جيمس جيفري ودبلوماسية المصالح الامريكية

عيسى ميراني
عوّل الكثير من السياسيين والمراقبين  للشأن العام السوري والكوردي على الوجود الأمريكي في المنطقة على انه المخلص الحقيقي للشعبين الكوردي والعربي في سوريا فبادر كل من يحلل على هواه لكنها تتضح يوما بعد يوم ودون نتيجة تذكر.
 وبالرغم من تضحيات آلاف الشباب الكورد الذين ساقهم (ب ي د) لقتال داعش في صحاري دير الزور والرقة ومنبج بطلب أمريكي دون اتفاقيات واضحة  تضمن للكورد ولو بجزء من الكعكة المستقبلية لسوريا وهي مسؤولية تاريخية تتحملها الجهة التي أرغمت الشباب الكوردي للقتال خارج مناطقهم لكن المؤشرات بدت واضحة بأنه لا يوجد شي في القاموس الأمريكي اسمه تقسيم سوريا أو إقامة كيان كوردي أو فيدرالية
 وتتضح السياسة الأمريكية أكثر فأكثر  بأنها لا تنظر إلى الحركة الكوردية في سوريا بطرفيها (تف دم والمجلس الوطني الكوردي)  بأنهم أصحاب  المشروع السياسي المستقبلي للكورد في سوريا سواء كان إدارة ذاتية أو فيدرالية أو أي شيئا آخر بل تنظر إليهم كمحاربين شجعان يعملون وفق اتفاقيات مالية (مرتزقة) ولا يتعدى الاهتمام الأمريكي الجانب الإنساني ومحاربة الإرهاب وهو ما يصرح به المسؤولون الأمريكان على الدوام واللقاء الأخير الذي عقده السفير الأمريكي الخاص جيمس جيفري مع المجلس المحلي  لكوباني دون أن يجلس مع المجلس الوطني الكوردي بشخصيته الاعتبارية يثير جملة من المخاوف وأهمها بان أمريكا لا تنظر إلى المناطق الكردية كجغرافيا موحدة بل تحاول ترسيخ المناطقية بتركيزها على مصطلح شرق الفرات وسكوتها على التدخل التركي في عفرين خير دليل والتحركات الأمريكية الأخيرة على الحدود التركية وإثارة موضوع نقاط المراقبة ليست سوى فقاعات إعلامية لأنها ليست بحاجة لتلك النقاط للمراقبة فإمكاناتها تتعدى ذلك بكثير فمن يراقب المريخ بكل تفاصيلها لا يصعب عليه مراقبة الحدود السورية التركية ومازالت أمريكا تنظر إلى تركيا كحليف استراتيجي وعضو فعال في الناتو وإذا غامرت تركيا في تجاوز الحدود في المناطق التي تسيطر عليها القوات الكوردية لن يتعدى الرد فعل الأمريكي (القلق) لأنها لن تحصل دون موافقة ضمنية أمريكية والتواجد الأمريكي مرهون بالتوافقات الدولية وفور انتهاء مهمتها ستنسحب من سوريا كما انسحبت من العراق وأفغانستان لان سوريا مازالت دولة وعضو في الأمم المتحدة والقانون الدولي سيجبر الامريكان على الخروج فواهم من يعتقد إن جيمس جيفري وإدارته ملائكة الرحمة جاؤوا لإنقاذ السوريين بل سفراء لتنفيذ مخططات بلادهم على أطلال بلادنا المدمرة 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…