المستقلون جزء من الحل..

م . رشــيد 
       جعل الحزبيون مشاركة المستقلين من عدمها في آليات  ومشاريع إيجاد الممثلية الكوردية في سورية  (مجلس سياسي، مؤتمر وطني، رؤية مشتركة … الخ ) قضية ً للخلاف والسجال في الشارع الكوردي عموم، والوسط الحزبي خصوصا ً، كي يستمروا في تحزبهم وتفرقهم وتخندقهم، وصوروا مواقف المستقلين ومواقعهم سبباً في تلكؤ الحركة من تنفيذ برامجها وإنجاز مهامها المنوطة بها … وتعاملوا معهم من منطق السلطة والقوة، ومبدأ الاحتواء والاستغلال، فضم كل حزب ٍ أفراداً معدودين (تحت عباءات خاصة) إلى مدارات خاصة حوله بمسميات ٍ معينة ووظائف ٍ محددة  ( إدلاء الشهادة، واكمال النصاب، واضفاء الشرعية، والتصفيق عند الحاجة، … )… وبذلك أفرغوهم مضموناً، وألغوهم حضوراً كجزء أساسي من الحل والتوافق.
     كما أن توفر عوامل ذاتية غير مرغوبة فيها  لدى بعض المستقلين سهلت مهمة الأحزاب في تقليص دورهم كما يتطلب وينبغي، أوإقصائهم كلياً من الساحة … ولعل المصالح الشخصية  الضيقة، والنزعات العائلية والتظاهرية والانتقامية العفنة  … هي من أبرزها، إضافة إلى أخرى لا نذكرها  !! . 
      فمن هم المستقلون ؟؟ وأيهم مقبولون من لدن الأحزاب ؟! 
      نعني بالمستقلين أولئك الأشخاص غير المنضوين تحت أي إطار ٍ حزبي منظم، وبالتحديد النخب الثقافية والاجتماعية والدينية … والكوادر المهنية والعلمية… التي لها حضور إيجابي واهتمام فعال بالشأنين القومي والوطني، والتي تمتلك إرادة ورؤية حرتين غير منحازتين، ولا تخدمان أية أجندات خارجية أوداخلية من شأنها التأثير سلباًعلى القضية الكوردية … والأفضلية هنا (حتماً وأبداً) للدماء الشابة النشطة وأصحاب المهارات والخبرات والمؤهلات… الذين ينتمون بفكرهم وسلوكهم وممارساتهم  إلى هذا الزمان، زمن العولمة والتغيير، عصر التقنيات الهائلة في الاتصالات والاعلام…
      ولكن لكل حزب معاييره الخاصة في تسمية المستقلين وانتقائهم ويبدوأن جميعهم يتفق على شروط ٍ أهمها : 
      1ــ ضرورة الولاء التام للحزب الذي يرشحه وينتخبه، وعدم الاعتراض على مواقفه وسياساته، والدفاع الأعمى عنه أينما حلّ وكيفما طلّ !!  .
       2ــ  وجوب اسداء الخدمات والمنافع المادية والمعنوية لزعامات ذاك الحزب المعني بأمره وتبنيه..
      ويظهر أن للأحزاب أساليب وآليات غير موفقة، أساءت إلى محاولاتها وتجاربها في اختيار المستقلين، وخاصة ً عندما يتعلق الأمر بإطار ٍعام ومشترك يضم أكثر من حزب وتكتل، حيث يكون الوضع أعقد وأصعب ! 
  وغالباً ما يقع الخيار على شخصيات ٍ تقليدية  غير كفوءة وغير صالحة، بسبب اعتماد  قاعدة القاسم المشترك الأدنى والذي لايتوفر إلا في الخامل والنادل، أوالجاهل الفاشل، أوالعاقل العاطل… ( مع احترامي وتقديري الشديدين لبعض المنخرطين).
      لقد آن الأوان للمستقل الحقيقي أن يكشف عن وجهه الوحيد، ويعلن عن خطابه الوحيد أمام جميع الأطراف بحيادية وبجرأة ٍ، وينتقد الأحزاب على تحميله أوزار فشلهم المتكرر، ومسؤولية خيباتهم المتتالية، وعلى ما آلوا إليه من تشرذم ٍ وتصارع وضعف…. في الوقت الذي نحتاج إلى رص ٍ للصفوف وتوحيد ٍ للجهود  أكثر من أي وقت آخر .. بغية قيادة الشعب الكوردي، والدفاع عن حقوقه ومطاليبه  ضمن الظروف الحياتية الصعبة، والأوضاع المعيشية  القاسية ( الراهنة )، علاوة على المشاريع الإستثنائية الجائرة التي تستهدف النيل من الكوردي في كل المجالات وعلى كافة الأصعدة، والتي كانت أبلغها وأمقتها  المرسوم 49  لعام 2008، والذي يعتبر اعلان حرب إبادة ضد الأكراد والبلاد…
      إن شرعية القضية الكوردية وعدالتها، تأتي من قوة حركتها، والتي بدورها تتوقف على ترتيبها وتطويرها وتوحيدها … على أسس واقعية وموضوعية، مع توفر الوعي والاخلاص والعزيمة والتضحية والجرأة…. 
     
وفي الختام نؤكد على أن المستقلين الفعليين والحقيقيين جزء ٌ هام ٌ وأساسي من الحركة الكوردية إلى جانب الأحزاب السياسية، ولا يمكن الاستغناء عنهم أوتهميشهم، واشراكهم هام ٌ وضروري في بناء المرجعية الكوردية وصنع برامجها السياسية وبناء أطرها التنظيمية … إذاً حضورهم عامل توازن ٍ وتوافق ٍ بين الأحزاب على أٌقل  تقدير، إضافة ً إلى أنه ترسيخ ٌ للديموقراطية، وتطبيق لقواعدها، وممارسة لأصولها  في الاعتراف بالآخر، والاجتماع به، والتحاور معه، ثم الاتفاق والانتخاب…  تحت سقف مؤتمر ٍ وطني كوردي عام ٍ وشامل .
20/7/2009
                        ———————–  انتهت ———————                                                  
نشر المقال في جريدة يكيتي العدد 171.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…