هل يسعى النظام الإيراني لتأجيج حرب جديدة؟ نظرة إلى التهديدات الأخيرة للنظام الإيراني في المنطقة

بقلم عبدالرحمن مهابادي*
يتهامس إلى الأذن في الآونة الأخيرة بأن النظام الإيراني يسعى لإشعال حرب جديدة في المنطقة حتى يتمكن من التغطية على أزماته الداخلية. أصحاب هذه النظرية أشاروا إلى الأمثلة السابقة ولاسيما الحرب الإيرانية العراقية من أجل اثبات وجهة نظرهم حيث استطاع النظام الإيراني عن طريق إشعال هذه الحرب قمع الحريات والأحرار في داخل إيران ومن هنا استطاع النظام الإيراني الحصول على مكاسب كبيرة في تلك الأيام. إنهم يعتمدون على تلك التجربة لاثبات طبيعة النظام الإيراني الذي لولا سياسة نشر الحروب التي كان يتبعها لما كان هذا النظام موجودا حتى الآن حيث كان دائما هذا النوع من نشر الحروب أمرا واضحا وجليا في سياسات واستراتيجيات هذا النظام. 
إن سياسة الترويج للحروب ونشرها في المنطقة بأشكالها المختلفة والمتنوعة هي قسم لا يتجزأ من وجود هذا النظام وهذا الكلام أساسي و دقيق بشكل كامل كما أن تجربة أربعة عقود ماضية من طبيعة وسجل أعمال هذا النظام تثبت لنا بوضوح هذه الحقيقة الجلية التي لايمكن نكرانها أبدا. 
تستند النظرية المذكورة أعلاه على سياسة نشر الحروب الجديدة التي يسعى لها نظام الملالي في المنطقة حتى هدد في الآونة الأخيرة قادة النظام وعلى وجه التحديد رئيس جمهورية الملالي حسن روحاني ومهرجهم الحرسي قاسم سليماني قائد قوات فيلق القدس الإرهابية المرتبطة بقوات الحرس بإغلاق مضيق هرمز. السؤال الذي يطرح نفسه هنا .هل سيكون النظام الإيراني قادرا على إغلاق مضيق هرمز أم لا؟ 
مع قدر قليل من المعرفة بالظروف الجديدة الحاكمة في إيران والمنطقة والعالم يمكن القول بصراحة بأن النظام الإيراني في نهاية عقده الرابع من عمره المشؤوم لايمكنه السعي وراء نشر الحروب في المنطقة وذلك لأن قادة ورؤوس النظام يعلمون جيدا وقبل الجميع بأن النظام لايملك امكانية وظروف تأجيج وإشعال حرب جديدة في المنطقة. 
تستمر الآن في إيران انتفاضة ليس لديها محطة وقوف أبدا كما أن جماهير الشعب الإيراني التي ضاقت ذرعا من هذا النظام تعطي كل يوم أشكالا مختلفة ثمنا من أجل اسقاط هذا النظام. ذلك لأنهم لايملكون شيئا يخسرونه فهم محرومون من أقل مقومات الحياة العادية والبسيطة وكما أنهم محرومون من أقل الحريات والأمن المعيشي والوظيفي .. لذلك فهم غاضبون. هذه الحالة تقترب كل يوم أكثر وأكثر من نقطتها الانفجارية. في الأيام الأخيرة ومع اقتراب مرحلة جديدة وقاسية أكثر من العقوبات الدولية المميتة ضد النظام تخطت قيمة الدولار سقف ١٢ الف تومان إيراني وشرائح وطبقات المجتمع الوسطى والفقيرة لايملكون سوى صب جام غضبهم على هذه الحكومة. 
لذلك فإن انعكاس مثل هذه الحالة جعل نكهة بقاء هذا النظام على قيد الحياة مُرّة في أفواه حاكميه ووضع النظام أكثر من أي وقت مضى في حالة من عدم التوازن والتزعزع وكما أنه سلب المعنويات من القوات القمعية لهذا النظام. حيث أن قادة الدولة ورؤسائها العسكريين يقولون بصراحة ولايخفون حقيقة ( التهديدات الداخلية الأخطر ). ( وكالة أنباء تسنيم ٢٧ يوليو ٢٠١٨ ). 
لذلك لا نظام الملالي ولا الشعب الإيراني في النقطة السابقة أي سنوات بدء نظام الملالي. أفضل اثبات لهذه الحقيقة هي الشعارات التي نادى بها الشعب الإيراني في جميع أنحاء إيران تحت حكم الملالي : الموت للدكتاتور. الموت لخامنئي. أيها الإصلاحي وأيها الأصولي لقد انتهت اللعبة. عدونا ها هنا كذبا يقولون أمريكا. ويل لليوم الذي تسلحنا فيه … لذلك فإن الشعب الإيراني لن يتغاضى مرة أخرى عن هذا النظام وهذا النظام لن يستطيع أبدا إشعال حرب جديدة أخرى. لقد وجدوا أن علاج جميع مشاكلهم يكمن في إسقاط نظام الملالي وهم ليسوا مستعدين للتراجع أبدا عن هذه المطالب المشروعة. 
ما يضمن مثل هذه العملية هو الوجود النشط لقوات المقاومة الإيرانية على شكل معاقل الانتفاضة في المجتمع الإيراني، والذي أوصل نموه وتوسعه اليومي المزايد غضب الملالي إلى ذروته. الإجراءات الهستيرية للنظام وحلفائه وعملائه من أجل منع عقد مؤتمر باريس والمخطط الإرهابي للملالي لتفجير هذا التجمع هو أفضل وثيقة لاثبات الترابط الوثيق بين انتفاضة الشعب الغاضب والمقاومة المنظمة. 
الخطة التي أدى اكتشافها ، وكذلك اعتقال الدبلوماسي الإرهابي التابع للنظام (أسد الله أسدي) وأعضاء آخرين في فريقه الإرهابي من قبل جهاز الأمن الأوروبي، إلى فضيحة أخرى لنظام الملالي وسجلت أن المقاومة الإيرانية هي بمثابة البديل الديمقراطي الوحيد لهذا النظام في العالم. 
السبب الآخر والغير قابل للإنكار في هذه العلاقة هو التحول الكبير الذي ظهر في المجتمع الدولي ضد نظام الملالي وأبرز نفسه في استراتيجية الحكومة الأمريكية الجديدة ضد هذا النظام. ذلك التحول المتأثر بانتفاضة الشعب والدور الفعال للمقاومة الإيرانية حرك العالم لصالحه وفي اتجاهه ليدعموا الشعب والمقاومة الإيرانية ضد هذا النظام. 
لذلك فإن تهديدات قادة هذا النظام اللامتوازن والمتزعزع ليس علامة قوة بل علامة ضعف ووهن. ليس هناك شك بأن هذا النظام سيسقط سريعا على يد الشعب والمقاومة الإيرانية ولجوء هذا النظام من العنف سيقرب سقوط هذا النظام أكثر .
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.
@m_abdorrahman

