عبدالرحمن مهابادي*
قبل يوم واحد فقط من تعيين جون بولتون كمستشار للأمن القومي الأمريكي بشكل رسمي أقدم النظام الإيراني على ارتكاب جريمة وحشية (وجريمة جبانة في نفس الوقت) على أرض سورية. قصف الشعب السوري الأعزل في دوما بالأسلحة الكيماوية.
دعونا لا نخطأ الظن، فالدكتاتور القزم السوري بشار الأسد هذا المجرم لا يرتكب جرائمه دون معرفة أو الحصول على إذن من عرابه الخاص، أي الولي الفقيه الحاكم في إيران. إنه في الواقع “مجرم بلا حدود”.
مع مضي ثمانية أعوام على ثورة الشعب السوري تستمر عمليات قتل الشعب السوري في هذا البلد بشكل دموي ووحشي. وتركزت عمليات القتل في الاشهر الماضية على منطقة الغوطة الشرقية. في فبراير ٢٠١٨ تم قتل ما يقارب ٦٠٠ شخص من قبل نظام الأسد وداعميه في جريمة غير متوقعة نتيجة عمليات القصف الجوي حيث أنه وفقا لتقارير منظمة هيومن رايتس واتش التي يقع مقرها في لندن كان هناك ١٢١ طفلا من بين الضحايا. وقال نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري إن أكثر من 23،000 مدني قتلوا وأن أكثر من 32 مستشفى ومركزاً صحياً تم تدميرها منذ عام 2012 حتى الآن، وذلك بسبب انتهاك الاتفاقات من قبل نظام بشار الأسد الإجرامي في الغوطة الشرقية. وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس قد أعلن أن المجزرة الضخمة المرتكبة في الغوطة الشرقية هي “جحيم على الأرض”.
الآن نظام الولي الفقيه الحاكم في إيران يتنفس الصعداء من اجل نظامه الذي يؤول للسقوط. الامر الذي دفع الخامنئي لتوسيع نشر عمليات الارهاب والقتل في ارض سورية التي تعتبر عمقا استراتيجيا لنظام الولي الفقيه. وفي تاريخ ٨ ابريل تم قصف مدينة دوما في ريف دمشق ببراميل الغازات الكيماوية حيث وفقا للاحصائات المعلنة ذهب ضحيتها ما يقارب ٢٠٠ شخص واكثر من الف شخص مجروح ومصاب. نقلت قناة سي. ان. ان عن نشطاء سوريين تقريرا مفاده: تم القاء براميل الغاز السام في داخل البراميل المتفجرة عن طريق الهيلوكوبترات، الأمر الذي أدى إلى اختناق الكثير من الناس.
ووفقا لتقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان قام نظام الأسد بتنفيذ ٢١٤ هجمة كيماوية في المجموع. ١١ حالة منها تم تنفيذها بعد هجمات خان شيخون في العام الماضي.
الان الجميع شاهد على تراخي المجتمع الدولي في مقابل استخدام الاسلحة الكيماوية من قبل النظام الإيراني على أرض سورية حيث تحول الأمر إلى أمر عادي واذا لم يتم اتخاذ اجرائات جدية وعاجلة في خصوص هذا الموضوع ليس من المستبعد ان تتحول ابعاد هذا الموضوع بشكل أكبر وأخطر على المجتمع الانساني المعاصر.
والحقيقة هي أنه كان من الواجب إسقاط النظام الدكتاتوري الاسدي في السنوات السابقة وقبل قدوم الدعم الروسي لنظام الأسد. ولكن اتباع سياسات التماشي والاسترضاء الغربية وسياسات التقارب مع النظام الإيراني خلال فترة حكم الرئيس باراك اوباما أدى إلى ليس فقط جلب هذه الضرورة في الفترة الحالية بل إلى قضية دخول روسيا إلى إيران والتي كانت بناء على طلب من النظام الإيراني. الأزمة السورية تحولت إلى عقدة حالية وتعرض فيها الشعب والمعارضة السورية للخيانة من قبل الدول والحكومات. ليس هناك مجال للترديد والشك في أن دعم نظام ولاية الفقيه الديني وديكتاتورها العميل بشار الاسد في سورية يضع دولة روسيا في موقع مخجل ومشين في التاريخ. وهذه الدولة بتحالفها في جبهة واحدة مع النظام الإيراني سوف تفقد مصداقيتها في منظمة الأمم المتحدة وبالطبع، لن يمر وقت طويل قبل أن يكون هناك ثمن باهظ يجب أن تدفعه روسيا في سوريا.
