قوات أردوغان تثأر لضحاك

علي شمدين
بعد تهديد ووعيد امتد لأشهر طويلة، أنطلق العدوان التركي على عفرين في يوم الجمعة (19/1/2018)، تحت إسم (عملية غصن الزيتون )، بذريعة مكافحة حزب (PYD)، وقواته (YPG)، التي تعتبرها تركيا  قوات إرهابية تابعة لحزب العمال الكردستاني (PKK)، ولكن في الحقيقة لم يكن النظام التركي يهدف من وراء حملته تلك سوى تحقيق أطماعه، ووأد أيّ حلم قومي قد يراود الشعب الكردي في سوريا.
وبالفعل فقد أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في يوم السبت  (20 /1/2018)، علناً وخلال خطاب متلفز له فى مدينة كوتاهية، بأن: (هذه العملية العسكرية لن تتوقف عند عفرين وحسب، بل ستكون مدينة منبج – التي يسيطر عليها الأكراد – هي التالية)، وقال: (سنطهر دنس الإرهاب الذي يحاول تطويق بلادنا حتى حدود العراق)، الأمر الذي سحب البساط من تحت أقدام كل الذين تطوعوا من اجل  تقديم الذرائع والمبررات للنظام التركي الذي يستهدف الوجود الكردي حتى في أدغال إفريقيا.
وبغض النظر عن المواقف الدولية والإقليمية المتخاذلة التي شجعت تركيا على المضي بحملتها العدوانية الشرسة، فإن إنقسام الكرد على جبهتي الحرب، وانشغالهم بتخوين بعضهم البعض، كان العامل الأخطر في حسم المعركة لصالح النظام التركي، ففي الوقت الذي ظل البيدا مستمراً في توزيع إتهاماته بحق الأنكسي، واعتباره شريكاً لتركيا ولقوات الإئتلاف الموالية لها في حملتها العدوانية على عفرين، فإن الأنكسي من جهته ظل مصراً على إلقاء مسؤولية الهجوم التركي على كاهل البيدا واتهامه بالتفرد والتسلط، وبالتالي تحميله تبعات كل ما يجري لعفرين وسكانها الكرد، وبين هذا وذاك ظل الشعب الكردي في هذه المنطقة يواجه بنفسه الآلة العسكرية التركية المدججة بمختلف صنوف الأسلحة المتطورة ويدفع الضريبة قاسية من دماء الأطفال والشيوخ والنساء.
وها هو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنفسه يعلن بتاريخ (18/3/2018)، نبأ انتصار قواته في اجتياح منطقة عفرين، ودخولها إلى قلب المدينة عشية نوروز لتقف وجهاُ لوجه مع تمثال كاوا الحداد رمز التحرر والانعتاق في التراث الكردي، الذي نجح في القضاء على الطاغية ضحاك رمز الظلم والقهر والاستعباد، فرأينا  كيف إنها قامت بسبق إصرار وتصميم بالثأر لضحاك والانتقام بحقد سافر لهذه الطاغية من خلال تحطيمه بالجرافات في مشهد مسرحي مؤثر.
فإذا كانت إدارة بيدا قد بادرت إلى تشييد هذا التمثال في عفرين تكريماً لهذه المدينة الكردية الأصيلة، وتقديراً لرمزية كاوا القومية في التراث الكردي، فإن جريمة إسقاطه من جانب قوات أردوغان وبالتعاون مع حلفائه في الإئتلاف السوري وميليشياته المسماة بالجيش الحر، يستحق من الأنكسي أن يسارع إلى اتخاذ موقف تاريخي مسؤول تجاه محطمي هذا الرمز القومي المقدس الذي يعتبر القاسم المشترك الذي يجمع الكرد أينما كانوا وبغض النظر عن انتماءاتهم وألوانهم، أم إن كاوا الحداد هو الآخر بات يحسب من أعضاء بيدا الذين تصفهم تركيا وإئتلافها بالإرهابيين ؟!.
18/3/2018

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس في لحظات التحولات الكبرى، لا يرحم التاريخ أولئك الذين عجزوا عن رؤية الإشارات حين كان بإمكانهم أن يتداركوا المسار، وعلى مفترق المصائر، لا يُقاس القادة بما كانوا يلوّحون به من شعارات، بل بما أنجزوه أو فرّطوا فيه عند الامتحان. اليوم، تقف حكومة أحمد الشرع عند منعطف مصيري خطير، وإلى الآن لا تزال أمامها فرصة حقيقية…

نظام مير محمدي * الجدية والحسم، مطلبان غربيان صارا يفرضان نفسهما على أي حوار أو تفاوض مع النظام الإيراني بشأن برنامجه النووي، ذلك إن هذا الموضوع قد إستغرق وقتا أطول بکثير من ذلك الذي يستحقه ويتطلبه. منذ أن بدأ الغرب بالتفاوض مع النظام الإيراني من أجل معالجة سلمية تضع حدا لظلال الشك المخيمة على برنامجه النووي، فإن الضبابية والغموض کانتا…

ألبيرتو نيغري النقل عن الفرنسية: إبراهيم محمود ” تاريخ نشر المقال يرجع إلى ست سنوات، لكن محتواه يظهِر إلى أي مدى يعاصرنا، ككرد، أي ما أشبه اليوم بالأمس، إذا كان المعنيون الكرد ” الكرد ” لديهم حس بالزمن، ووعي بمستجداته، ليحسنوا التحرك بين أمسهم وغدهم، والنظر في صورتهم في حاضرهم ” المترجم   يتغير العالم من وقت لآخر: في…

شادي حاجي مبارك نجاح كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي في روژآڤاي كردستان في قامشلو ٢٦ نيسان ٢٠٢٥ الذي جاء نتيجة اتفاقية بين المجلس الوطني الكردي السوري (ENKS) واتحاد الأحزاب الوطنية (PYNK) بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي بعد مفاوضات طويلة ومضنية على مدى سنوات بمبادرات وضغوط كردستانية واقليمية ودولية وشعبية كثيرة بتصديق وإقرار الحركة الكردية في سوريا بمعظم أحزابها ومنظماتها الثقافية…