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

جليل إبراهيم المندلاوي   في خبر عاجل، لا يختلف كثيرا عن حلقة جديدة من مسلسل تركي طويل وممل، ظهرت علينا نشرات الأخبار من طهران بنغمة هادئة ونبرة مطمئنة، تخبرنا بأن مفاوضات جديدة ستعقد بين إيران وواشنطن، هذه المرة في “أجواء بناءة وهادئة”… نعم، هادئة، وكأنها نُزهة دبلوماسية على ضفاف الخليج، يتبادل فيها الطرفان القهوة المرة والنظرات الحادة والابتسامات المشدودة. الاجتماع…

إبراهيم اليوسف بعد أن قرأت خبر الدعوة إلى حفل توقيع الكتاب الثاني للباحث محمد جزاع، فرحت كثيراً، لأن أبا بوشكين يواصل العمل في مشروعه الذي أعرفه، وهو في مجال التوثيق للحركة السياسية الكردية في سوريا. بعد ساعات من نشر الخبر، وردتني رسالة من نجله بوشكين قال لي فيها: “نسختك من الكتاب في الطريق إليك”. لا أخفي أني سررت…

مع الإعلان عن موعد انعقاد مؤتمر وطني كردي في الثامن عشر من نيسان/أبريل 2025، في أعقاب التفاهمات الجارية بين حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وأحزابه المتحالفة ضمن إطار منظومة “أحزاب الاتحاد الوطني الكردي”، والمجلس الوطني الكردي (ENKS)، فإننا في فعاليات المجتمع المدني والحركات القومية الكردية – من منظمات وشخصيات مستقلة – نتابع هذه التطورات باهتمام بالغ، لما لهذا الحدث من أثر…

فرحان كلش   قد تبدو احتمالية إعادة الحياة إلى هذا الممر السياسي – العسكري ضرباً من الخيال، ولكن ماذا نقول عن الابقاء على النبض في هذا الممر من خلال ترك العُقَد حية فيه، كجزء من فلسفة التدمير الجزئي الذي تتبعه اسرائيل وكذلك أميركا في مجمل صراعاتهما، فهي تُسقط أنظمة مثلاً وتُبقى على فكرة اللاحل منتعشة، لتأمين عناصر النهب والتأسيس لعوامل…