فيكين شيتيريان
ترجمة واختصار مع التقديم : ابراهيم محمود
عندما كنت أنقّبُ في موضوعات تعنيني، ضمن الصحافة الفرنسية، استوقفني مقال لافت بعنوان ” الإيزيديون: كبش الفداء الأبدي : Les Yézidis, éternels boucs émissaires ” لكاتبه المعروف بدراساته التاريخية عدا عن كونه أكاديمياً فيكين شيتيريان Vicken Cheterian ، والمنشور في الصحيفة الفرنسية المشهورة ” العالم الدبلوماسي : Le Monde-diplomatique ” بتاريخ كانون الثاني 2017، الصفحة ” 12 ” وهو طويل نسبياً ” أكثر من 2200 كلمة “، مرفق بخريطة لتحديد أماكن توزُّع الإيزيديين في كل من سوريا- العراق، وقد حفَّزني عنوانه ومحتواه، على نقل أهم النقاط التي تكوّن هذا المقال، بغية الاستفادة:
لا تزال مدينة سنجار الواقعة في شمال العراق مدينة مهجورة، إذ من أصل 80000 شخصاً ممن فروا من هجوم ” تنظيم الدولة الإسلامية: داعش ” في آب 2014، فإن عدد العائدين إلى المدينة على أيدي القوات الكردية في 13 تشرين الثاني 2015، بعد استعادتها بالكاد يبلغ خمسين ألفاً. ثمة مجموعة صغيرة من المقاتلين تتحرك ببطء تحت شمس الظهيرة…. يرتفع الصخب، كأن المدينة مسكونة بالأرواح المعذبة. هناك مدرسة تحولت إلى مقر تشهد دخول المسلحين إليها وخروجهم منها. أو ينتظرون الأوامر وهم جلوسٌ. يشدد قائد بيشمركة سنجار قاسم ششو، قريباً من الحزب الديمقراطي الكردستاني قائلاً ” قد كنا ضحايا مذابح في الماضي ، إنما هذه المذبحة فهي واقعة في عصر التكنولوجيا المتقدمة! نحن نستنكر الآلاف من الضحايا ؛ وهناك الآلاف من أخوتنا ما زالت أسرى في أيدي داعش “.
إذا كان لنا أن نعيد كتابة تاريخ الشرق الأوسط من وجهة نظر اليزيديين، فسوف تكون الكتابة مختلفة، عما هو لدينا. يتحدث الشعب الكردي (الكورمانجية)، ويمتلك ثقافة مميَّزة تتركز حول ديانة توحيدية تتنقل شفاهياً في الزرادشتية. المكان الرئيسي لإيزيدي العراق حيث مركز عبادتهم لالش ، شمال الموصل. وهناك حضور لهم كما القوقاز وفي الشتات. والمجتمع الإيزيدي تراتبي ، حيث يقوده الشيوخ (الرؤساء) أو السلطات الدينية، ويمنع زواج الإيزيدي مع أعضاء من دين آخر منعاً باتاً.
Le mariage avec des membres d’une autre confession leur est strictement interdit.
بدأ هجوم ” داعش ” المباغت حزيران صيف عام 2014 ، على أيدي بضعة مئات من الجهاديين وقد استولوا على الموصل ، وهي ثاني أكبر مدينة في العراق. وقد تخلّت القوات العسكرية العراقية المقدَّرة بنحو 30 ألف رجل سريعاً عن الجاري في إطار الصراع على السلطة بين القبائل السنية المحرومة من حقوقها والوجهاء في المناطق الحضرية الساخطين بسبب فقدان نفوذها بعد الغزو الأمريكي. ذلك نتيجة للسياسات الطائفية لرئيس الوزراء الشيعي وقتذاك ، نوري المالكي. وبعد ذلك كان الهجوم المفاجىء على مناطق تابعة للسيطرة الكردية، وذلك في الساعات الأولى من 3 آب 2014 في منطقة سنجار ، التي يسكنها اليزيديون. انسحبت البيشمركة سريعاً وهي مصدومة بما جرى، ليبقى الأهالي تحت رحمة المهاجمين. ولم تصمد المقاومة المحلية، وحاول السكان الهرب إلى الجبال، إنما من لم افتقروا إلى سيارات عجزوا عن الهرب.
