قراءة في مجزرة اليونان

الأمازيغي: يوسف بويحيى
مهما تحدثنا و فسرنا عن ما حدث في مخيمات اللاجئين الكورد باليونان سنجد أنفسنا نقتنع بنتيجة واحدة موحدة ،ألا وهي أن الإنسان الكوردي مستهدف أينما وجد و إرتحل ،علما أن العنصر الكوردي لم يقتل و لم يعنف إلا لأنه كوردي ،رسالة واضحة و خطيرة تفيد أن الكوردي غير مرغوب فيه كيفما كان لونه و شكله و ديانته و إديولوجيته…
جريمة مخيم اليونان ما هي إلا جزء صغير جدا لما عاشه الشعب الكوردي من كوارث حرب و قتل و إبادة و حرق و تصفيات و إختطاف و تعذيب منذ الأزل إلى الآن ،لم يكف اعداء الإنسانية يوما عن إبتكار الأعذار لقتل الإنسان الكوردي بكل وحشية و برودة ،نية في محوه من الحياة و الوجود نهائيا بأي شكل من الأشكال.
لم يسلم الإنسان الكوردي من تهم الخيانة و الولاء و المناطقية ليقتل على أيدي الكورد العملاء ،ولم يسلم من تهم الإنفصال و التمرد ليعدم و يسجن و يقتل و يعذب على أيدي الانظمة الغاصبة لكوردستان ،ولم يسلم من تهم الكفر و الإلحاد و الزندقة على أيدي تجار الدين و مجرمي الفتاوي التكفيرية ،كما لم يسلم من الإجرام و الإنتهاك في أي بقعة أرض إنتقل و تواجد فيها ،فقط لأنه كوردي صاحب حق و قضية.
السؤال المحير لماذا لم يهجم مجرمو عرب “دير الزور” على اليونانيين بتهمة الإفطار في رمضان علما أن أغلبيتهم مسيحيين؟! ،هنا يتضح أن المسألة ليست لفرض شريعة دينية مريضة بل كمبرر لقتل الكورد ،أو لماذا لم يهجموا على مخيمات العرب المفطرين علما أن العرب ليسوا جميعا مسلمين و صيام ؟! ،ما يثبت أن المسألة عرقية و هوياتية ذات مرجعية نظامية قائمة على الحقد و الكراهية و فرض الذات ،من جهة ثانية تعود بنا إلى تاريخ الغزو العربي الإسلامي بحق الكورد و غيرها من الشعوب المضطهدة.
إذا كان العرب عموما و عرب “دير الزور” خصوصا يعتبرون هذا جهادا فلماذا هربوا إلى اليونان تاركين “دير الزور” في قبضة داعش ،والتي حررها الكورد لهم مع العلم أنها حرب مجانية على الكورد ،أليس لهم أن يظهروا شجاعتهم دفاعا على شرف أمهاتهم و أخواتهم اللواتي كن راقصات و ملاذ للدواعش في المعسكرات إلا بعد تدخل الكورد لتحريرهن ،بينما شباب “دير الزور” البطل هرب إلى جنان و نعيم أروبا تاركين شرف أمهاتهم وراءهم ،أين كانت تلك الرجولة و الشهامة و النخوة و الإيمان و ملايين من العربيات اللاجئات يمارسن الدعارة الرخيصة و الراقية في تركيا و الخليج العربي…بل العجيب أن كل من تركيا و الخليج العربي بلدان إسلامية كما تزعمون و هم.
الكل يعرف أن في اليونان مقرات و معسكرات العمال الكوردستاني و له قاعدة جماهيرية غفيرة و الذي يدير مخيمات اللاجئين هناك ،لماذا لم يتحرك حرقة على بني جلدته و دفاعا على دمه المهدور ظلما ،أقسم أن العمال الكوردستاني لن يتحرك و لن يحرك ساكنا مادام الضحية كوردا ولو كانوا أوجلانيين ،لأن تجاربه التاريخية أثبتت بأنه بدون روح كوردية و مصطلح “الكوردستاني” لا يوجد في إيمانهم مطلقا ،نظرية إخوة الشعوب خدمت الجميع إلا الكورد و مقاومة العصر دمرت الكورد قبل العدو ،نظرية غاصبة تشمل و تخدم كل الشعوب إلا الكورد.
على الكورد الإستنتاج أن الإسلام السياسي و الماركسية الستالينية لن يقبل روادها بالشراكة و قبول الكورد مهما كانت إنتماءاتهم الدينية و الفكرية و الإيديولوجية قريبة منهم ،بل يبقى الكوردي مستهدفا و محتقرا و دون الشيء في نظر العربي و التركي و الفارسي إلى ان تقوم الدنيا بما فيها ،لهذا فلا سبيل إلا التشبت بالفكر القومي و النضال لأجل دولة قومية كوردستانية. 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…