ابراهيم محمود
في الأعلى صورتان، الأولى جهة اليمين، مكتوبٌ أسفلها بالفرنسية، كما سيتضح ذلك في نهاية المقال المكتوب بالفرنسية للمفكر الفرنسي المعروف برنار هنري ليفي : إعادة تسمية بلاد فارس بـ ” إيران ” :
Hassan Esfandiari, membre du parlement iranien, Mussa Nuri Esfandiari, futur ambassadeur iranien auprès du Deutsches Reich, et Adolf Hitler.
وبالعربية: عضو البرلمان الإيراني حسن اسفاندياري ، وسفير إيران لاحقاً موسى نوري اسفاندياري في الرابطة الألمانية، وأدولف هتلر.
الثانية، جهة اليمين، هي صورة لهتلر، كما هي جلية، وكتب أسفلها، كما سيتضح ذلك أيضاً في نهاية المقال بالخط الكبير، وكما ورد بالفرنسية مترجماً عن الألمانية حال الأولى:
Photo d`Adolf Hitler dédicacée à Reza Shah Pahlavi dans le cadre original, avec le Svastika et le signe d`Adolf Hitler (AH). Le texte sous la photo : «Sa Majesté Impériale – Reza Shah Pahlavi – Shahanshah d`Iran – Avec les meilleurs voeux – Berlin 12 mars 1936 – La signature d`Adolf Hitler “.
وبالعربية : صورة لأدولف هتلر مخصصة لرضا شاه بهلوي في الإطار الأصلي، مرفقة بالصليب المعقوف ” رمز النازية، ا.م ” وشارة أدولف هتلر (AH). وما ورد تحت الصورة من قبله، بتوقيع من أدولف هتلر، مؤرخ في برلين 12 آذار 1936: “صاحب الجلالة الإمبراطورية – رضا شاه بهلوي – شاهنشاه من إيران – مع أطيب التمنيات –
هذه العلاقة القائمة بين هتلر وشاه إيران في ثلاثينيات القرن الماضي، أزاحت الستار عن عمق الروابط بينهما، إلى درجة أن الذي دفع بالشاه الإيراني إلى تغيير اسم بلاده ” فارس ” سنة 1935 إلى إيران كان جرَّاء تأثره بالنازية، كما تطرق إلى ذلك المفكر الفرنسي برنار هنري ليفي، وقد كان لكتابته التنقيبية هذه دوي هائل، حيث إنه رد على من يقول العكس.
الباحثة ماريا دي فرانكا، وكما كتبت حول هذه النقطة والتي تضمَّنها كتاب برنار هنري ليفي: الامبراطورية والملوك الخمسة : rois L’Empire et les cinq،وذلك في صحيفة ” Libération : التحرير “، منبهة إلى ما هو مهم، وهو أن المثار ليس حديث العهد: رغم أن هذا الموضوع موثق ومعروف إلى حد كبير من جهة المؤرخين في كل من ألمانيا النازية وإيران ، لكن عامة الناس العاديين لا تعلم حقيقته … وتأتي على ذكر ليفي وقد انبرى في برنامج شهير وهو On n`est pas couché ” أي : إننا لا نكذب ” وذلك في 7 أبريل ، 2018.
تعقّب فرانكا موضحة : اتفق الجميع أن الشاه رضا، وهو امبراطور بلاد فارس ” إيران ” وفي عام 1935 ، قد فرض المصلطح الوحيد ” الإيراني ” على أي مصطلح أجنبي آخر، وذلك من 1925 إلى 1941 .
ثم تحيل القارئ إلى كتاب ليفي الآنف الذكر، وما الذي استجد في التسمية ” صفحة 216 ” “مؤكد أن مصطلح Perse كان يطلق على أحفاد الأخمينية بصورة دائمة ، بالفارسية ، الإيرانيين” و “مؤكد ، أن كلمة أرياوي تعرَف ، عن طريق هيرودوت ، وذلك لتسمية قلب/ محرّك هذه الإمبراطورية الممتدة بين نهريّ الدانوب والنيل “).
le mot Ariaoi apparaît, dès Hérodote, pour désigner le cœur de cet empire qui s’étend entre le Danube et le Nil.
تتساءل فرانكا: ما نقطة الخلاف إذاً ؟ وهو سؤال يستدعي من جهة ما كان، وما هو قائم، ومساءلة المفارقة القائمة، والمتمثلة، كما يبدو، في إنكار هذه الصلة بين التسمية الحديثة، والفاعل الخارجي: النازي وتداعيات الواقعة !
