الانتخابات العراقية وفوز قائمة الاستفتاء الكوردستاني

عمر كوجري
إنّ النّصرَ الذي حققته قائمة الاستقلال للحزب الديمقراطي الكوردستاني بزعامة الرئيس مسعود بارزاني ضرب كلَّ توقعّات المراقبين والمحللين السياسيين بعرض الحائط، وكسر الإيقاع المتوقّع حينما دخل الانتخابات البرلمانية العراقية بقوة، وبقائمة اعتمدت على نخبة الشباب والباحثين والمفكرين وأساتذة الجامعات من كوادر الحزب، وقام بحملة دعائية مركّزة لدعم قائمة البارتي قادها باقتدار جميع قياديي الحزب وكوادره، وعلى سبيل التخصيص القياديان الشابان البارزان في الحزب نيجرفان بارزاني، ومسرور بارزاني اللذان زرعا كلّ بقعة في كوردستان من تحرّكاتهما وهمتهما وحيويتهما التي امتدّت لتمدّ جماهيرَ البارتي بالعزيمة والإصرار على الفوز بأكبر قدر من المقاعد البرلمانية في بغداد كردٍّ حاسمٍ على المصفّقين الخونة الذين رأوا في الاستفتاء على استقلال كوردستان مؤامرة على خيانتهم وبيعهم لأنفسهم وكرامتهم في أسواق النخاسة الإقليمية، والارتهان لبغداد بغية الفوز ببعض المكاسب والمصالح الشخصية، 
ورأى هؤلاء بعين حولاء أن البارتي الكوردستاني هو الذي تسبّب في “المأساة” التي حلّت بكوردستان بإعلان الرئيس البارزاني وجماهير الحزب الواسعة المضي قُدُماً نحو الاستفتاء، وعدم تأجيله أو “ترحيله” إلى أجل غير مسمّى امتثالاً لرغبات هؤلاء التي سرعان ما انكشفت وبانت للعيان، وتوضّح للكوردستانيين كم أن هؤلاء رخيصون، باعوا كركوك، وكذا ضمائرهم بأبخس الأثمان!! وأن هذا الفوز الساحق يؤكّد وبشكلٍ لا لَبْس فيه أن الشعب الكردي يدعم المشروع القومي الكردستاني الذي يقوده البارزاني نحو الاستقلال وبناء دولة كردستان.
كان من الضرورة الحتمية أن تنجحَ قائمةُ الديمقراطي الكوردستاني، بل من المتوقّع لأننا هنا إزاء مشروعين متناقضين، مشروع يقودُه الرّئيس مسعود بارزاني، وجماهير واسعة ليس في جنوبي كوردستان فقط بل في باقي أجزائها، هو مشروع الكوردايتي، مشروع استقلال كوردستان، مشروع البارزانية الحقة، وتحقيق هذا الحلم الكبير، ومشروع آخر انبطاحي، تسويفي، شديد الجبن والاستزلام يقف بالضد من أماني وطموحات شعبنا وهو الذي قادته بفشل ذريع التكتلات السياسية التي باعت كركوك، رغم كلّ الدّعم المادي واللوجستي الذي تلقته قائمة العار الكردي من عواصم “الضد” من دولة كوردستان والتي لم تحصل حتى على دعم مؤيديها القلة الذين انضموا، وصفّوا مع هؤلاء “الخونة” ليس حباً بالخط السياسي لهؤلاء الطارئين، بل إمعاناً في معاداة الرئيس البارزاني باعتباره رمزاً وكاريزما شخصية للكرد في كل مكان، وكذا للبارتي الذي بدأ ينتعش، وينتشر، ويحلم باستعادة موقعه الطبيعي في أربعة أجزاء كوردستان. وأن هذا يعبّر بوضوح أن شعبنا سيبقى وفياً لشهدائه وقضيته .
نجاح قائمة البارتي، وحصده لمعظم الأصوات في كوردستان، وتحسين موقعه على الخارطة السياسية، وزيادة عدد مقاعده عن الانتخابات السابقة رغم غيابه “المتعمّد” في كركوك، وفي هذه بلاغة لن يصل إليها الأقزام من ساسة الضفة الأخرى، هذا النجاح يشير بأننا قريبون جداً من تحقيق النص الحرفي لدرس “الاستفتاء الكوردستاني” وهو: استقلال كوردستان.
زاوية ” العدسة” صحيفة ” كوردستان العدد 584 تاريخ: 15-5-2018

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…