عفرين.. وعقل الاستبداد «المنتصر» دائماً

عمر كوجري
مأساة عفرين، نكسة عفرين، كارثة عفرين، لن نتوقف على بلاغة التسميات والمسميات، فجرح عفرين أضيف إلى جراح الكرد الكثيرة، وبحزن بالغ أن الكرد والحزن صارا توءمين، لهذا صار الكرد يتحلون بمرض اسمه «مضاد الصدمات» لدرجة توقع أي كارثة.. أي زلزال.. أي بركان حتى!!..
عفرين لم تكن مُتفاجئة بما حصل من نية مبيتة للجيش التركي بضرب عفرين وأهلها، فالتّهديد الجديُّ عمره أكثر من سنة، وعفرين كانت في حصار محكم منذ أربع سنوات، وعاش أهلوها..أهلونا في حياة ما بعدها قسوة، لكنهم رضيوا بالبين والبين لم يرضَ بهم حتّى حدثت هذه الكارثة الكبرى.
ربما كان صعباً توقّع أن يتقدّم الجيش التركي شبابٌ سوريون من فصائل مسلحة تقتل، وتسرق، وتنهب تحت يافطات غير مقنعة.
وبهروب أو “انسحاب لم تعد التّعابير ذات أهمية” قوات الحماية الشعبية بعد ثمانية وخمسين يوماً واستشهاد أكثر من 1500 ما بين مقاتل ومدني، وبدلاً من أن تقف الإدارة الذاتية التي يمثلها “باقتدار” حزب الاتحاد الديمقراطي على أسباب الفشل، وتحليل الهزيمة التي كانت متوقعة أن تحصل، وشيطنة كل ما يخالف هذه الإدارة، واتهامهم بالأردوغانية والعمالة للترك، بدلاً من الإقرار بفشل غرفة العمليات التي أدارت الحرب أو المعركة والتي كذبت علينا حينما كانت تتحدث عن “مقاومة العصر” والبطولات الأسطورية التي كان تحققها هذه القوات ضد الجيش التركي والمجموعات السورية المتعاونة معه، بدلاً من كل هذا خرج قادة الصف الأول ليقولوا إننا سنمارس حرب العصابات ضد العسكر التركي، وما هي إلا أيام قليلة حتى تعود عفرين لحضن محبيها!! كما أنهم شجعوا النازحين للبقاء في الكهوف وشعاب الجبال والعراء وعدم العودة لقراهم ومدينتهم بطريقة غير ذكية بالمطلق.
لقد تجاوزت الإدارة الذاتية كل هذه الاعتذارات والتأسفات، فخرجت أحزاب حركة المجتمع الديمقراطي تف دم لتطلق العنان لخيالها غير الخصيب، وبدلاً من التوصيف الدقيق للهزيمة خرجت لتطالب المجلس الوطني الكردي للوقوف ضد “مخططات الخيانة والتشهير بالخونة وعملاء أعداء الشعوب”!!  
واسترسل البيان بلغة خشبية فارغة حقيقة وواقعاً حينما تحدّث عن  “المقاومة التي لم تهدأ والخسائر اليومية بجيش الاحتلال التركي، وأن المقاومة لن تستكين حتى عودة عفرين بشكل كامل كما سابق عهدها”
 بمعنى أن هذه الإدارة المتمثلة بحزب الاتحاد الديمقراطي لم تقر للآن بالأخطاء التي حصلت حتى سقطت عفرين، بل تلقي بظلال الهزيمة المرة على المجلس وغيره.
هذه حال الأنظمة أو الأحزاب الشمولية التي تسلك طريق العنف والاستبداد فلا تظهر لها الهزيمة إلا في ثياب النصر الموهوم. 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…