ايران – تركيا- فتى امريكا المدلل في الشرق

عبدالغني علي يحيى 
لم يعد خافياً على أحد، بل انه معلوم لدى الجميع، شعوباً وحكومات واحزاب وافراد، ان دولتين في العالم حصراً، ايران وتركيا يعكران بشكل شبه يومي صفو الامنين الدولي والاقليمي ويعدان بمثابة مصدر توتر واضطراب رئيس لدى العالم برمته، وانهما احتلا يحدارة موقع الدولتين العنصريتين السابقتين: جنوب افريقيا وروديسيا السابقة ( زيمبابوي الحالية) اللتان كانتا أيام زمن محل مقت وشجب المجتمع الدولي الذي طاردهما الى ان اسقطهما في السبعينات من القرن الماضي، وبسقوطهما وجه العالم طعنة نجلاء الى العنصرية. 
غير انهما بالرغم من سقوطهما الا انهما بقيتا حيين في دولتي ايران وتركيا اللتان واصلتا نهجمها في ممارسة العنصرية ضد شعوبهما وبالاخص ضد الشعب الكردي داخل حدودهما السياسية وخارجها أيضاً أي في كردستاني العراق وسوريا، ولا اغالي ان قلت ان ممارساتهما العنصرية تفوق بكثير ممارسات الدولتين الافريقيتين السابقتين جنوب افرييقيا وروديسيا وتجاوزت ممارساتهما حدود بلديهما  الى بلدان اخرى – ولا شك انهما لاتستطيعان الاقدام على اسالبيهما العدوانية العنصرية لولا الموقف الدولي المائع المتهاون تجاهما وبالاخص الولايات المتحدة بشكل خاص وروسيا والاتحاد الاوروبي بشكل عام. ونتيجة لذلك فانهما بمرور الايام راحا يتصرفان بصلافة ووقاحة لا مثيل لهما.  بدأت التصرفات الصبيانية الايرانية عام 1979 وكذلك خطرها على العالم وشعوب المنطقة، وذلك باقدامها على تصدير ( الثورة الاسلامية) الى خارج حدودها وبالقوة وقيامها بمداهمة السفارة الامريكية والاستيلاء على اسرار السفارة التي بلغت نحو 7500 وثيقة سرية نشر الكثير منها، وان الذي شجعها على الاستمرار في نهجها العدواني والعنصري المدان، صمت الولايات المتحدة على تلك المداهمة وذلك الاحتلال، واكتفت الولايات المتحدة انذاك بالاحتجاج الكذب والخجول على السلوك الايراني في وقت رأينا كيف ان الولايات المتحدة هاجمت دولاً وكيانات لم تكن قد الحقت اية اذية بها ولا بالمجتمع الدولي، والامثلة كثيرة منها: تحرشها التامري المسلح بكوبا عام 1962 في خليج الخنازير ذلك التحرش الذي سرعان ما أحبط، علماً ان كوبا لم تكن تضمر الشر لها، كما ان الحياة (الدولية كانت قد اثبتت قبل ذلك واثنائه وبعده، ان من الممكن ان يتعايش نظامان مختلفان جنباً الى جنب ( الرأسمالية والشيوعية و ظلت الولايات المتحدة تخاصم كوبا الى يومنا هذا ومن بعد كوبا هاجمت عام 1986 سلطة القلابية عسكرية يسارية في ( كرينادا) واسقطتها. وخاضت حروباً عديدة خارج حدودها الدولية ضد فيتنام وكمبوديا ولاوس الى ان هزمت منها شر هزيمة في عام 1975. وفي وقت سابق من القرن الماضي اعتقلت حاكم بنما ( نوريكا) بتهمة الاتجار بالمخدرات ونقلة الى سجونها في الولايات المتحدة ومحاكمته. كل هذا جرى من غير ان تشكل تلك الدول والبلدان خطراً على الولايات المتحدة. في حين نجدها تلزم. جانب الصمت والذل والخنوع ازاء الاهانات الايرانية المتواصلة والتي تكاد تتم بشكل شبه يومي، فالاهانات الايرانية لأمريكا لم تتوقف عند احتلالها للسفارة الامريكية بل تعدتها الى التحرش بحليفات امريكا الخليجيات و تدخلات مستمرة في شؤون العراق واليمن والبحرين ولبنان.. الخ فها هو الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس الايراني يوصف بحاكم العراق المطلق، وبعد أن حررت الولايات المتحدة العراق عام 2003 من دكتاتورية