من ضمن الوارد في عملية التوضيح، التالي: يعترف بعض الناس غالباً أن بلاد فارس رغبت ” أن تعرّف بنفسها دولة حديثة ” (دون مسالءلة مفهوم صفة” الحديثة ” في بلد كان تواقاً إليه بهذا الشكل ، وإن تجنَّبها ). بالنسبة إلى كل من إنجلترا والاتحاد السوفياتي ، وهي تتودد إلى ألمانيا هتلر – …).
ثم تصف خطوة ليفي في هذا المنحى، وحماسه، وسعيه الحثيث إلى عرض هذه ” الحقيقة ” لكشف مستور ضاغط:
لقد قدم وثائق دامغة بصورة فعلية اعتماداً على 1- شهادات مؤرخين آخرين .. 2- وصفة شهادة ابن الشاه نفسه في مذكراته وهو الذي أمضى على المرسوم ؛ 3- وهناك مراجع أخرى ، كما في حال مذكرات الوزير الألماني المفوض واسمه فون بلوخر … 4- وتلك الصورة الفوتوغرافية وهي ترينا هذا المنشور وفيها يظهر هتلر محاطاً بشخصيات إيرانية معتبَرة، ليس في وسع الشاه ونظامه محوها . ..
وإلى جانب: آلاف التفاصيل التي تذهب في نفس الاتجاه وتوضح رياح الدعاية النازية التي هبت على بلاد فارس في العقد الثلاثيني من القرن العشرين.
Ou mille détails qui vont dans le même sens et illustrent le vent de propagande nazie qui soufflait sur la Perse dans les années 1930.
بعد ذلك، يأتي نص برنار هنري ليفي، والذي يوسّع في بنية العلاقة اللافتة للنظر وذات القيمة التاريخية راهناً، وهو في معرض الرد على من يمضي في الاتجاه المخالف لما توصَّل إليه، وهو باحثون وخلافهم، وكيف جرى تغيير الاسم في آذار 1935 ، من بلاد فارس إلى إيران، وهو حاسم في موقفه بعبارة، محيلاً مخاطبته على ما يفيد في ” القضية ” :
لا أرغب في المساجلة هنا.
Je ne veux pas, ici, polémiquer.
أما عن المؤرخين الجارية تسميتهم، ممن يضيئون ساحة القول هذه، فهم :
تشارلز بلوخ ، وكان في الرايخ الثالث والعالم ، Imprimerie Nationale ، 1986 ” ص 255 و 256 “، حيث كتب: ” فطِن شاه رضا خان ومساعدوه أن الفرس هم آريون ، ولهذا بدَّلوا/ غيروا الاسم الرسمي لبلادهم. في ايران تجاوباً مع مقترح المفوض في برلين “.
ويكتب كذلك، أي بلوخ: “عقب زياراته إلى تركيا وألمانيا في 21 آذار 1935 ، صدرمرسوم من الشاه بهلوي مرسومًا بالتحول الاعتباري للأمة، تحولت بلاد فارس إلى إيران “.
وأنطوان فليوري الذي تناول ” الاختراق الألماني في الشرق الأوسط” ، 1919-1939 ،في المعهد الجامعي للدراسات الدولية العليا ، 1977 ،” ص 267 “، وهو يشير إلى ” رغبة الشاه في الانتساب” إلى “مجموعة الدول المعتبَرة متفوقة ” وهو يستدعي هذا السؤال ذاك الذي يتملك الإيرانيين وقتذاك: ” ألا ترسم عناوين ولادتهم الفرس على قدم المساواة ، إن لم تكن المساواة بجوار الألمان ، على الأقل في الأخوَّة ؟”
leurs titres de naissance ne placent-ils pas les Persans sur un pied, sinon d’égalité, du moins de fraternité aux côtés des Germains ?
وباري روبين وولفغانغ ج. شوانيتز ، وهم نازيون ، وإسلاميون في إنشاء كتاب الشرق الأوسط الحديث ، مطبعة جامعة ييل ، 2014 ، ” ص 114″ فنقرأ ” كانت العلاقات الألمانية – الفارسية جانحة جداً بحيث إن قرار الشاه ، في عام 1935 غالباً ما يعزى إلى اقتراح من سفير إيران في برلين، والمتعلق بتغيير اسم البلاد من بلاد فارس إلى إيران (والذي يُشتق من كلمة أريان) .
