التعذيب في السجون – الوسائل والآثار

محي الدين عيسو


يعتبر التعذيب من أسوء المعاملات الإنسانية  في التاريخ البشري لما له من أخطار جسيمة على الإنسان من الناحية الجسدية والنفسية والاجتماعية وخاصة في أقبية سجون الأجهزة الأمنية التي مهمتها الأولى والأخيرة التعذيب ثم التعذيب ثم التعذيب حيث يتعرض لها المعتقل سواء كان سياسياً أو جنائياً ، وقد مرت المجتمعات البشرية عبر عقود طويلة بأنظمة مختلفة مارست التعذيب بحق المواطن، وكانت الوسائل المستخدمة مكشوفة وبدائية ، أما في العصر الراهن فإن التعذيب يستخدم على نطاق واسع وبوسائل أكثر تطوراً وبتقنية عالية من أجل تدمير شخصية المواطن ، بحيث يصبح هذا المواطن أمام حالة من اللاوعي في الطاعة والولاء للنظام الحاكم والأجهزة الأمنية .
فعلى الرغم من أن العهود والمواثيق الدولية قد حرمت التعذيب واستخدام العقوبات القاسية واللإنسانية بحق المواطن لكن الأجهزة الأمنية في الدول العربية مازالت تمارس هوايتها في قتل كل ما هو جميل داخل الإنسان دون حسيب أو رقيب فقد نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه ” لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة  أو العقوبة القاسية أو اللانسانية أو الحاطة بالكرامة ” كما نص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المادة السابعة على ” لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة  أو العقوبة القاسية أو اللانسانية أو الحاطة بالكرامة وعلى وجه الخصوص لا يجوز إجراء أي تجربة طبية أو علمية على أحد دون رضاه الحر “
حيث تمارس الأجهزة الأمنية التعذيب في المعتقلات والسجون  عبر جميع الوسائل المتاحة والمقصود بالتعذيب حسب اتفاقية مناهضة التعذيب لسنة 1984 ” أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد ، جسدياً كان أم عقلياً ، يلحق عمداً بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص أو من شخص ثالث على معلومات أو على اعتراف أو معاقبته على عمل أرتكبه أو يشتبه أنه أرتكبه هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث ، أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أي كان نوعه ، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية ”  من الوسائل المستخدمة في التعذيب :
1 – الضرب : حيث يستقبل الموظف أو العنصر الأمني المعتقل بالضرب منذ لحظة إلقاء القبض عليه ويستمر ذلك في فترة التحقيق ويتم  إجباره على الاعتراف على الأشياء التي ارتكبها أو لم يرتكبها ، ويكون الضرب على كافة أنحاء الجسم بالأيدي والأرجل والكبلات وخاصة في الأماكن الحساسة من جسم الإنسان لتهيئة المعتقل إخافته والحط من كرامته .
2 – الحرمان : يتم حرمان المعتقل لساعات طويلة وأحياناً لعدة أيام من الأكل والشرب والدواء كما أنه يحرم من زيارة الأهل والأقارب لسنوات عديدة ، فقد ذكر معتقلي أحداث القامشلي في آذار 2004 بأن الوجبة الأساسية من الأكل كانت رغيف من الخبز الجاف وقرص من الفلافل الجافة والماء كان قليلاً ، وكذلك الحرمان من النوم وسكب الماء البارد أو الساخن على المعتقل أثناء النوم ليصل في بعض المراحل إلى حالة الانهيار العصبي .
3 – الصعق الكهربائية والحرق : يتم تعرية المعتقل داخل غرفة التعذيب وتبليله بالماء ثم يتم توصيل شريط كهربائي بأصابع المتهم أو الأجزاء الحساسة من جسمه  ، وكذلك حرق المتهم بالسجائر والأدوات الحديدية على مختلف أنحاء الجسم .
4 – تعرية المعتقل من ملابسه وتهديده بالاغتصاب وفي كثير من الأحيان يتم وضع قارورة في مؤخرة المتهم بغية أهانته وتهديده باغتصاب أهله .
5 – السجن الانفرادي لسنوات عديدة وحرمان المعتقل من الزيارات الدورية .
6 – الكرسي الألماني
هذه بعض من وسائل التعذيب في سجون الأجهزة الأمنية وقد نتجت عنها أمراض عديدة للمعتقل بعد خروجه من السجن مثل مرض فشل الكلوي والديسك نتيجة الضرب المبرح على الظهر وأمراض الجهاز العصبي والهضمي والتناسلي بالإضافة إلى الأمراض النفسية حيث تبقى آثار التعذيب النفسي على المعتقل حتى بعد خروجه من السجن ولا يعد قادراً على التأقلم مع وسطهك ل هذه الممارسات الغير إنسانية تحدث في سجون السلطة الاستبدادية بسبب العقلية الأحادية ورفض الآخر في المشاركة بالعملية السياسية وغياب لا بل تغييب المنظمات الحقوقية عن ممارسة دورها في الزيارات الدورية للمعتقلات وتأمين الحاجيات الأساسية للمعتقلين
وأخيراً : بالرجوع إلى تقارير لجان حقوق الإنسان والمنظمات الدولية فأن التعذيب يحدث نتيجة للحالات الثلاث : حالات التمييز العنصري ، وحالات الحرب الدولية والأهلية ، وحالات الظروف الأمنية الداخلية حيث تفرض في الحالات الثلاث قانون الطوارئ والأحكام  العرفية فيتم اعتقال المواطنين لأي سبب كان دون أي مسوغات قانونية ودون محاكمات علنية أو محاسبة المسؤولين عن التعذيب .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…