صدام حسين، وها هي ايران تقدم على الشقاوة ضد امريكا داخل العراق مثال: اطلاق النار على السفارة الامريكية في بغداد وقنصليتها في البصرة اضافة الى اعتداءتها المستمرة على الشعب الكردي الذي يعد بمثابة حليف لأمريكا في الغرب فعلى امتداد الاعوام الماضية اغتالت المخابرات الايرانية  اكثر منه  460 ناشطاً كردياً ايرانيا في محافظة السليمانية ونفذت عمليتين ارهابيتين مدويتين ضد مقار الاحزاب الكردية واللاجئين الايرانيين في كويسنجق فضرب وقصف طائراتها ومدمفعيتها لاكثر من مرة مناطق حاج عمران وجومان وسيدكان وبرادوست. مع تنفيذ عدد من العمليات الارهابية داخل اربيل وبلدات تابعة لها مثل بنصلاوه و سوران.. الخ 
لقد مرغت ايران هيبة وسمعة الولايات المتحدة في الوحل منذ عام 1979 والى يومنا وتجسدت الاهانة في اشكال شنى، ولم تكتفي باهانتها بالاقوال بل بالافعال ايضاً، وترجمت حربها الباردة ضدها الى حرب ساخنة في اكثر من مكان، بعض من الاهانات صدرت عنها مباشرة واخرى عن طريق اذرعها مثل حزب الله اللبناني الذي وهذا على سبيل المثال قام عام 1982 بخطف (91) اجنبياً في لبنان بينهم 25 امريكي وبعد تنفيذه لعملية الاختطاف الضخمة هذه فأنه فجر السفارة الامريكية في بيروت عام 1983 والذي أدى الى مقتل 63 شخصا من الذين كانوا داخل السفارة. فهجمات على السفارتين الامريكية والفرنسية في الكويت وذلك في السنة نفسها) ان المعلومات هذه و المحصورة بين قوسين منشورة في ( تقرير امريكي يكشف ناشري الفوضى في العراق والشرق الاوسط). وعندما لم تتخذ الولايات المتحدة  اجراءات رادعة لا ضد ايران ولا ذراعها حزب الله اللبناني، فأن ذلك زين لايران انشاء اذرع اخرى في الشرق الاوسط مثل: 1- حزب الله الحجاز 2- حزب الله  العراق 3- عصائب اهل الحق 4- الحشد الشعبي 5- الميليشيات الايرانية  في سوريا 6- ميليشيا الحوثي في اليمن 7- سرايا المختار – البحرين 8- سرايا الاشتر – البحرين 9- فيلق القدس. ولو كانت الولايات المتحدة بادرت في حينه وعاقبت حزب الله اللبناني لما ظهرت كل تلك الاذرع الايرانية، التي تقوم كل منها وعلى حده بأهانة الولايات المتحدة وتوجيه انواع الضربات اليها. وهكذا وكما اسلفت فأن ايران تحولت من الحرب الباردة الى الجرب الساخنة مع الابقاء على الاولى في الوقت عينه. في حين نجد الولايات المتحدة تكتفي باتهام ايران ( انها راعية للارهاب في العالم) أو( انها احتضنت القاعدة).. الخ من المواقف التي لا يمكن وصفها الا بالخجولة، وما زالت ايران عند تهديداتها و  اهاناتها لامريكا فالتصعيد بهما كما ونوعاً مقابل بقاء امريكا  عند اتهاماتها التقليدية الهزيلة والتي توحي كذباً واوحت على امتداد نحو (4) عقود بأنها على وشك شن الحرب على ايران ولكن مع وقف التنفيذ، ما دفع بالكثير من المراقبين والقادة السياسيين الشرقيين منهم والغربيين الى أن امريكا لن تضرب ايران ولن تعلن الحرب ضدها، بعد أن كانت التوقعات تشير الى ان امريكا ستشن الحرب على ايران ان عاجلاً أو اجلاً، وها هي (4) عقود تمر وامريكا مازالت عند  تهديداتها التقليدية الجوفاء وايران تطور حربها واهانتها ضدها وضد حلقائها ( حلفاء امريكا) واخر موقف واجهتنا به امريكا تجاه ايران: ان امريكا لا تريد ( تغيير النظام في ايران انما تعديل سلوكها) ليس هذا فحسب بل انها تبحث عن اتفاقيات جديدة معها بخصوص ملف ايران النووي. مثل (امريكا تريد معاهدة جديدة مع ايران تشمل البرنامج النووي والصواريخ الباليستية).