وهناك كينيث بولاك في: اللغز الفارسي ، وراندوم هاوس ، 2004″ لقد تأثر” الشاه ” بشكل واضح بأساليب هتلر ” وهو يتوقف عند هذه النقطة المتعلقة بالمرسوم الشاهنشاهي الانقلابي من قبل بهلوي..
…..
أو شهادة Wipert von Blucher ، وكان ممثل ألمانيا في طهران في تلك السنوات التي ، ” ص 324 من كتابه ” ، Zeitenwende في إيران. إذ يقول Erlebnisse und Beobachtungen (وترجمتها بالفرنسية ، ذلك ما يشبه “تغيير الأوقات ، والخبرات والملاحظات”) .
Changement d’époque, Expériences et observations
وربما ما يشكّل القوة المؤثرة من الداخل، وتتمثل أخيراً، في مذكرات الشاه الأخير ، إنه ابن الشخص الذي وقع المرسوم. مالذي قاله سنة 1979 ، بصدد دوافع والده الراحل؟ قال ” في ص: 61-62 من كتابه في طبعته الفرنسية “: لقد شجَّع والده الشاه العلاقات بين بلاد فارس وألمانيا عن عمد”. ليقول مستكركاً عن أن الاشتراكيين الوطنيين دفعوا إلى عجلة القيادة عبر التأكيد بقوة على “الأصول المشتركة لشعبينا “.
que les nationaux socialistes poussèrent à la roue en mettant lourdement l’accent sur «les origines communes de nos deux peuples.
ولدينا صحيفة نيويورك تايمز التي تعلن، بدءاً من 1 كانونالثاني 1935 ، قبل ثلاثة أشهر من المرسوم ، عن ميثاق الآريين. أو ، في 26 حزيران 1935 ، وذلك في مقال جديد معنون بـ ” الأسماء الجديدة للأماكن: تغيير سانتو دومينغو إلى تروجيلو يتذكر الآخرين” ، مثمّناً هذه الخطوة بقوله: “بناء على اقتراح الممثل الفارسي في برلين ” أن” حكومة طهران ، في السنة الفارسية الجديدة ، غيَّرت اسم بلاد فارس إلى إيران اسماً رسمياً “، مضيفاً إلى أن ” وجود تأثير النازية المتجددة للأجناس المسماة بـ Aryan ، تلك الأجناس الممكنة مشاهدتها والمقيمة في بلاد فارس القديمة..”.
هنا ينتهي قول ليفي، وقد حاولنا إيران أغلبه، ولعله يفيد الباحثين والدارسين ومن لهم صلة بالتغييرات الاستراتجية للأمكنة، والمستهدَف منها، ومدى ارتباطها بتلك العدوى الإيديولوجية، كما في حال النازية، التي هبَّت رياحها على المنطقة العربية وتجاوزتها، حيث تشربتها أحزاب كثيرة : عربية وغيرها، جرّاء تصلّبها ومركزيتها، أو عنصريتها وما في ذلك من شرعنة استخدام العنف ضد الهويات الأخرى ” ينظَر مثلاً كتاب مؤرخ العراق الشهير عبدالرزاق الحسني: الأسرار الخفيّة في حركة السنة 1941 التحررية، مركز الأبجدية، بيروت، ط5، 1982، وهو يتحدث عن مفتي فلسطين ودوره الكبير في بث النازية، عند دخوله العراق( وقد استغل استقبال الناس له حينها. وبثه لدعاية النازية.. وباسم العروبة والدين.. حتى آلت الحالة في البلاد إلى الدرجة المعلومة، وهرب مع الذين ضللهم من رجال البلاد بدعاياته…وهناك المعلمون الفلسطينيون والسوريون .. والإذاعة العراقية ودعايتها بتأثير من حكومة رشيد عالي وتذيع بها المساوىء الكاذبة في فلسطين.. والفتوة وكتائب الشباب : الذين تلقوا النازية من الفلسطينيين والسوريين في بغداد..ص342..)، وكتاب د. مهدي مكّية: قصة حياتي، مؤسسة الانتشار العربي، بيروت، ط1، 2011، وهو أول طبيب ينال شهادة البورد الأميركية في العراق.. بغدادي المولد سنة 1929، ص 16.. متخصص بأمراض الأطفال، حيث يقول ( في عام 1941، كنت في الصف الثاني، والحركة النازية منتشرة في البلاد العربية وخصوصاً في العراق والتلاميذ، وأنا منهم، كنا نعتبر النازية مرادفة للوطنية، والناس يعتقدون أن الانكليز هم المشكلة الوحيدة في البلد.. كان سامي شوكت المندفع وراء النازية مديراً عاماً في وزارة المعارف ” التربية حالياً “.. لقد عمم شوكت المتحمس للقومية العربية المتطرفة الشعار الوطني الذي استحدثه لجميع مدارس العراق.. معتقداً أن هذا الشعار سيُنمي الشعور القومي والروح العسكرية عند الشباب وحتى الأطفال.