الأمازيغي: يوسف بويحيى
بعد أن تم تصنيف العراق من بين العشر دول الأكثر فسادا في العالم ،زيادة إلى تبدير حكومة العراق ما يقارب 800 مليار دولار في مشاريع و صفقات وهمية من سنة 2003 إلى الآن ،بالإضافة إلى إتخاد نظام طائفي متشدد أدى إلى تقسيمات داخلية في المجتمع العراقي ،وخلل في منظومة الأمن و الإستقرار ،وإرتفاع نسبة الفقر المدقع و إنتشار الأوباء و الأمراض و الأمية ،مع إنهيار البنيات التحتية و تفشي الفوضى و عقلية العصابة و المافية داخل الوسط العراقي ،إلا ان القادة قالوا جميعا “هلا بالإنتخابات” كأنها عصا سحرية ستحول اللص إلى أمين.
كل هذا لم يقف عقبة لبعض قادة العراق أمثال “حيدر العبادي” و “نوري المالكي” للخجل من أنفسهم و أمام الشعب بوجه لا يتقشر إلى لوائح الإنتخابات بنفس الخطاب الخلاب ،بوعود سئم منها العراقيون مفادها تحقيق الديموقراطية و الحرية و الكرامة و تحسين المعيشة ،في حين يقابله واقع قاحل بسبعة ملايين مواطن تحت عتبة الفقر يفترشون الأرض و يتلحفون العراء.
اصبحت عقلية المواطن العراقي محجوزة و مخيرة بين وجهين لعملة واحدة إما “المالكي” أو “العبادي” ،مع العلم أن كل إنجازات المالكي للشعب في العراق كان ظهور داعش ،بينما إنجازات “العبادي” تأسيس الحشد الشعبي كنسخة أخرى لداعش شيعية على باقي الأطياف ،أي بينما كان الشباب العراقي يحتدى به إبان عهد البعث في جامعات الطب و الفيزياء و العسكر و الطيران…في العالم ،أصبح اليوم متخلفا كل همه اللطم و النواح و الثأر بٱسم “الحسين” ،أبرزها مهزلة محكمة الحكم بالإعدام على قاتل “الحسين بن علي بن ابي طالب” بوجود شهود عيان في سنة 2018!!.
إن الإنتخابات العراقية لن تكون شفافة و لا نزيهة أبدا و هذا أمر مفروغ منه ،لأن معظم قادة الأحزاب المزعومة تابعين لمافيات إيرانية و بريطانية و امريكية…،فالعملية الإنتخابية هي فقط فبركة الأجواء مع بقاء نفس الوجوه وفق معاير المافيات و العصابات الحاكمة و المتحكمة في الصغيرة و الكبيرة ،بينما العراق و الشعب العراقي يبقى فقط قنطرة تمرر عليه كل مصالح الدول الإمبريالية لا أقل و لا أكثر.
تكمن فوبيا قادة بغداد من كوردستان في حزب البارتي بقيادة “مسعود بارزاني” ،بٱعتبار الأخير يخوض الإنتخابات بدون أي تحالف دخيل ،كما يحضى بعراقة تاريخية و شعبية كبيرة في كوردستان مع تأييد العرب السنة في القسم العراقي ،ما يعطينا كل المؤشرات أنه سيكتسح الساحة بدون منازع ،هذا ما يعتبر تهديدا مباشرا لبغداد في تشكيل حكومة إقليم كوردستان بأغلبية حزب الديموقراطي الكوردستاني ،زيادة إلى حضور قوي جدا في برلمان بغداد بمعارضة صريحة و قوية.
بعد أحداث “كركوك” هتف الجميع بأن “البارزاني” ضعف و تم تحجيم نفوده ،من طبيعة الحال قيل هذا شماتة بالكورد و ليس فقط “بارزاني” ،لكن أظنني وحدي من قلت بأن “البارزاني” فاز بكل شيء بالتحديد بعد يومين من الخيانة في مقال بعنوان “على كل الأحوال فاز البارزاني” ،دلائل ذلك بدت عندما تسارع حرامية بغداد لتقبيل حذاء “البارزاني” طامعين بالتحالف معه دون الإهتمام بالأحزاب الكوردية الأخرى ،التي كذلك تجد نفسها في ورطة كبيرة أمام الشعب الكوردي بعد أحداث كركوك ،ما جعل البعض يرتمي في حضن الأحزاب العراقية طامعين في مقعد برلماني شخصي مؤقت زائل لا محالة.
هذا المضمار الإنتخابي كشف حقيقة ما تبقى من أقنعة بعض القادة الكورد كونهم يركضون فقط لمصالحهم الشخصية ،علما أن من تهمه القضية الكوردية و حقوق الشعب لن يتحالف من أجل كرسي واحد شخصي ،كما تنازل البعض لأجل مقعد برلماني عن كورديته قائلا “أنا عربية” ،لم يقف مسلسل الفضائح هنا بل إعترف البعض الآخر بالخيانة و بيع دماء شهداء كوردستان أمام العلن كٱنجاز تاريخي في نظرهم ،هذه الأحزاب الكوردية أثبتت و مازالت تثبت أنها موضوعة ضد الإستقلال في نقطة حزبية معلنة هي محاربة “البارزاني” ،أي أن كل شيء مباح لهم لإفشال مشروع البارزاني التحرري دون إعطاء أي قيمة للشهداء و الشعب و القضية و الوطن.
إن الحقيقة تبقى أمانة على عاتق المثقف ،لأنها غير قابلة للتملك و الإحتكار بل هي شمس ستظهر مهما طالت حولها الغيوم ،لهذا أقول و أؤكد و على مسؤوليتي الشخصية أن القائد “مسعود بارزاني” أجدر بقيادة المعركة الإنتخابية و السياسية المحلية و الوطنية عن باقي القيادات و الأحزاب الرديفة الأخرى ،مع العلم أن المعركة الإقليمية و الدولية و التاريخية أثبتت جدارته بلا منازع ،على الرغم من أنه يحارب دوليا و إقليميا و محليا حتى في الإنتخابات إلا أنه يبقى الركيزة الأساسية للقضية الكوردية و حقوق الشعب الكوردي ،ليست مسألة إنحياز للبارزاني و لكن هل يحق للكوردي الثقة مجددا بمن إعترف بالخيانة أمام العالم بوجه لا يستحي!؟،
إلى هنا فالإنتخابات العراقية ستكون مغشوشة كما دأئما تكون ،بينما في الإقليم سيعلب الجميع على تحجيم أصوات البارتي إن أمكن لهم ذلك ،أخص بالذكر تلاعبات المجتمع الدولي خصوصا بريطانيا كونها تلعب على وتر فوز “العبادي” بولاية ثانية بٱعتباره عراب الفساد و الإرهاب المفضل ،إلا ان البارزاني يبقى معادلة صعبة و معقدة سواء سياسيا و عسكريا و تاريخيا لقادة بغداد و أسيادهم الإيرانيين و الإقليميين بصفة عامة.