بعد الهجوم الاجرامي الكيماوي على دوما في الغوطة الشرقية وعمليات القتل الوحشية للاطفال والنساء أدانت السيدة مريم رجوي هذه الجريمة الارهابية وقالت: ” النظام الإيراني هو المسبب الأساسي للحرب وعمليات الذبح والقتل في سورية التي أدمت الضمير الإنساني “. السيدة مريم رجوي عبرت عن تعاطفها وألمها وعزائها للشعب السوري وبخاصة شعب دوما الجريح والنازف محيية ثباتهم التاريخي وقالت : يجب على العالم اتخاذ اجراء حاسم في جرائم الحرب هذه التي تتم ضد الشعب السوري. مسؤولو جرائم الانسانية وجرائم الحرب في سورية أي الأسد وسيده أي الخامنئي يجب وضعهم أمام العدالة. تراخي المجتمع الدولي مخز للغاية ويمهد الطريق أمام استمرار هذه الجرائم “.
تراخي المجتمع الدولي أدى إلى تجرؤ النظام الوحشي الحاكم في إيران أكثر إلى جر أزماته القاتلة نحو أرض سورية. ولاية الفقيه الحاكمة في إيران تواجه الان انتفاضة شعبية عظيمة على مدى إيران تهدد وجود نظامه بالخطر وتتجهز الان من اجل اسقاطه وان تنظيم قوات هذه الانتفاضة يتمثل في بؤر الثورة.
تتوافق الظروف الدولية أيضًا مع هذه الإستراتيجية من اجل احداث تحولات كبيرة. تعيين جون بولتون كمستشار للامن القومي للرئيس الامريكي وأيضا اقتراب الموعد النهائي المعلن من قبل الرئيس ترامب ( ١٢ مايو ٢٠١٨) من أجل تحديد الالتزام بالاتفاق النووي من جملة ذلك. الان الوضع في إيران انفجاري. الاحتجاجات الشعبية في إيران في حال تزايد تصاعدي بشكل كبير وجنوني.
قيمة الريال الإيراني وصلت إلى ادنى مستوياتها في العقود الماضية والاقتصاد الإيراني على وشك الانهيار. حيث أنه وفقا لتصريحات خبراء النظام نستطيع القول الان أنه في إيران لا توجد حكومة.
وأشارت نيكي هايلي ممثلة الولايات المتحدة في الامم المتحدة في خطابها امام الامم المتحدة في تاريخ ٩ ابريل إلى هذه الحادثة وقالت : ان الوحوش التي القت القنابل الكيماوية على رؤوس الشعب السوري يجب أن تتم محاسبتها وأكدت : ” لقد عبرنا حدود اظهار صور الأطفال المقتولين. لقد عبرنا حد دعوات الضمائر اليقظة. نحن وصلنا إلى نقطة يجب أن يرى فيها العالم تحقيق العدالة “. وأضافت : ” سيُسجل التاريخ أنها لحظة تخلى فيها مجلس الأمن عن وظائفه أو أثبت فشله الكامل في حماية السوريين “.
النقطة الأخيرة، لقد مرت أربعة عقود تقريباً حيث يتم فيها ذبح بلدان المنطقة، من إيران إلى العراق وسوريا ولبنان، و. … من خلال جرائم بلا حدود، يرتكبها النظام الديني الحاكم في إيران، وقد حان الوقت، للقيام بالدعم المادي والمعنوي لانتفاضة الشعب الإيراني لإنهاء هذه الظاهرة في تاريخ المنطقة.
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.
Abdorrahman.m@gmail.com