سيامند إبراهيم
ينتابني شعور فيه الكثير من المرارة, وأنا أقرأ في الصحف السورية تهجماً من بعض الأقلام العروبية التي تتمترس وراء سياسات معينة, وهي تغوص في مواضيع شائكة تاريخياً وسياسياً و تستهر بمشاعر الشعب الكردي؟! وهي لا تكتفي في اتخاذ المواقف الهجومية على بعض رموز قادة الأكراد بمناسبة وغير مناسبة, بل نستطيع أن نوسم هذه الأقلام ونصنفها بأقلام تحت الطلب, أو بعبارة أخرى أقلام تسترخص نفسها كثيراً
وفي أحداث 12 آذ1ار رأينا وقرأنا للكثيرين الذين كانوا يبثون سمومهم الحاقدة اتجاه الأكراد, وآخر من ولج طابور الحاقدين هو ما كتبه السيد غسان الشامي في صحيفة الثورة –العدد 13155 – الأربعاء 8 تشرين الثاني 2006- ومقالته تحت عنوان (تشاور) وفي هذه المقال يتناول أوضاع المنطقة ويتناول عودة وليد جنبلاط وعودته من أمريكا, وأخيراً عاد وليد جنبلاط من أمريكا محملاً بقناعة….
محيلاً عناده إلى أصوله الكردية.
والعناد ما أشيع شعبوياً في الموروث على ألسنة بعض العروبيين عن الأكراد لهو مبعث فخر واعتزاز في بعض المواقع التي تتطلب مواقف رجولية ومسئولة من قبل القادة العظام في التاريخ الكردي, أما من جهة كاتبنا الشامي فهو الغمز من قناة أخرى, فإننا نستنكر مفهومه هذه, وأحب أن أذكره بحكمة وثبات وعناد جده القائد صلاح الدين الأيوبي الكردي, ويستطرد في مقالته الخشبية في تناوله رمزاً آخراً من رموز الأكراد ويعق على عودة الرئيس السابق أمين الجميل عن عودته من أربيل عقب لقاءه “الملا مسعود البار زاني وزيارة البزنس”.
يبدو من كلمات هذه المقالة العتيدة ظاهرة التشفي من الأكراد في بداية المقال حيث يركز السيد الشامي على عناد جنبلاط إلى أصوله الكردية, نعم هو يقر بأصول عائلة جنبلاط العريقة إلى أصولها الكردية, وهو فخر لنا نحن الأكراد وخاصة في تاريخ عائلته المشرفة, وقد كان الأمير علي جنبلاط كان حاكم كلس وحلب في القرن الثامن عشر, وقد ثار ضد السلطنة العثمانية, وبعد فشل الثورة هرب إلى جبل لبنان واعتنق المذهب الدرزي, وأصبحوا من أكبر الزعامات في جبل لبنان, وقد لعبوا دوراً مهماً ومشرفاً في تاريخ لبنان السياسي الحديث, وقد كان المرحوم كمال جنبلاط من أبر الداعمين للقضية الكردية وله الفضل في منح جميع التراخيص للأندية الكردية الثقافية والسياسية في لبنان ( الحزب الديمقراطي الكردي) جمعية الأرز الثقافية الرياضية, (جمعية الكردية الخيرية في البسطة), نادي الأرز الرياضي في بيروت, جمعية نوروز الثقافية, والترخيص لجريدة صوت الأكراد في السبعينيات.
وأما بالنسبة لوليد جنبلاط فهو رجل سياسة له رؤاه الخاصة ينظر إلى الأمور بعين تغاير نظرة أي سياسي آخر وهو بعيد كل البعد عن مواقف ودعم القضايا الكردستانية وإننا كأكراد نختلف معه في الكثير من القضايا الشرق أوسطية, اللبنانية والسورية, مثل دعوته الصارخة واستنجاده بأمريكا لإسقاط النظام السوري بهذا الشكل الصريح؟! لكن وليد جنبلاط يتحرك في سياق تحقيق مكاسب ذاتية فردية له بالدرجة الأولى, وتحقيق مصالح طائفته الدرزية ثانياً ضمن وجودهم في لبنان.
وأما في الشق الثاني من مقالة السيد الشامي وبتهجمه على السيد مسعود البارزاني واسماً إياه بالملا مسعود وهو في نعته هذا يتجاوز حدود اللباقة الأدبية في الكتابة بتشويه اسم السيد مسعود البارزاني ابن المناضل الملا مصطفى البارزاني صاحب التاريخ العريق في النضال الكردي العراقي, وما زيارة الرئيس أمين الجميل لأربيل إلاّ وكونها زيارة عادية لأية شخصية لبنانية مثلها مثل أية زيارة لشخصيات عربية مصرية لبنانية أو أجنبية تزور أقليم كردستان وليس وراء هذه الزيارة أية أجندة سياسية ضد سورية لا سمح الله, في كل الأحوال نستشف من كلمات السيد غسان الشامي خطاب التشفي والبعد عن الموضوعية في كتاباته ويبتعد عن أخلاق الكتابة الصحافية والشفافية في معالجة أمور الكتابة المسئولة وأحب في الختام أن أستذكر له شيئاً في التاريخ وأهمس في أذنيه بأنه عندما دخل الجنرال غورو إلى سورية هب القائد الكردي يوسف العظمة ومعه العشرات من الوطنيين الأكراد في الدفاع عن سورية في ميسلون, وأؤكد له وليسأل هو الشوام من أي حي عربي شامي وضعوا حصان عربة غورو جانباً, ووضعوا أنفسهم بدل الحصان, وجروا عربته من مكان الاحتفال إلى مقر إقامته, إذاً على أمثال السيد الشامي قراءة التاريخ جيداً والكتابة بموضوعية ومسئولية.