فصل ” داعش الرجال عن النساء، وغالباً ما كانوا يطلقون النار عليهم في الحال…وقد تمكنوا من الوصول إلى كثيرين، حيث استمروا في المذابح وأخذ الرهائن.. الذين لم يرضوا دخول الإسلام تم قتلهم. وليتم جمع النساء فالفتيات، حتى ممن هن في عمر التاسعة، ،وإرسالهن إلى تل عفر القريبة ، وعرضهن للبيع كعبيد جنس إلى الجهاديين في جميع أنحاء “الخلافة”. ولا يعرَف عدد القتلى وكذلك الأسرى تماماً ، سوى أن المنظمات الأيزيدية تشير عن 2240 حالة وفاة ،واختفاء 1020 – وربما أعدِموا – إلى جانب أكثر من 5800 سجيناً ، أغلبهم من النساء والأطفال. وقد مات أكثر من 280 شخصاً ، جلُّهم من الأطفال ، تحت وطأة العطش والإرهاق في الأيام الأولى.
Plus de 280 personnes, des enfants pour la plupart, sont mortes de soif et d’épuisement au cours des premiers jours.
Détruire une culture et un mode de vie:
تصفية ثقافة حياة وأسلوبها :
ما تعرض له الإيزيديون من وحشية لا نظير له لدى أي جماعة بشرية أخرى من قبل تنظيم ” داعش “. كان هدف التنظيم هذا أكثر من عملية ترويع الناس وإخضاعهم له. إنها تصفية ثقافة حياة وأسلوبها في المنطقة . وهذا العنف ليس بجديد، فبالنسبة للإيديويديين، تكون أحداث 2014 المذبحة الثالثة والسبعين . الذي عانى منه اليزيديون ليس جديدًا. بالنسبة لهم ، تمثل أحداث عام 2014 المجزرة الثالثة والسبعين، باستعمالهم لعبارة farman العثمانية للإشارة إليها. وهي تعني ” المرسوم السلطاني ” السيء الصيت…
يُعتبر الإيزيديون وثنيين ، أو حتى “عبدة الشيطان” ، فيتعرضون للاضطهاد بذلك.. وكان للنظام البعثي في العراق تمميز قاس في التعامل معهم بطريقة تمييزية، بحصارهم والتضييق عليهم في عام 1975، ليصبحوا عاملين لدى جيرانهم العرب اضطراراً.
عملية الهجوم على سنجار يظهر تناقضات التنظيم الإسلامي. فهناك إيزيديون أكدوا أن الهجوم الأول نفّذ من جهة القبائل العربية المجاورة (جحيش وأبو متويت وخاتوني). وهناك إشارة إلى الحرس البعثي القديم الحالم باستعادة السلطة في بغداد، هناك الشيشان والأتراك، حيث لكل مجموعة قوتها، إنما أيضاً عدواً جديداً .
Encore des milliers de femmes captives :
لا زال هناك آلاف النساء في الأسر :
إثْر الهجوم المضاد من البيشمركة الكردية بدعم من القوات الجوية الأمريكية في تشرين الثاني – / كانون الأول 2015 ، تمكن 50000 مدنياً فقط من أصل 300.000 إلى المنطقة. حيث كانت معظم البلدات والقرى مدمرة أثناء القتال أو على أيدي ” الجهاديين ” بعد انسحابهم .
لقد كان هناك رد فعل قوي على المجازر العثمانية ضد الإيزيديين سنة 1892 ، لتنبعث هذه الهوية والثقافة في منطقة جبل سنجار (4). تُرى هل ينجوا أحفادهم من الإبادة الراهنة ؟ ليس هناك ما يطمئِن. إذ إن معظمهم يعيش حالياً في مخيمات اللاجئين البسيطة وذات الكثافة . إلى جانب نسبة منهم سلكت الطريق الطويل إلى أوربا. ورغم الإفراج عن بعض الأسرى، فثمة الكثيرون مجهولو المصير ….ثمة مرارة هنا، وشعور بالخيانة، حيث تم قتلهم من قبل الجيران العرب السابقين، إلى جانب خيانة من قبل الأخوة العرقية للكرد، ومن ثم النسيان من قبل “المجتمع الدولي”. لهذا، فإنهم قبل عودتهم إلى ديارهم لممارسة حياتهم من جديد. لا بد أن يكون هناك أمل، وأن يكون هذا الفرمان الثالث والسبعون هو الفرمان الأخير.
que ce soixante-treizième farman sera le dernier.
عن كاتب المقال :
Vicken Cheterian
Professeur d’histoire et de relations internationales à l’université de Genève et à la Webster University de Genève. Auteur d’Open Wounds : Armenians, Turks, and a Century of Genocide, Hurst & Company, Londres, 2015.
إنه أستاذ التاريخ والعلاقات الدولية في جامعة جنيف وجامعة ويبستر في جنيف. ومؤلف كتاب الجروح المفتوحة: الأرمن والأتراك ، وقرن من الإبادة الجماعية ، هيرست وشركاه ، لندن ، 2015.