مبادرة دودري.. ورقة عامة .. مسودة تعريفية

مقدمة تاريخية حول مصطلح  Duderi: 
” دودري ” وتعني بالكردية ” البابين ” ، يعود الاسم لكهف أثري قديم بالقرب من قرية برج عبدالو في  منطقة عفرين. الكردية، شمال غرب سوريا . اكتسب الكهف شهرته العالمية بعد اكتشاف بعثة التنقيب اليابانية عام 1993 هيكلاً عظمياً لطفل من عصر ” نياندرتال ” كان مدفوناً في أرضية الكهف الذي أسماه أبناء المنطقة بلغتهم الأم . بمغارة ” دودري”  لوجود بابين، أحدهم في الجهة الشمالية، و الثاني في جهته الجنوبية، وتتالت التنقيبات الأثرية لتكشف عن المزيد من الهياكل والأدوات التي استخدمت في الحياة اليومية إبان تلك المرحلة، مما يدل على أن المنطقة كانت عامرة وزاخرة بالحياة قبل مئات الآلاف من السنين، وهذا ما يفسر انتشار العديد من المواقع الأثرية القريبة من مغارة ” دودري” مثل تل عيندارا   والنبي هوري بالإضافة لسلسلة المدن المنسية، ومازالت المنطقة حبلى بالآثار الدفينة في أرضها.   
لماذا الآن ..  Duderi ؟
مع تجاوز البشرية لدولة المدينة وتوسعها لتشمل أمصاراً وشعوبا مختلفة تغيرت معها المفاهيم الدينية لتتسع وتوحد وتصهر الديانات المحلية في بوتقة واحدة وشاملة. فظهرت الديانات التوحيدية الكبرى التي كرست سلطة إله واحد وتعاليه على باقي الآلهة ،  وأسس لفكر شمولي أحادي يهدف إلى تمكين الدولة وترسيخ سلطانها على قطاعات  واسعة ،  وأوجدت آليات للضبط والانصياع.  إلا أن تطورات الفكر المعاصر أنتج فكرا تنويريا وجملة معارف نابذة للأساطير والخرافات التي استخدمت كأدوات ووسائط لتكريس الخضوع والاستبداد،  فشرعت الأبواب  أمام تعددية الأفكار ومهدت الطرق لزعزعة الفكر الشمولي المنغلق ذو النظرة الفردانية  المؤدلجة، و بسبب تراجع مقدسات الفكر الأسطوري انطلقت ثورات سياسية واجتماعية وثقافية. إلا أن آخرها وأهمها كانت ثورة المعلومات التي دكت الحواجز بين مختلف الحضارات و رفعت منسوب التواصل إلى حدوده القصوى.  نتج عن ذلك انكشاف  العالم، المنغلق. المحصن بالإيديولوجيات على المفتوح والمتصالح مع بعضه بالديمقراطيات ونظم المؤسسات. لذا قيل: “بات العالم قرية كونية تطل على ثقافات وخصوصيات بعضها البعض”. 
 على ضوء المقدمة السابقة . البديهية، يمكن الجزم أن عيوب الفكر الأحادي. المتزمت، بات يلقى نقداً شديداً. لذا لم يعد باب واحد يكفي. العقل. و العقائدية الشمولية، باتت مشكلة أمام ارتقاء وإنجاز المشاريع الحضارية التي تتطلب المشاركة و القبول و الاعتراف بالآخر المختلف. من هنا تأتي مبادرة Duderi سعياً لرفع سقف أحادية التفكير، ونسفه تدريجياً. للانفتاح نحو رحاب أوسع. بدل الانغلاق والتقوقع . 
Duderi . بابين، باب جهة الأرض و آخر نحو السماء.  لترويض الذات. معرفياً، على التشاركية وتقبل الآخر ليس فقط ضمن المستويات السياسية. الصرفة، إنما على كافة الصعد ( المرأة-الرجل، التدين- اللاتدين، الحياة – الموت ،…. الخ ثنائيات الأنا و الآخر). كذلك لغلق باب الحروب وفتح أبواب السلام. التسامح بدل الانتقام. المعرفة بدل الجهل. الحوار بدل الحرب .. ثنائيات الموجب والسالب .  
 Duderi تؤمن أن الغنى الحقيقي في المشاركة بدل إغلاق الدوائر لإنتاج مشروع تنويري نهضوي. كردي/ سوري، يبحث في مسببات الفشل، بدءاً من الهويات المركبة، و ربما الملتبسة أحياناً، تلك التي يحملها الكرد ، ومروراً بالمرجعيات والحوامل الأساسية، ودراسة عوامل الضعف و عناصر القوة، و ليس انتهاءاً بالاستقطابات الايديولوجية التي تقسم الشارع الكردي على الدوام إلى ثنائيات. متناحرة مدمرة، على سبيل المثال ثنائية (خائن-شريف). كذلك البحث حول  ارتكاس الدونية التي تدمر الشخصية الكردية حيال الآخر، وعلى الدوام، و تحشره في عقدة النقص  والارتباك التي تلاحقه.
