المؤتمرات الحزبية بين الواقع والمطلوب

 أكرم الملا
أصبحت مؤتمرات الأحزاب السياسية ضرورة حيوية لابد من انعقادها في فترات محددة سلفاً وفق النظام الداخلي وحسب الظروف والامكانيات المتاحة سياسياً وأمنياً، غير أن المؤتمرات لا يجب أن تنعقد فقط تنفيذاً للوائح التنظيمية المقررة في النظام الداخلي للأحزاب، بل لكونها محطة فاصلة في تاريخ الأحزاب ونضالها ، تعيد فيها قراءتها للمشهد السياسي وموقعها منه ومدى مشاركتها فيه وتدقق في أولوياتها وتراجع اصطفافاتها وتقرأ المستقبل السياسي،
 إلا أن الملاحظ أن أغلب الأحزاب الكوردية أصبحت تعاني من مظاهر اختلال كبيرة  ومن عدم وضوح رؤيتها لمهام وضرورة هذه المؤتمرات وجدوى هذه الاستحقاقات التنظيمية، بل أحياناً تتحول الفترة الزمنية التي تسبق أو التي تقترب من موعد عقد المؤتمر الحزبي الى نزيف تنظيمي يعقبه التشظي الولائي والمحسوبية القاتلة التي ستؤدي الى انقسامات لا فكرية ولا ايديولوجية البتة وانما  في اتجاهات عدة وفق عدد الولاءات، الأمر الذي يدعو للتساؤل المشروع عن الهدف الأساسي لعقد هذه المؤتمرات؟.
 إن مؤتمرات أحزابنا الكوردية أصبحت تعاني من ظاهرة “التكتلية الكواليسية” و” الوشوشة  الايعازية” بشكل كبير، حيث النقاش الفكري والإيديولوجي والتنويري السياسي داخل الأحزاب الكوردية سواء في البرامج أو خلال النقاش حول الثوابت السياسية ومختلف القضايا التنظيمية تتم تصفيته بطرق بعيدة مطلقاً عن الاسلوب الديمقراطي على الأقل المنصوص عنه في الأنظمة الداخلية لهذه الاحزاب، وهذا يحدث بتأثير لوبيات حزبية ناشطة و “جماعات مصالح” داخل الأحزاب.
كما أن هذا الوضع السلبي المتعارف عليه في مؤتمرات الأحزاب الكوردية لن يتحلحل دون تفعيل الديمقراطية فعلياً، أفقيا وعموديا، مناضلين ومسؤولين، بدون ديمقراطية داخلية، الحياة الحزبية ستكون مثقلة بالمشاكل ونقاط الضعف ومن يعاني من هذا لن يكون بمقدوره كسب ود الجماهير وتحقيق أهدافها.
و أخيراً بالنسبة للصراع الذي يدور في المؤتمرات العامة للأحزاب الكوردية، فإن المشكلة ليست في المنافسة والسعي لإقامة الحجة والدليل، بل الكارثة حين يكون المؤتمر موجهاً ومٌسيراً لمصالح أشخاص بعينهم، لأن هذا ينقلنا من الاصطفاف الفكري والبرامجي إلى المصلحي والشخصي، نعم للخلاف نعم للنقاش لكن بطرق سليمة وايجابية، بعيداً عن منطق القطيع، هذه المجموعة للمرياع الفلاني والاخرى للمرياع الفلاني.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…