روني علي
أعتقد أنه لا أحد يمتلك القدرة أو الحجة في أن يطعننا، نحن الكرد في كردستان سوريا، على أننا لا نواكب الأحداث، أو أننا بمنأى عن المتغيرات..
ولا أحد له الحق في أن يتهمنا بالعقم أو السقم، في مشاركتنا الدؤوبة، وجهودنا الحثيثة في رفد الحراك السياسي، سواء الوطني منه أو القومي، بغية تفعيل وتنشيط أدوات الحراك، ومن ثم الارتقاء بالمفاهيم وخيارات الفعل النضالي، خاصةً إذا كان منفتحاً، وممتلكاً لأدنى مقومات الذهنية الديمقراطية، ومؤمناً بالتعددية، سواء السياسية منها أو الحزبية، شريطة أن يكون متحرراً إلى حد ما عن آفة الحسد، وغير متحامل على المستقبل الذي نهدف التأسيس له وفق مشيئتنا، لأننا نفوق الكل في امتلاكنا للقدرة والخبرة في صناعة المنتج الكردي وطرحه للاستهلاك المحلي في صورة حزب سياسي، وذلك على النقيض من المصانع المنشغلة بصناعة المعجنات أو ما شابهها..
فمن يستطيع أن يجاري الكرد، أو يبارزهم في إنتاج الحزب السياسي..؟ ثم من يمتلك القدرة ذاتها في إيجاد القواسم المشتركة بين العوائل الحزبية..
فهذه صناعة كردية وبطريقة كردية، وما علينا سوى تسجيل الماركة تحت الرقم الكردي حتى لا يجادلنا أو ينازعنا فيها أحد، بغية انتزاعها منا مستقبلاً ..
إننا ننطلق من قناعة أنه كلما كثرت الأحزاب، ومهما كانت شكلها وشاكلتها، كلما كانت الأصوات المنادية بالتغيير في تصاعد، وكلما اتسعت الدائرة العددية في صناعة القيادات، ومهما كانت صورتها وطاقاتها، كلما ارتقى المجتمع وعياً ومعرفة، وبالتالي استطاع الكرد أن يصنع لنفسه موطئ قدم ضمن خارطة التوازنات الحزبية والسياسية..
وهذه حقيقة، وفق معادلة الحراك السياسي والتراث الثقافي في بناء الحزب، ضمن آفاقنا وملكاتنا المعرفية، وبالتالي فنحن الكرد نصنع الحزب وفق مقاساتنا، بعيداً عن الأفكار الدخيلة، والثقافات المستوردة، كوننا نؤمن بالمنطق الذي يقول؛ أن الحب لا ينجب، وأنه لا يشترط في الزواج وجوده، بل أن الزواج هو الذي يولد الحب، وبالتالي، فنحن الكرد، وخاصةً النخبة منه، لا نبحث عن البرامج أو المشاريع حين صناعة الحزب، لأننا على قناعة بأن هذه المدلولات هي من ملحقات الصناعة، فالأهم بالنسبة لنا هي الصناعة، وإذا ما اعترض طريقنا عائق أو عثرة، فسوف نلجأ إلى الأطر التجميعية، أو حتى إلى صناعة مرجعية تكون هي الكفيلة بإنتاج الحلول وابتداع المخارج، وبالتالي الحفاظ على ما هو قائم، من مكاسب ومناصب، خاصةً ونحن نمتلك تجارب عديدة في هذا الصدد..
فنحن أصحاب فكرة ابتداع المجلس العام، وأصحاب خلق الأطر على يمين أو يسار الأطر، وكذلك أصحاب نشر ثقافة التجميع..
وإن كان هناك من لا يحلو له الارتقاء ويبحث دائماً عن اختلاق المشاكل، أو يقزم الإنجازات، حين يوحي بأن ما نقدم عليه هو إدارة الأزمة..!! فبالله عليكم إلى أين سنذهب بهذا الكم من الأحزاب، وكيف نوظف طاقات هذه الطواقم من العناصر الفاعلة في القيادات..؟..
أو ليس المنطق يقول بأن الكيف هو من نتاج الكم..
أم أن المعادلة تتغير إذا ما تعلقت بالشأن الكردي، وبالتالي نهدم أحزابنا المنتشرة طولاً وطولاً..
!؟
ألا يفكر هؤلاء السوداويون والعدميون والسطحيون، الذين لا يعجبهم العجب، بأن الحزب له ضروراته للفرد وللجماعة، خاصةً إذا كانت الجماعة على دراية بما هو مدون في النظام الداخلي؛ على ولاء وتبعية القاعدة للقائد، وأنه قد يستجد في الأمور، ولصالح القضية الكردية، بأن يكون القائد مضطراً في أن يقاض الحزب بمقابل ما، أو على موقف ما، أو بصدد مشروع أو حتى صفقة ما، وما الضير لو أن القائد قد استفاد ببعض الأسهم، أو ليس هو ولي الأمر وصاحب الحزب، أم أن الحزب صنع وخلق فقط ليكون حزباً لا فائدة ترجى منه..؟!.
وعجبي من الذين لا يقرؤون الوقائع بناءً على الواقعة، وإنما يحاولون تقزيم الإنتاج الكردي على مشرحة الوعي والمنطق..
فما دخلنا بكل هذه الترهات إذا كنا مستفيدين من الحالة القائمة، أو ليست السياسة في جوهرها منتوج براغماتي، وحالة توافقية بين المصالح، وكذلك فن لإدارة الآراء..؟!.
دمتم ودامت عافية الحزبوية والتحزب، في الحزب وخارجه، إلى أبد الآبدين ..