العقل بأكثر ، رغم ان حب الوطن و انسانه ينبغي ان – يظل – على رأس أجندة سلوكه الممارس، و كما كان …..
– ما رايك في المثقفين و الاعلاميين ازاء أحداث 12 آذار ؟ 
– لقد كان كل بحسب معدنه …
– ماذا تقصد بهذا الكلام ؟ 
– ثمة قول فرنسي شهير : بالاحتكاك يتبين النحاس من الذهب ، و حقاً كانت هناك مواقف مشرفة لبعض المثقفين ممن لا يمكن نسيان دورهم الكبير ، و ستظل أسماؤهم محفورة في الوجدان الكردي و الوطني ، و هناك من وجد الفرصة سانحة لتسويق نفسه لدى السلطة و وسائل الاعلام و الثقافة – من قبيل الاستزلام ، و هؤلاء بغاث،طفيليون ، قصار الرؤى، معروفون بسلوكياتهم و أحقادهم المتراكمة ، ظناً منهم ان بقرعهم الأجراس ضد الكرد للتطهير العرقي قادرون على امحاء الوجود الكردي … باختصار ، كان ذلك ضرورياً لمعرفة جوهر كل منهم في هذا الامتحان – كما أسميته – و أصر على التسمية ، أو لنقل بازار الدم الكردي ، الذي دعا بعض ذوي القراءات التاريخية الخاطئة، للتكشير عن أنيابهم – وعلى عادتهم ….. لكنهم لن يحصدوا سوى خسارة ماء الوجه ، ريثما يأتون و يمثلون – مرة أخرى – في مسرحية مقبلة ، و هيهات لهم ذلك …، بعد امتحان أوخياري : الانسانية أو الزيف …! 
– و المثقف الكردي ؟ 
– بتصوري كان وضعه أفضل – رغم بعض الكتابات الغارقة في ردات الفعل ، كان هو و سياسيه أكثر موضوعيةً ، رغم ان الكردي – كان ضحية – و المثقف الذي وقف ضده ، انما وقف مع جلاده ….. 
– ثمة اجماع – شبه كامل – لدى الكردي : مثقفاً، و سياسياً، و مواطناً، للاصرار على الوحدة الوطنية . فهل لديك أفضل من هذا ؟………
– أو يمكن نسيان كل هذا الدم الكردي ؟ 
– ان للدم سطوته ! …
– سؤال سا بق لأوانه – سيظل الدم – لطخة عار على جبين مرتكب الجريمة ، و الكردي على صعيد آخر – سموح – لا يحتمل ضغينة تجاه أحد ، كان من الممكن استيعاب ما حدث لو ان السلطة عالجت الأمور – بحكمة – من خلال عدم اللجوء إلى الاعتقالات الاعتباطية ، و ممارسة الضرب المبرح حتى الموت بحق شباب الكرد …….!
إحدى قريباتي ، و نحن نشيع جنازة ابنها إلى مثواه الأخير ( و هو أحد شهداء اليوم الثاني – و توقف قلبه عن النبض صبيحة عيد ميلاده الثامن عشرتماماً ) – كانت هي تطيب خاطر من حولها من النسوة – و تخفف عنهن ألم الصدمة ، و رغم أمية – هذه المرأة – كانت تقول لهن : أرجو ان يكون دم( جوان) مهراً لحرية الأكراد و سلامهم ..، إلخ. اللهم احم شبابنا ….إلخ … ان أي تأمل في مثل هذا الموقف يبين ان الكردي قادر على (( لعق جراحه! )) ، كي يعيش كريماً أبياً ، و يتجاوز بالتالي الخطب الجلل – على مرارة هذه الفظيعة – و لكن شريطة ان ينعكس كل ما تم من أجل اعادة النظر فيه ، و لترفع عنه كل القيود التي تكبله، و تجعله ذلك المتهم الأزلي، أو الضيف الطارئ في بيته ، في نظر السلطة ، و هو مدعاة أسف ألم و أسف … 
– لا بأس ، ما الذي تقترحه ….. كي ينجز لمصلحة الكردي …… ؟
– ثمة معاناة عامة يعانيها الكردي في سوريا – تتعلق بمسألة الديمقراطية و الحريات – و هناك معاناة خاصة فهو محروم من ابسط حقوقه السياسية، و الثقافية – و لعل الحركة الكردية صاغت مطالبها على نحو جد واقعي ، و من الممكن التفاوض معها – مباشرة – فهي لسان حال الأكراد السوريين قاطبة … 
– و انتم كمثقفين ؟ 
– نحن نقدم رؤى – فحسب – نتناول المسألة من وجهة نظر ثقافية ، و خوض الحوار في مسائل من هذا النوع هو من مسؤوليات الحركة السياسية- تحديداً ، و أنا كمثقف لست مخولاً لألغي دورها ، أو أتحدث بالنيابة عنها… ولاعن سواها.
