ذكرى الإستفتاء; ظهر «البارزاني» و زهق الباطل

الأمازيغي: يوسف بويحيى
ذكرى الإستفتاء المجيد 25/09/2017 ليس يوم الإستقلال فقط ،بل عيد الحقيقة و الحقائق و الوضوح و سقوط الأقنعة ،اليوم الذي إسود فيه وجه العالم كله و إبيضت فيه وجوه الملايين من الشرفاء الكورد ،يوم عانقت فيه الأرواح ذواتها لأول مرة في الوجود ،يوم أحست النفوس بالصغر تتوق للعب و الصراخ و البوح بكل شيء كسره الإضطهاد في أعماقها ،يوم تذوقت القلوب كل شيء بطعمه الحقيقي الكوردي رغم الألم.
لم يتردد أي كوردي في أن يكحل عيونه بملامح وجه قائده العظيم “مسعود بارزاني” ،وينهال من رقة كلماته الفطرية التي تخترق أرق شريان في قلبه ،ويهتدي بكل ما يأمره حاملا العلم الكوردي بين يديه ،كيف لا وهو الذي حضنه عندما لم يجد أحدا يلجأ إليه ،هو الأب و القائد و الحضن و الملجأ و الوطن بالذات “مسعود بارزاني”.
مازلت أتذكر كل تصريحات القيادات الكوردية المعادية للإستفتاء مثل يومي هذا ،كما لا أنسى كل المناورات التي أحيكت لإفشال ذاك العرس الوطني المجيد ،كنت متيقنا ان الإستفتاء لن يؤجل و سيجرى في تاريخه المحدد ،آمنت بحدوثه كإيماني بالموت التي لا مفر منها ،لم أنسى قط الأوصاف التي أطلقها البعض على الإستفتاء كالبدعة و غيرها…،ومازلت أعيد الذاكرة لحظة بلحظة لأستنشق حماس تلك الأجواء الساخنة ،صدقا كان الزعيم “مسعود باىزاني” أقوى من الجبل لم تهزه رياح الداخل و الخارج.
قلت أن الإستفتاء يوم الحقيقة كونه فرق بين الخيط الأسود و الأبيض ،وكشف حقيقة الوجوه التي كانت تقود المشهد السياسي لعقود من الزمن ،إنكشف الأصيل من المزيف خلاله ،سطعت شمس “البارزاني” في سماء كوردستان لتسود وجوه زمرة العملاء ،وأجري عيد الإستفتاء و كان أمرا مقضيا.
لم يخذلني حدسي في مواقف الزمرة التي لم تجد إلا تلطيف الكلمات بعد أن تيقنت من إصرار “البارزاني” على عدم تأجيل الإستفتاء ،إستهواني خطاب قادة العمال الكوردستاني pkk “مراد قريلان” عندما قال نحن تحت أمر “مسعود بارزاني” ،وقال قادة الإتحاد الديموقراطي pyd “صالح مسلم” مستعدون لحماية اقليم كوردستان من اي عدوان خارجي ،وقال قادة الإتحاد الوطني الكوردستاني نحن لسنا ضد الإستفتاء بل مع تأجيله فقط ،دون أن أنسى “الشيخ ألي” بقوله ان الإستفتاء بدعة لابد للبديل ،إستغربت مطولا على أي بديل يتحدث هؤلاء!! ،وما طبيعة هذا البديل مادام أن الهجوم على كوردستان قرار متفق عليه من طرف الحكومة العراقية و إيران سواء تم الإستفتاء أو لا.
بعد الإستفتاء و خصوصا بعد خيانة “كركوك” تأكدت ان البديل الذي يتحدث عنه هؤلاء في محاولة إقناع البارزاني بالتوقف هو الخيانة و المؤامرة و الإعتداء ،فكان الطالبانيون و الأبوجيون اول من وضعوا أيديهم بيد “قاسم سليماني” ،بينما “الشيخ ألي” و “حميد درويش” و “الدار خليل” أكثر من صفق للخيانة و شمت في “البارزاني” على العلن بوجه مكشوف ،هنا قلت في نفسي على واقع و في حق “البارزاني” بأنه أسد شريف تتربصه الخنازير.
كان للإستفتاء وقع كبير في نفسية الشعب الكوردي و مكسب تاريخي ينضاف إلى مكسب الحكم الذاتي و تحقيق الفيدرالية ،ويوما بعد يوم يثبت الواقع أن “البارزاني” كان صائبا و محقا في قراره ،بل حسب رأيي أراه تأخر كثيرا في المضي قدما صوب تقرير المصير ،لكن فهمت بعدها ان العقبة وراء هذا الجمود كان “جلال طالباني” الذي كان ضد الإستفتاء و الإستقلال بشكل واضح بعد 2003.
ولكي أثبت مصداقية العائلة البارزانية في حمل القضية و الأمانة و المسؤولية التاريخية من أجل بناء و إستقلال الدولة الكوردية ،يمكن الإستدلال بأن الحكم الذاتي كان على يد الزعيم الخالد “مصطفى البارزاني” ،ثم تثبيت الحكم الفيدرالي على يد “مسعود بارزاني” ،وتلاها إجراء الإستفتاء التاريخي كوثيقة تاريخية تثبت كوردستانية المناطق المحتلة و لتقرير مصير شعب كوردستان على يد “مسعود بارزاني” ،بينما البقية التي تدعي القيادة لم نرى لها أي إنجاز على الأرض سواء في كوردستان “باشور” و “روجافا” ،بل أراها في نظري مجرد أبواق الثرثرة و الكلام الكثير.
فعلى ذكر لسان الفيلسوف “برنارد ليفي” بقوله أن “البارزاني” ليس بسياسي محنك ،ولكوني أعرف جيدا فلسفة هذا الشخص و إلى أي الأهداف يرنو ،كما أني أخترقت مضمون نوايا فلسفته التي تعود إلى مؤتمر بريطانيا 1907 و بعدها مخططات “سايكس بيكو” و “برنارد لويس” السارية المفعول إلى الآن ،أود أن أذكره أن “البارزاني” سياسي شريف لم يمر مثله قط في تاريخ “فرنسا” ،والبارزاني لم يسقط بل إكتشف نفاق أفكار فلسفة الجيل الجديد الماسونية التي يتزعمها أمثال “برنارد ليفي” ،فلولا حنكة و ذكاء “البارزاني” لتحولت كوردستان إلى سوريا و ليبيا و اليمن التي نجحت فيها فلسفة “برنارد ليفي” ،ودعمه (برنارد ليفي) للإستفتاء شفهيا لا يقل على خلق عداء و ضجة و ذريعة كالتي أرادها “بنيامين نتنياهو” كردة فعل لقمع الطموح الكوردي على يد الأتراك و الفرس و العرب ،بينما الجميع أغمض عينيه عند هجوم الأنظمة الإقليمية على شعب كوردستان ،ولهذا أقول لكل من “برنارد ليفي” أن لا يحاول اللعب بالنار لأني أعرف حتى ما في جحور المدرسة التي تخرج منها.
إن الإستفتاء لهو اللبنة و الحجر الأساس لقيام دولة كوردستان القادمة ،على إثره ظهر الحق و زهق الباطل ،فعاد الخائبون يطلبون الصفح و الرضى و يالا العار.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…