 Duderi ملامح مشروع لتحرير الذات الكردية من الحفر والمطبات على صعيد العقل الجمعي. حتى لا يعيد التاريخ إنتاج. شخصية الكردي، المقاتل . المغبون. الضحية.  الذي يستخدمه البعض وسيلة لتدمير خصومه. لذا يأخذ المشروع على عاتقه. ك/محاولة، مهمة بناء إجراءات الثقة اللازمة بالذات. الكردية، للانطلاق نحو الآخر عبر علاقة ندية. متصالحة مع نفسها، وتجد نجاح الآخر حافزاً إيجابياً للعمل و ليس مدعاة للتراجع. 
و على خلفية نقاشات وحوارات طويلة جرت خلال الأشهر المنصرمة كانت بمثابة. تمارين فكرية، بين شرائح مختلفة من الكرد السوريين لفهم آليات التراجع. خصوصاً في السنوات الأخيرة من الحرب السورية. تقاطعت أغلب الآراء حول أن الحاضر. الكردي، هو امتداد لمجريات القرن الماضي، حيث دأبت النخب الكردية في البحث عن ثغرة تاريخية في الخرائط التي رسمت آنذاك لتمرير مشروع. قومي كردي، يمثل تطلعاتهم. لكن سرعان ما أعاد التاريخ الكردي. نتائجه نتيجة تكرار المقدمات، رغم اختلاف ظروف التجربة. دون تكبد مشقة عناء المراجعات والنقد. وكان على الدوام إلقاء التهمة على الآخر أسهل الطرق للتنصل من تلك النتائج . و تحميله المكائد والحبائل التي عطلت التقدم و النجاح.
و في هذا السياق يمكننا الإشارة. ك/مثال، إلى التنوع الديني . لكرد سوريا. ك/هويات فرعية. حيث فشلنا في استثمارها، ك/عوامل قوة و ثراء، أو اعتبارها ميزة إيجابية لصالحنا.  بدلاً من تحويلها لعبء مضاف يثقل الحوامل الأساسية للهوية الكردية. لذا كان المطلوب اليوم التعامل مع الواقع بنظرة جديدة. مختلفة، و اعتبار التنوع وغنى الهوية الكردية ميزة إيجابية لصالحنا. والعمل على إقناع الآخر أن تميزنا عنه. أيضاً، ميزة لصالحه وليس تهديداً  .
 Duderi تدعو إلى قراءة لوحة. الواقع، الكردي بعقلية جديدة. لا تتجاهل المشاكل ولا تنوي ترحيلها لأجيال قادمة قد تعيد التجربة. المآسي، ذاتها. إنما تعترف بها و تنظر إليها بشجاعة وتتوقف عندها بحياد، ومن مسافة كافية لرؤية الوقائع. ك/حقائق. أكثر من رؤيتها ك/أحلام . لا تتغافل عن الثغرات ولا تتجاهلها فيصبح التعامل معها في مراحل متقدمة. مزمنة، و أصعب. ليست مهمة سهلة و لكنها ضرورة للمرحلة الحالية و القادمة. 
على صعيد الولاءات والسياسات، تدرك  Duderi أن  سياسة المحاور، و ما بينهما من تجاذبات فككت الشارع الكردي. السوري، و من تداعياته أن تبلورت جملة صراعات بينية، زادت من تخبط و تعثر المشروع الكردي في سوريا الذي صار أقرب لساحة تصفية حسابات لتلك المحاور. لهذا دودري لن تكون طرفاً تعادي وتستهلك طاقاتها في خصومات جانبية. تزيد من التأكل الداخلي، على حساب خلق فرص النجاح لصالح الحقوق المشروعة للكرد السوريين ضمن الحاضنة السورية. الوطنية، إن توفرت الظروف المناسبة لذلك. و عقد العزم على أن لا تتحول Duderi  إلى حزب سياسي بمعناه التقليدي يزيد في زحام التناحر والشقاق. السياسي، الحالي، على حساب مشروع Duderi النهضوي التنويري. المفتوح الجوانب.

Duderi الهدف والرسالة     
Duderi بالمحصلة  مشروع. كردي سوري. وطني، من عدة مسارب. ثقافي ومدني و سياسي، يعمل على إعادة صياغة هوية كرد سوريا التي تعرضت للاستلاب سواء على المستوى الداخلي. السوري، أو الخارجي. وتربط جدليات العلاقات بين ما هو ثقافي و مدني و سياسي، وتؤمن أن الثقافة والمعرفة هو الباب الأنسب لإعادة ترتيب ما هو مدني كما أن السياسي لا يمكنه الديمومة فقط بجملة شعارات بعيدة عن المأسسة والتخصص من أجل الاضطلاع بمشروع تنويري نهضوي. خلاق، ومتكامل. قابل للنمو والتطور.