– نسبة- موظفيكم- في دوائر الدولة عالية ؟ 
– لأن نسبة الأكراد – و مثقفيهم عالية، أصلاً …. ! ، و يمكنني أن أوضح المسألة بأكثر : أليس عدد الأطباء – و الصيدلانيين – و المهندسين الأكراد الأكثرهنا؟ … فمن الطبيعي ان ينعكس ذلك على دوائر الدولة أيضاً .. و لكن دعني أسألك أنا : كم جامعياً من غير الأكراد دون وظيفة ، كم طالباً غير كردي طرد من مدرسته …كم … و كم….. و كم …….. 
إن الاجابة من قبلك أنت – هذه المرة – و مقارنتها بأعداد الكرد – من الجامعيين العاطلين عن العمل –  و الطلاب الذين طردوا من معاهدهم، و سواهم – ستؤكد لك كيف الكردي يعامل على نحو استثنائي ….! 
– ثمة من يعتقد أن الكردي – مدلل السلطة – 
– هات لي اسم وزير كردي عين لأنه كردي- فحسب – بل هات اسم محافظ كردي منذ أربعين عاماً – ……..
– لكن هناك بعض مدراء المدارس ؟
– أجل – لكنهم مدراء في مدارس ابتدائية أو اعدادية – لأنهم بعثيون! .
– كيف برأيك سيتم رأب الصدع ..؟ 
– بانصاف الكردي،إن كنتم جادين – و هو ما أرجوه …! 
– و ماذا ؟ 
– و محاكمة من أراق دمه جوراً…
و اطلاق سراح شبابه البريء، و الاعتذار منهم ومن أمهات الشهداء اللواتي ثكلن بأبنائهن
– و ماذا ؟ 
– الاهتمام بالمناطق التي يتواجد فيها الأكراد : تصور … عقب زيارة د . بشار الأسد يظهر د . سليم كبول – محافظ الجزيرة عبر شاشة التلفزيون ،قائلاً: إن من عطاءات السيد الرئيس بناء سوق حرة في منطقة – قامشلي – سيستفيد منها0 400 مواطن – و ستضع حداً للركود الاقتصادي ، و البطالة ، و فعلاً كان اختيار- قامشلي – كمركز للسوق الحرة رائعاً لموقعها ، و لوجود المطار – المحطات – قربها من تركيا – العراق ….إلخ ………………………..
و لكن أتعلم أنه رفض هذا المقترح ..بل …القرار الرئاسي … بقرار سياسي محلي …. و هو ما كتبت عنه في عدد من منابر النشر – و لكن دون جدوى …!! – اعتذرت من صاحبي المحامي و أنا أعده بلقاء قريب … إن أمكن .
*التقيت قرب كافتريا الموعد المحامي الراحل حواس الأحمد، وهو من أصول كردية، إلا أنه كان من عداد البعثيين، وكان بيننا الحوار أعلاه
للتاريخ كان ممن لم يسيئوا إلى أحد في حدود معرفتي به
ا. حواس الأحمد، رحل قبل أشهر
لم أشر إلى اسمه إلا بعد رحيله
قال لي في لقاء آخر في المركز الثقافي: قرأت الحوار. إنه نسخة عن دردشتنا…!
————- 
** نشر المقال في الحوار المتمدن بتاريخ  2004 / 4 / 14 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…