عدا ايران التي دوخت وتدوخ العالم منذ عقود وتتحرش بالسلم الدولي وامن العالم، بل وتقلق العالم باستمرار، فأن تركيا بدورها سيما بعد وصول الاسلاميين فيها الى الحكم، فانها بسلوكياتها العنصرية الصبيانية، اصبح من الصعب تمييزها عن ايران الاسلامية وراحت تنشر الدمار والحزاب في شمال سوريا وعلى امتداء حدودها مع العراق ومثلما تجرأت ايران على قصف العمق الكردستاني العراقي في كويسنجق مثلاً. فان تركيا ايضاُ تجرات بقصف سنجار ومناطق في اقضية العمادية وزاخو وسيدكان وبرادوست واقضية جومان وراوندوز وسوران وقلعة دزه في العراق ومنذ منتصف الثمانينات من القرن الماضي نجد تركيا تقتل المدنيين العزل وتنتهج سياسة الارض المحروقة في شمال كردستان العراق ومنذ عام 1984 فانها قتلت المئات من القرويين الكرد وما تزال وتصرح بكل وقاحة وصلاقة من انها لن  تقبل بدولة كردية في جوارها وبانها ستقضي على الدولة الكردية حتى اذا قامت في الارجنتين.! وفي الداخل التركي فانها ارتكبت جرائم مروعة وما زالت ضد الشعب الكردي  يرقى بعضها الى الجينوسايد = الابادة الجماعية. وكما ايران فان تركيا تتحدى وتهين بين حين وحين امريكا، مثال ذلك القس الامريكي المعتقل في تركيا الذي طالبت امريكا باطلاق سراحه وهددت تركيا بالويل والبثور ان لم تقم باطلاق سراحه فوراً) الا ان تركيا لم تأيه مثل ايران بتهديدات امريكا وما زالت تواصل احتجازها للقس الامريكي. والكل يعلم ان الاهانات التركية لأمريكا سابقة على احتجاز القس الامريكي ففي عام 1991 تحدت تركيا الولايات المتحدة ولم تشارك في ضرب نظام صدام حسين وتكرر الموقف نفسه منها عام 2003 عندما شنت الولايات المتحدة الحرب على العراق، واليوم نلقاها تضرب بنظام العقوبات الامريكية على ايران وتقول علانية بانها لن تقطع علاقاتها مع ايران، بل وعلى الضد من امريكا نجدها وكأنها في حلف عسكري مع ايران وروسيا الاتحادية والامثلة على التحدي التركي لأمريكا واهانات تركيا المتلاحقة تكاد لاتحصى.
لما مر فان الباحث في السياسة الامريكية حيال ارهاب الدولة في ايران وتركيا، وسياساتها وافعالها منذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين يتوصل الى تدوين استنتاجين: الاول اما ان تكون امريكا فعلاً نمراً من ورق وهو الوصف الذي اطلقه ماوتسي تونك على الاستعمار ( الاستعمار نمر من ورق) دع جانباً ان احداثاً في الماضي هزمت خلالها الولايات المتحدة امام شعوب صغيرة كالشعب الكوبي الذي قضى على هجومها في خليج الخنازير في سواحل كوبا وفيما بعد اهانتها عندما فرضت شرط تقديم جرارة ( تراكتور) لقاء اطلاق سراح نحو الفي مهاجم جندي امريكي ومرتزق كوبي الذي وقعوا في أسر القوات الكوبية، وقدمت الولايات المتحدة صاغرة نحو 2000 تراكتور لكوبا. وفيما بعد الهزيمة النكراء وبالجملة ان جاز القول للوايات المتحدة امام الشيوعيين في اقطار الهند الصينية: فيتنام، لاوس، كمبوديا، دع جانباً ما ابدته من عجز طوال اكثر من عقدين في القضاء على حركة طاليبان في افغانستان وباكستان وعلى القاعدة في حضرموت والشباب المجاهدين في السومال فحق عليها قول ماو ان في ذكر واما ان ارهاب الدولة في ايران وتركيا صنيعة لها (لأمريكا) مثلما ان هناك شكوكاً عميقة في تبعية ارهاب المنظمة السرية: القاعدة، داعش، الجهاد، النصرة.. الخ من المنظمات الارهابية للولايات المتحدة ويلتقي عند هذا الراي العديد من الباحثين وقادة السياسة بل وقطاعات واسعة من العامة في الشعوب علماً ان الوقائع اثبتت ان المتطرفين والادعياء فوق العادة للثورية، غالباً ما يكونوا عملاء للغرب ولقد كان صدام حسين انموذجاً جيداً لأولئك المدللين، ثم ما معنى تردد اسرائيل في ضرب ايران، وهي التي اعلنت انتصارها على عدد من الدول العربية في حرب حزيران عام 1967 ( حرب الايام الستة) وهي التي دمرت المفاعل النووي العراقي خلال دقائق عام 1982 وهي التي قادت عملية تحرير الرهاتن اليهود في مطار عينتيبة باوغندا في وقت سابق من القرن الماضي والتي اي العملية تحولت الى فلم روائي قام بتمثيله الممثل الامريكي كيرك دوكلاس، وهي التي دمرت منشأت عسكرية سودانية بالقرب من الخرطوم قبل اعوام وهي التي وهي التي.. فلماذا طال صبرها كل هذه السنوات تجاه ( المدللين) الايراني والتركي.
ان المجتمع الدولي مدعو الى استنصال الجسم الغريب ايران وتركيا والمشبوه من الحياة الدولية عبر تصفية استعمارها للشعوب الكرد، البلوش، العرب، الاذريين في ايران والكرد في تركيا وارغام الاخيرة على الاعتراف بالمذبحة الارمنية.. الخ لن يهدأ العالم ولن ينعم بالاستقرار والامن طالما استمر النظامان الشريران ايران وتركيا في العبث بمقدراته وتعكيرهما لصفو الامن والاستقرار، وبالقضاء عليهما فان الكل يشعر بالراحة والاطمئنان انذاك.
 ملاحظة: ان جزءاً من عنوان المقال مقتبس من اسم وعنوان مسرحية اوروبية باسم ( فتى الغرب المدلل) ترجمت الى  العربية ونشرت قبل ( 4) عقود من الان.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…