كما يرد في الأخبار فان المدفعية التركية وبالتزامن مع إطلاقات القوات الإيرانية، تدك بين فترة وأخرى القرى والمناطق الكوردستانية المتاخمة لكلتا الدولتين وتلحق خسائر ملحوظة بالأرواح والممتلكات، إضافة إلى نشر الرعب بين السكان الآمنين وإجبارهم على النزوح إلى مناطق اخرى..
وكل هذا يجرى بذريعة مكافحة تجاوزات حزب
العمال الكوردستاني والقضاء على أنشطته في داخل أراضيهما..
ناهيكم عما يجري من معارك وإشتباكات ضارية ويومية بين القوات التركية والمقاومة الكوردية داخل المدن في شمال كوردستان..كل مطلع على طبيعة العلاقة بين الكورد والنظام التركي ومنذ تأسيس الجمهورية التركية، يدرك جيدا أنها كانت دائما وابدا تتصف بالتشنجات والمواجهات والمناوشات، وبالتالي كانت تنطوي على الملاحقات والتصفيات والتدمير والإعدامات من جانب الطرف التركي، ولم يَقدم الأتراك في يوم ما على التفكير ـ وبجد ـ في إيجاد حل وذلك من خلال الإستماع لممثلي الكورد والجلوس على طاولة المفاوضات..
الحل الوحيد لديهم والذي لم يؤد إلا إلى متاهات اللاحل، كان اللجوء إلى القوة لإسكات ألأصوات المطالبة بحقوقها، والمراهنة على وصف كل مقاومة بالإرهاب وافرادها بالإرهابيين، أو ملاحقة المناهضين من خلال إختراق أجواء أو اراضي الغير بإذن أو من دون إذن..
ولا ريب فان كل ما قاموا به، لم يفدهم في شئ سوى إزدياد الكراهية والمقت ضدهم، ومضاعفة عدد الضحايا الذي إقترب من 40 الفا من الجانبين خلال أقل من عقدين من الزمان.
واليوم وبعد أن جمعت تركيا حوالي ربع مليون جندي في مدنها الكوردية وعلى الحدود مع كوردستان الفيدرالية، فانها تنتهز كل فرصة للإنقضاض على التجربة الكوردية، بحجة مكافحة الإرهاب ، في وقت جل مواقع المقاومة الكوردية تقع في تركيا وكل الإشتباكات والمعارك والصراعات تكاد تجري على أرضها وليس في الطرف الاخر.
ناهيكم عن رفضهم نداءات الحكومة الكوردية للتوسط بينها وبين المقاومة، حقنا للدماء وتثبيتا للسلام،
ومن أجل إيجاد حل للمشكلة التي اصبح عمرها اطول من عمر كل مشاكل العالم قاطبة.
أكتب هذا والمعارك الإسرائيلية اللبنانية توقفت وتوقف إطلاق النار ووضعت الحرب أوزارها، وذلك بعد 34 يوما من الدمار والوأد والعدوان الإسرائيلي الذي لم يسبق له مثيل في التاريخ إلا ما ندر..
تلكم الأيام التي لا يمكن تشبيه أهوالها إلا بما جاء في ( إذا زلزلت الأرض زلزالها )، وبعد أن حسبت إسرائيل ان لا يقدر عليها احد وأن قوتها وتقنيتها ـ التي شهد لها العالم وشهدت لها جيوش عربية هزمت أمامها ـ سوف تنتصر على خصومها وتصبح المنطقة والأطراف تحت إمرتها وتتحقق اهدافها التي رسمتها عقولها..
ولكن جرت الرياح بما لم تشته السفن، وانقلبت الآية واصبحت الحرب بلاء ووبالا عليها..
كل ذلك لظلمها وتجاوزها وغرورها وجبروتها وعجرفتها التي صورت لها أنها سوف لا تقهر أمام الفئة القليلة التي لا تملك من القوة الضاربة إلا ما هو متواضع قياسا لما تملكه هي، ولا تنهزم أمام شعب اعزل لا يملك إلا الدعاء والدموع والتوجه إلى السماء.!
إذا أرادت تركيا أن تقلد إسرائيل في خطأها ـ الذي بدأت أصوات في إسرائيل نفسها تعترف به ـ وتجرب حظها مع الكورد وتجتاح كوردستان الفيدرالية، فهذا هو النموذج أو المأزق الإسرائيلي الحديث الذي حذر الكاتب التركي العاقل دريا سازاق حكومته قبل فترة، من تطبيقه ومخاطرالوقوع في وحله..
إضافة إلى انها سوف تواجه شعبا أعطى خلال نضاله اكثر من نصف مليون شهيد وقد خبر من تأريخه أن ( الإرادة الكوردية ) كما (الإرادة اللبنانية) اليوم كفيلة بأن تهزم اكبر قوة على الأرض، فكيف بقوة محتلة.