ص63.)، وأخيراً، وليس آخراً، الكتاب الأشهر لـ د. بيتر فين: قوميو العراق وشبهة الميول الفاشية” تداعيات القرن العشرين ومطلع أربعينياته “،ترجمة: مصطفى نعمان أحمد، العالمية المتحدة، بيروت، ط1، 2010، كما في تناوله لهذه النقطة (تلمس هذه الروح الألمانية في مذكرات الساسة والقادة العراقيين: علي جودت الأيوبي رئيس وزراء العراق من 1934- 1935.ص51- وناجي شوكت” 1893- 1980″، ص55-جعفر العسكري الشخصية الشريفية الأبرز بعد نوري السعيد ” 1888-1958″،ص57- الأفندية الشباب، مثال محمود الدرة.ص63- وفي سيرة عبدالأمير العلاوي.” تولد بغداد1912″..ص65- ومحمد مهدي كبة..ص66-71- وطالب مشتاق..ص74- وروفائيل بطي..ص76- وهو يتحدث عن مسار السبعاوي في التطرف.ص83- وفي سياق الزعامة، كان بطي منذ البدء مهتماً بالفردانية..ص90- خلال ثلاثينيات القرن العشرين، أشارت الصحافة العراقية بطرق عدة مختلفة إلى ألمانيا والفاشية.ص130- وفي مذكراته حضور لافت للصحافة العراقية..ص137- أهمية صحيفة ” العالم العربي ” في ذلك.ص 139-والأهم هو المتعلق بالمخيال الفاشي خلال سنة 1941 مع رشيد الكيلاني وبتحريض من الحاج أمين الحسيني..ص176-177- ومن خلال حركة الشباب العراقية” الفتوة “..ص194- تجلي الخطاب القومي العربي لتلك الفترة على أوجه متعددة للسلطوية، والشمولية، والفاشية السائدة في أوربا وأماكن أخرى..ص261…) …الخ.
هذه الاستفاضة ربما تفيد بدورها في توسيع أفق المفهوم، بالنسبة إلى من يتستر على التاريخ وحقائقه .
أما عن مغزى طرح هذا الموضوع، وفي هذا الوقت، فأحسب أن ما يجري في إيران الآن، وما يخص مفهوم ” ولاية الفقيه ” ومرجعية الاسم، إن قابلناه بالاسم : إيران، والتي تتعدى نطاق ” الفرس ” لا يخفى على أي لبيب؟؟!
نقلت هذا المقال بلغته الفرنسية والمقال المقدّم له من موقع :
laregledujeu.org/2010/05/08/1455/kundera-apporte-son-soutien-a-polanski
أي : قاعدة اللعبة، والذي يشرف عليه المفكر برنار هنري ليفي نفسه، بوصفه مؤسسته !
Hassan Esfandiari, membre du parlement iranien, Mussa Nuri Esfandiari, futur ambassadeur iranien auprès du Deutsches Reich, et Adolf Hitler.
عضو البرلمان الإيراني حسن اسفاندياري ، وسفير إيران لاحقاً موسى نوري اسفاندياري في الرابطة الألمانية، وأدولف هتلر.
Photo d`Adolf Hitler dédicacée à Reza Shah Pahlavi dans le cadre original, avec le Svastika et le signe d`Adolf Hitler (AH). Le texte sous la photo : «Sa Majesté Impériale – Reza Shah Pahlavi – Shahanshah d`Iran – Avec les meilleurs voeux – Berlin 12 mars 1936 – La signature d`Adolf Hitler.
وبالعربية : صورة لأدولف هتلر مخصصة لرضا شاه بهلوي في الإطار الأصلي، مرفقة بالصليب المعقوف ” رمز النازية، ا.م ” وشارة أدولف هتلر (AH). وما ورد تحت الصورة من قبله، بتوقيع من أدولف هتلر، مؤرخ في برلين 12 آذار 1936: “صاحب الجلالة الإمبراطورية – رضا شاه بهلوي – شاهنشاه من إيران – مع أطيب التمنيات –