مطالب المتظاهرين في إيران

هدى مرشدي ـ كاتبة ايرانية 
موجة جديدة من المظاهرات بدأت ضد الفقر والبطالة والغلاء والنظام السياسي والحكومي الإيراني بكل أطيافه منذ يوم الثلاثاء الثاني من أغسطس في أصفهان وعدة مدن أخرى أيضا. نادى المحتجون خلال هذه التجمعات بالإضافة للشعارات الاقتصادية شعارات حادة ضد الحكومة الدينية. 
واجهت مظاهرات الأيام الأخيرة في المدن الإيرانية المختلفة ومن بينها شيراز، اصفهان، مشهد، كرج، الأهواز، رشت وساري ردة فعل وحشية وقاسبة من قبل الشرطة والقوات الأمنية التي كانت تتخفى باللباس المدني. 
شهدت الشوارع الرئيسية في شيراز مظاهرات احتجاج لعدد من المواطنين. لأول مرة، تشكلت الاحتجاجات على نطاق واسع في أحد المراكز التجارية المزدحمة في شيراز والذي يسمى تقاطع زند، وشارع داريوش. كان تشكيل هذه التجمعات في كثير من الأحيان بسبب الغلاء والمشكلات المعيشية، لكن شعارات المتظاهرين كانت سياسية وضد الحكومة إلى حد كبير. يريد المتظاهرون والمتمردون أن يظهروا بأي طريقة أن الغلاء والمشكلات المعيشية سببها سياسات الحكومة المناهضة للشعب والنظام الدكتاتوري الحاكم.
بعد هذه الموجة الاحتجاجية والغضب العام الذي أنهك النظام يظهر الينا مسعود رضايي ممثل برلمان النظام عن مدينة شيراز ليقول: “لا أعلم على وجه الدقة ماهي مطالب الشعب .. لكن ما هو مؤكد هو السخط الشعبي لعموم الشعب الإيراني على الوضع الاقتصادي والمشكلات المعيشية”.  
هذه الجملة مضحكة للغاية وتعبر عن التناقض الكبير الذي يعيشه هذا الممثل والذي سببه الصدمة والخوف والذعر من مواجهة حقيقة المجتمع. من الواضح للغاية أن انعكاس الغضب الشعبي الذي دق ناقوس موت هذا النظام وأعلن عن نواياه للعدو قبل الصديق. 
باختصار إذا أردنا بالنظر إلى حقيقة المشهد في إيران وصف الحالة نستطيع القول أنه مع تدهور الحالة الاقتصادية للبلاد يقدم النظام على صرف ميزانية البلاد خدمة لتصدير الإرهاب والتدخلات في دول المنطقة بدلا من وضعها في البنوك لتأمين أقل متطلبات الشعب الإيراني. في الحقيقة فإن الحالة تصبح كل يوم أضيق وأضيق على الشعب الإيراني و سفرة طعامهم تصبح كل يوم أصغر وفارغة أكثر كما لايمكن رؤية أي شعاع أمل لتحسن هذه الحالة أيضا. 
جميع المسؤولين الحكوميين من أعضاء البرلمان حتى مجلس الوزارء والوزراء يسعون بكل استطاعتهم لتطبيق أشد أنواع القمع ضد الشعب الإيراني نهب وسرقة أموالهم ومدخراتهم بشكل يومي. بحيث أن أهالي جنوب البلاد لايمكلون ماءا يشربونه ولكن الماء يتم تصديره إلى البلدان المجاورة في صفقات مخزية. المودعون لايملكون المال لكن تصرف مليارات الدولارات تكلفة للحرب وإراقة الدماء في سورية والعراق واليمن وافغانستان. 
باعتراف رسول خضري عضو اللجنة الاجتماعية في برلمان النظام فإن الفقر المطلق قد وصل إلى أكثر من ٥٠ % من تعداد سكان البلاد.
ممثل مجلس النظام هذا يتابع قائلا: “اليوم وصلت قيمة عملة سورية والعراق وافغانستان أكثر بكثير من قيمة عملتنا في حين أننا نملك من احتياطيات العملة الأجنبية ما يفوق ما تملكه تلك البلاد عدة مرات. أعتقد أن المشكلة من الإدارة الغير صحيحة وكما أن تعليق عمليات التخريب والاضطرابات برقبة العدو الخارجي يعتبر تنصلا من المسؤولية. حتى الآن لم تبدأ العقوبات ونحن نلقي كل شئ على رقبة العدو الخارجي. 
لكن الحقيقة الغير قابلة للإنكار هي أن احتجاجات العمال والمعلمين وبقية المطالبين بحقوقهم المتأخرة والمحتجين على تدني مستواهم المعيشي التي استمرت في الأشهر السابقة قد توسعت مع سقوط قيمة العملة الإيرانية حيث أن الشرائح وطبقات المجتمع الأخرى مثل الكسبة والسائقين ومالكي الشاحنات الثقيلة الغير قادرين على تأمين تكاليف معيشتهم ومصاريف عائلاتهم سوف يقدمون على الاحتجاج والتجمع والإضراب أكثر في الأيام القادمة. 
هذا ما يجب قوله بصوت عال لهذا الممثل ولبقية مسؤولي النظام الديني أيضا بأن مطالب الشعب الإيراني تتلخص كلها في كلمة واحدة ألا وهي تفكيك وإسقاط نظام ولاية الفقيه وإحلال الديمقراطية والحرية. 
حول هذا الموضوع أجابتنا من قبل السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية حيث قالت: “النساء والشباب الشجعان الذين أشعلوا فتيل هذه الإنتفاضة اليوم مرة أخرى بثبات في وجه قوات الحرس والبسيجيين وقوات الأمن المجرمة هم ممثلو هذه الجيل الثوري الذين أظهروا الغضب والكراهية الشعبي لعموم الشعب الإيراني من هذا النظام الفاشستي الديني الحاكم في إيران ولن يرضوا بأقل من تحرير الشعب والوطن”. 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…