   تتقاطع رسالة Duderi .العامة، مع الهدف الرئيسي. بلورة هوية كرد سوريا داخل الفضاء السوري العام، و إرساء دعائم السلام المستدام عبر خلق مساحات التلاقي ضمن الاختلافات، والعمل على تحرير العقل من تحكم الإيديولوجيا والرؤيا النمطية، و بناء جسور الثقة و الانفتاح مع المختلف و فتح قنوات الحوار الكردية / الكردية، الكردية / مع باقي مكونات الشعب السوري. بوسائط و أدوات لاعنفية تترافق مع تعزيز ثقافة حقوق الإنسان و قيم العدالة و المساواة و الديمقراطية بدون إقصاء أو تهميش لكل ما هو مختلف، بغض النظر عن الدين و العرق و الجنس.  وتعتبر Duderi المرأة شريكاً كامل الأهلية مع الرجل في جميع مراكز ومفاصل القرار في المبادرة، و تعتمد مبدأ المناصفة بين المرأة و الرجل في كل الهيئات المنبثقة عنها، ما أمكن ذلك، و تدفع نحو تأسيس إعلام موضوعي ومحايد غير مرتهن أو مؤدلج، و إلى تشكيل فرق بحثية تعتمد  المناهج العلمية لدراسة كافة القضايا والظواهر المجتمعية أو السياسية. 
و ترفض Duderi التعامل مع الشباب و الشابات وفق منطلق الوصاية. الأبوة، والتلقين.  وتعمل معهم على رفع القيود و العوائق التي تقف في طريقهم عبر توفير التمكين و التأهيل و صقل خبراتهم، حتى يكونوا فاعلين وشركاء حقيقيين في المبادرة.

لجان  Duderi :
تنطلق Duderi في ترشيد عملها و لضبط الفعاليات و النشاطات و وضعها في مساراتها الصحيحة لخدمة الهدف الرئيسي.  النهضوي. و درءً للفوضى كان لا بد من تشكيل كادر وظيفي. مؤسساتي، متخصص يقوم بإعداد المشاريع و البرامج الضرورية لتفعيل الأنشطة المدنية و الدبلوماسية و الإعلامية والبحثية. خاصة و أن طرح المبادرة قد فتحت مع توسع حلقات النقاش آفاقاً للعمل برزت معها الحاجة لهيكلة المهام و الأنشطة و العلاقات. لذا قامت اللجنة التحضيرية بصياغة مشروع للجان تخصصية موكلة بالمهام الضرورية لإنجاز الأهداف، و وضع آليات لتنظيم عمل اللجان. و رسم هيكلية تلائم كامل المشروع، و تمنح اللجان المنبثقة عنها مساحة واسعة للتحرك لإعاقة نمو استبداد مركزية القرارات . وتتشكل الهيئة العامة من اللجان التالية. 
1ـ اللجنة الإعلامية
2ـ لجنة حقوق الإنسان و الجندر
3ـ لجنة الدراسات و الأبحاث
4ـ لجنة الأنشطة و التمكين
 5ـ لجنة مبادرات السلام و الحوار
6ـ اللجنة التنظيمية
7ـ لجنة الشفافية و التحكيم
 8ـ لجنة المالية
9ـ لجنة رسم الاستراتيجيات.
 ترسم اللجان خططها الدورية بالتعاون مع لجنة رسم السياسات الاستراتيجية.” تفاصيل الهيكلة ومهام اللجان في الهيكلية التنظيمية .”

تنويه 
تطرح  Duderi أوراقها للعلن. تباعاً، من أجل النقد وتلقي الملاحظات للإفادة منها وتقويم وتصحيح نقاط الضعف والخلل. خاصة من قبل المختصين ومشتغلي الشأن العام ، وتتلقى اللجنة التحضيرية تلك الانتقادات على إيميل اللجنة حتى أواخر الشهر الجاري وسيكون ذلك محل تقدير واحترام .
وتجدر الإشارة أن المبادرة ليست من مفاعيل تطورات الأحداث الأخيرة في عفرين وسبق أن حاولت اللجنة التحضيرية تفادي الكارثة قبيل وقوعها بطرق سلمية ودبلوماسية عبر توجيه سلسلة رسائل للدول المعنية بالشأن السوري لإيجاد مخارج سلمية، ولا تعتبر المبادرة إطاراً تنفيذياً صرفاً أو إغاثياً إلا أنها تعمل مع كافة الأطر السياسية والمدنية للخروج من الأزمة الإنسانية التي تعصف بعفرين وسكانها وتعتبر ذلك أمراً طارئاً بالنسبة لأجنداتها.
اللجنة التحضيرية في مبادرة Duderi 
duderi.efrin@gmail.com 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…